18 أكتوبر، 2024 8:17 ص
Search
Close this search box.

حوار الفرقاء .. ومستقبل العملية السياسية .. قراءة وتحليل – الحلقة الثانية

حوار الفرقاء .. ومستقبل العملية السياسية .. قراءة وتحليل – الحلقة الثانية

مما لاشك فيه ان الخلاف الحاصل بين طرفي النزاع التيار والاطار هو ليس اختلاف في وجهات نظر او بالرؤى البنيوية في كيفية ادارة الحكم .

بل الموضوع اعمق من هذا ، هو خلاف وتصارع من اجل الوجود و النفوذ و الاقصاء والتفرد بالزعامة ، وتصارع على السلطة . فما نرى ونسمع من ان الحوار بين الفرقاء سوف ينهي حالة الخصام اجدها من وجهة نظري هذه الدعوة ليست موفقه مادام كل طرف يرفض وجود الاخر فما قمية الحوار !؟.

واذا اردنا بيان مفردة الحوار لغة واصطلاحا سوف نثبت برهانيا ان المفردة لايمكن ان تنطبق على مصداق وحقيقة المتخاصمين وهم التيار والاطار ، وما يؤكد صحة القول هو ورود الاتي .

الحوار في اللغة – من حاور يحاور محاورة، وقد ورد في مصدر تاج العروس أن الحوار يعني تراجع الكلام ، كما ورد ايضا بمصدر لسان العرب لابن منظور تحت الجذر (حور) وهم يتحاورون أي: يتراجعون الكلام. والمحاورة: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة.

إذن الحوار في اللغة، هو الرجوع عن الشئ، والارتداد عنه، وحار عن الأمر وإليه (رجع عنه، أو إليه).

الحوار في الاصطلاح  : (مراجعة الكلام، وتداوله، بين طرفين، لمعالجة قضية من قضايا الفكر، والعلم، والمعرفة.. بأسلوب متكافئ، يغلب عليه طابع الهدوء، والبعد عن الخصومة) . 

ومن الواضح والمعلوم ان اي عملية حوار ان شاء لها ان تعقد وتصل الى مبتغياتها الحوارية لابد من توفر  فيها ثلاث فواعل اساسية  وهما .

الفاعل الاول :- ادب الحوار

الفاعل الثاني :- فوائد الحوار

الفاعل الثالث :- ضوابط الحوار

فأن هذه الفواعل تتمخض منها عده قواعد تحكم ايقاعية نمط الحوار ليكون الحوار بناء وفاعل وحسب مقدمات اصولية تعطي اكولها بنتائج مرضية ومقبولة عقلا . 

الفاعل الاول ادب الحوار – للحوار اداب جمة ولست في معرض الحصر لها، بل حصر ما يخدم منها و ينبغي على الاطراف جميعهم التحلي والالتزام بها و بمضامينها التي تعد اساسية لنجاح اي حوار حتى لايتحول الكلام في الحوار الى مراءات ، او جدال ، وعنجهية ، وعناد ….

وعليه ينبغي على اطراف الحوار التمسك بأهم القواعد في ما يتعلق بأدب الحوار وهي كما سنبين. 

القاعدة الاولى :- العلم المسبق لكافة الاطراف ، بالموعد مع تفصيل كامل بمواضيع الحوار . 

القاعدة الثانية :- ان يكون لدى كافة جهات واطراف الحوار ، القدرة والتحلي بالجرأه ، والشجاعة ، على الاعتراف بالخطأ، 

القاعدة الثالثة :- تأدب كل طرف مع الاخر بأختيار الالفاظ المناسبة التي يرتضي المحاور ان يسمعها من خصمة  .

القاعدة الرابعة :- احترام كل طرف معتقدات ومتبنيات الطرف الاخر ، ومبادئه ، وان يكون الدافع الرئيسي لجميع اطراف الحوار البحث عن الحقيقة، بعيدا عن الغضب وان يسود اجواء الحوار الاعتدال بالطرح والمرونة والقدرة على التعبير دون تشنج .  

القاعدة الخامسة :- الاصغاء للطرف الاخر ، والاستفادة من طرحة ، وكبت جماح النفس من الرغبة في الجدال ، والتفهم والاصغاء الى المتكلم ، وان يتصف طرفي الحوار بصفة الحلم . 

 

الفاعل الثاني فوائد الحوار 

لايخلوا اي حوار من فائدة وهذه السمه تعد من سمات الانسانية ، فأن الانسان ميال بالفطرة الى الحوار ، وطالما الحوار موجود فيمكننا القول ان التوصل للحول ممكنه اذا توفرت العوامل الاتية فيمكن للحوار ان يحقق المبتغى والنتيجة المنشودة  بالتمسك بهذه العوامل. 

العامل الاول :- تبادل الرؤى والافكار بين المتحاورين الفرقاء والاستفادة من طروحات كل طرف . 

العامل الثاني :- تنمية التفكير وصقل الاراء من خلال وجهة نظر الطرف الاخر ، ومن الممكن تولد افكار جديدة خرجت من رحم الحوار . 

العامل الثالث :- التخلص من الافكار الخاطئة ، للوصول الى الحقيقة المنشودة .  

 

 الفاعل الثالث ضوابط الحوار :- 

من مسلمات نجاح اي حوار يعقد لابد من ان يحكمة ضابط  يحكم  حركة وايقاء الحوار كي لايكون الحوار عبارة عن مهاترات واتهامات تفتقد للموضوعية في الطرح مما يتسبب  بتشنج الاجواء الحوارية وخروجها عن الهدف المطلوب . وعليه لابد من توفر اربع ضوابط تعد اساسية لنجاح اي حوار وهي : 

الضابط الاول :- تقبل الاخر والاعتراف به واحترام حقه في الاختلاف والتعبير . 

الضابط الثاني :- العلم وصحة الدليل واعتماد البرهان في الدفاع والتفنيد . 

الضابط الثالث :- حسن القول في اختيار المفردات والكلام وتجنب الالفاظ الجارحة وعبارات السخرية . 

الضابط الرابع :- الانصاف والموضوعية والاعتراف بصحة رأي المحاور والاذعان للحق عند تبيان صدق الحجج  . 

 

اعتقد ان هذه الفواعل الاساسية بمضامينها تعد من العوامل التي يمكنها النجاح في اي حوار شرط ان يتقيد المتحاورين بها ويتخذونها منهجا لحوارهم ، عندها تكون المخرجات للحوار ملازمة بألزام الاثبات للمقدمات كونها صحيحة .. وكما يعبر اهل المعرفة والاخلاق بأن (  رأس الادب كله الفهم والتفهم )  .  

وبالرجوع الى طرفي الصراع والدعوة الى ايجاد طاولة حوار تجمعهم ، نرى ان طاولة الحوار من كلا الفريقين المتخاصمين ليست مرفوضة من حيث الشكل بل هنالك رفض لها من حيث المضمون ، نتيجة الاشتراط الذي وضعة التيار الصدري مقابل جلوسه في طاولة الحوار ان تكون هذه الجلسة علنية . 

 هذا هو شرط التيار الصدري مقابل الاعتراف بالاخر الاطار التنسيقي للجلوس والتحاور معه ، وشرط هذه  الجلسة يجب ان تكون علنية وتبث وتنقل الى الشعب ليكون هو الفيصل لها والقاضي فيها ، بأعتبارة هو مصدر السلطة والقرار والتشريع . 

 وهذا المطلب من حيث الشكل والمضمون لايوجد فيه خله او شائبة وهذا ينم عن قدرة التيار الصدري بأن يتلقى نقد الخصم علنا ولايتخوف منه كونه عازم على مواجهة الحقيقة المتمثلة برأي الخصم واطلاع الشعب مهما كانت ، وهذا ما يعطي له ثقلا في المواجهة  . 

اما خصمه الممتنع من هكذا جلسه حوارية لايعرف ماذا يخبأ له خصمه ، نرى انه يرفضها ولايمكن قبولها . 

فأن رفض الاطار التنسيقي  ليس للحوار بل الجلسة العلنية يرفضها ويريدها ان تكون جلسة الحوار سرية ، وهذا المطلب فيه شيء من الصحة ولايخلوه من المصلحة الحزبية لطرف الاطار التنسيقي . 

وكلا المطلبين لهما وجه حق نتيجة اختلاف المتبنيات الفكرية والعقائدية ، وسوف نبين ذلك لاحقا ، حيث كما قلنا ان التيار حوكمته المحورية عقائديا،  اما الاطار فأن مدار السلوك والتحرك محكوم وفق الهوى الحزبي بالوصول للوسيلة المنشودة ولا غايات تقيده مادامت توصله لمراده . 

فأن الشرط الموضوع من قبل التيار الصدري بأن تكون الجلسة علينية يعد شرطا صعبا جدا للتيار اولا وتحدي واضحا لقيادات الاطار التنسيقي ثانيا . 

فقيادة الاطار امام خيارين احلاهما امر من الحنظل ، اما رفض الشرط وعدم الجلوس وهذا ما سيدفعهم لمواجهة الشعب وسوف يؤكدون حقيقة  كل ما يقولة التيار الصدري  وماكناتهم الاعلامية بحق قيادات الاطار من فساد وهدر وسرقه وغيرها من الامور المختلف عليها من اتهامات  ، واما قبول الشرط والمجازفة في عالم المجهول بلحاظ انهم لايعرفون ما يخبأ لهم الصدر من ملفات يمكن طرحها وهذا ما سوف يجعل الباب مفتوحا امام  التأويل والتكهنات وكل شارده و واردة سوف لايغفل الشعب عن رصدها . ولا استبعد من حصول غليان شعبي وثوره على الساسة اجمع ان كشفت الحقائق بالجلسة العلنية من قبل التيار .  

 ولهذا نجد ان الحيرة تكمن في عملية الاختيار من قبل الاطار هل رفض الحوار العلني او القبول بالحوار العلني ، وقيادات الاطار على علم كامل ان قبلوا بالحوار العلني او تم رفضه  سوف يكون له مخرجات سلبية عليهم  ، و لا ابالغ ان قلت ان قبل الاطار بالجلسة العلنية سوف يكون معناه طأطأ الرؤوس للمقصلة  …   

ولهذا اعتقد بل اجزم ومتيقن ان قيادات الاطار سوف لاترضى بان تكون جلسة الحوار علينية وتحاول ايجاد مخرج لها والاصرار على التيار بالتنازل عن هذا الشرط وقبول الحوار بجلسة سرية  مقابل ذلك التنازل للصدر واعطاه مايريد  ، وهذا يعد مكسب للاطار التنسيقي ، بدل ان يفتضح وضعه وينكشف المستور ويكون بتحدي الجلد والصلب من قبل الشعب العراقي  . 

 ان ما اشترطه الصدر من وضع شرط العلانية لم يكن مخطأ فيه والرجوع عنه سيكون اكبر خطأ يرتكبه في حياته السياسية. 

 نتيجة ان الصدر في هذه الفترة قد تخلص من جميع الاعباء السياسية والحكومية واختار صف الشعب ليكون فيه ، فضلا  ان هذه الفترة تعد سانحة له نتيجة ارتفاع المانع المؤثر عليه وقد تم رفع الحرج عنه اي القيد الشرعي من قبل المرجع ، الذي  كان يكبله من ان يكون له صوله يباغت فيها خصومه . 

 وفي المقابل ان قبل السيد الصدر بالجلوس مع الفرقاء بجلسة سرية سوف تفقده كل ما كان يبنيه من كسب ثقة الشعب وسوف يخسر المستقبل بقبولة فتات الحاضر .  

أحدث المقالات