استراتيجية دولة رئيس الوزراء العراقي العقيمة كانت آخر طلقة في جعبته قبل نهاية حكمة ، لم تحقق إي تقدم حقيقي على صعيد وقف إعمال العنف التي تحصد أرواح العراقيين لحد هذه اللحظة ، وتدفعهم للهروب إلى مناطق آمنة في دول الجوار, وإذا حققت تقدما طفيفا في العاصمة بغداد ، فان الهجمات تضاعفت في المحافظات الأخرى ، لان الذين يقفون خلفها انسحبوا إليها، وهذا ما تفسره المجازر واغتيالات والتفجيرات السيد المالكي يترأس حكومة مهلهلة ، تعيش عزلة غير مسبوقة ، ولا تحظي بأي تأييد حقيقي في أوساط اقرب الحلفاء إليها ، فنصف وزرائها إما مهمشين رسميا ، أو مقاطعين لأسباب متعددة وهذه حكومة من المفترض أن تحقق المصالحة الوطنية وتعكس جميع ألوان الطيف السياسي العراقي أو معظمها , هناك شبه إجماع في أوساط المسؤولين الأمريكيين على فشل السيد المالكي في مهمته ، فجميع وعوده في تحقيق الأمن ، وانجاز المصالحة الوطنية ، ودفع عجلة التنمية لم تترجم عمليا على الأرض ، بل ما حدث هو العكس تماما، الى جانب انسحاب الكتل السياسية الفاعلة من الحكومة ، قوة السيد المالكي تتجسد في ضعفه ، وعدم وجود إي بديل مناسب أو حتى غير مناسب له ، وهذا هو سبب الارتباك الأمريكي تجاهه ، وخرج بعض قادة الأمريكان اليوم بتصريحات علنية قال فيها إن التقدم السياسي في العراق مخيب للآمال ، وان الدعم الأمريكي لحكومة المالكي ليس صكا على بياض ، ولكن هؤلاء جميعا لا يملكون غير الكلام وترديد ما يردده معظم المراقبين، ويبدون عاجزين تماما عن فعل إي شيء , العملية السياسية الحالية التي جاءت بحكومة المالكي الطائفية ، وهم أيضا الذين يديرون شؤون بلادهم فالديمقراطية المزعومة باتت مرتبطة في أذهانهم بالخديعة وانعدام الأمن ، وتصاعد إعمال العنف والإرهاب ، والحرب الأهلية الطائفية والتطهير العرقي، والميليشيات الدموية ، وفرق الموت ، والتعذيب والبطالة ومليوني قتيل على الأقل منذ قدومها مع قوات الاحتلال الأمريكي العراقيون في الماضي كانوا ينخدعون بكلمة الديمقراطية والانتخابات العامة الحرة ، التي أدمن المسؤولون الأمريكيون ترديدها ، لأنهم اعتقدوا أنها ستجلب لهم الأمان والرخاء ، ولكن بعد إن شاهدوا ما حل في بلادهم من خراب وتمزيق ، وبعد أن رأوا الساسة الفاسدين الذين أنجبتهم الانتخابات وعمليات النهب العلنية التي مارسوها لثروات البلاد ، كفروا بهذا المصطلح ، وباتوا يحنون ، أو معظمهم إلى أيام الدكتاتورية ، ولعل ما قاله الرجل البغدادي ومن سكنة مدينة الكرادة الذي كان الأكثر حماسا في إطاحة تمثال الرئيس الراحل صدام حسين في ساحة الفردوس ، من انه لو كان ان هذا المواطن يعلم بان الأوضاع ستتدهور في بلاده وقتل أولاده الثلاث من قبل المليشيات الايرانية إلى هذا الحد لما , كان أقدم على ما أقدم عليه ، فالشيطان الذي تعرفه أفضل من الذي لا تعرفه ، فلماذا يتشرد خمسة ملايين عراقي نصفهم لجأ إلى الى دول الجوار ويعيشون في ظروف صعبة ومؤلمة ، ويغادر اليوم اكثر من 140 ألف عائلة من مدن الانبار حسب إحصاءات الأمم المتحدة , وإذا كان الأمريكيون والأوروبيون الذين أيدوا احتلال العراق وتغيير نظامه حريصين فعلا على الشعب العراقي مثلما كانوا يرددون دائما ، فلماذا لا يفتحون أبواب بلادهم لاستيعاب هؤلاء ، أو تخصيص معونات كافية لتوفير لقمة العيش والخدمات الأساسية لهم في الدول المجاورة , الرئيس اوباما الحالي يبحث عن كبش فداء لسياساته الفاشلة في العراق ، ولذلك يلقي بالمسؤولية على السيد المالكي، وعلى الشعب العراقي نفسه ، وكأن هذا الشعب في أفضل أحواله ويملك أدوات التغيير، مثله مثل الشعب الأمريكي، الذي يملك مؤسسات دستورية راسخة ، وحريات ديمقراطية متجذرة ، وصحافة حرة , ارتباك الرئيس اوباما ، بين سحب الثقة بحكومة المالكي، ثم تجديدها ، هو بمثابة رصاصة الرحمة على الرجل وحكومته ،