ثرواته منهوبة وسيادته منتهكة .. “التاريخ اليوم” البريطانية: تسعون عامًا والعراق ليس حرًا كما يظن !

ثرواته منهوبة وسيادته منتهكة .. “التاريخ اليوم” البريطانية: تسعون عامًا والعراق ليس حرًا كما يظن !

وكالات – كتابات :

مع حلول الذكرى (الـ 90) لانضمام “العراق” إلى “عصبة الأمم”؛ التي عنت رمزيًا استقلاله، اعتبرت مجلة (التاريخ اليوم) البريطانية، أن “العراق” ومنذ تنصيب النظام الملكي، ما زال يواجه أزمة سيادة.

وأوضح التقرير البريطاني؛ أن “العراق” انضم في 03 تشرين أول/أكتوبر العام 1932، إلى “عصبة الأمم”؛ (التي سبقت تشكيل الأمم المتحدة)، مشيرًا إلى أن التصويت على هذا الانضمام كان يعني من الناحية الرمزية، إنهاء “الانتداب البريطاني”، وعلامة على استقلال “العراق”.

واعتبر التقرير أن السيادة الحقيقية ظلت بعيدة التحقق، مشيرًا إلى أنه بالنسبة إلى “الملكية العراقية”؛ التي نصبها البريطانيون في العام 1921، فإن هذا الاستقلال أثار شعورًا بالقلق وليس بالانتصار.

جذور التدخل الأجنبي في مرحلة ما بعد الاستقلال الأسمي..

مشيرًا إلى أن نهاية “الانتداب” كانت مشروطة؛ إذ أن المعاهدة “الأنجلو-عراقية”؛ المٌبّرمة العام 1930، أتاحت لـ”بريطانيا” الاحتفاظ بقواعدها العسكرية في “العراق”؛ الذي ظل أيضًا معتمدًا على المساعدات والمستشارين البريطانيين.

وتابع أن النظام الملكي ومسؤولو الحكومة كانوا قلقين من التدخل الأجنبي في شؤون البلد، وإزاء ذلك، فقد حولوا اهتمامهم على الداخل، وجرى استخدام الجيش العراقي وقواته الجوية في مهمات لضبط ومتابعة المواطنين، بما في ذلك الحركات القومية الكُردية، والعشائر العربية الشيعية، لكن الدور الأكثر تدميرًا كان ضد المجتمعات الآشورية والإيزيدية الصغيرة.

وأضاف أن الحكومة أمرت قواتها المسلحة المُشّكلة حديثًا؛ في العام 1933 بقمع “انتفاضة آشورية” محتملة في الشمال. ولفت إلى أن الآشوريين كانوا مجتمعًا مسيحيًا من السكان الأصليين، وتعرضوا إلى القتل في مرحلة الحكم العثماني إلى جانب الأرمن؛ خلال الحرب العالمية الأولى. وتابع أن الآشوريين الذين سلحتهم “بريطانيا”، كانوا يسعون إلى إقامة جيب مستقل في منطقة غالبية سكانها من الكُرد والعرب.

وذكر التقرير أن رد فعل الدولة العراقية كان قاسيًا، حيث لاحق الجيش؛ الآشوريين، وقتلهم، وقام سلاح الجو بقصف القرى الآشورية؛ بينما تعرضت منازلهم أيضًا للنهب وجرى تشريد الآلاف منهم، وصولاً إلى مجزرة قرية “سميل”؛ في آب/أغسطس 1933.

الثورات العرقية والتدخل البريطاني..

وفي حين أشار التقرير البريطاني؛ إلى الاستقبال الحماسي الذي لقيته القوات المشاركة في المجازر، حيث أن معظم العراقيين نظروا إلى الآشوريين على إنهم من المتعاونين مع الإمبرياليين، وأن الجيش العراقي قضى بذلك على تهديد للدولة الوليدة حديثًا، مضيفًا أن عمليات التجنيد في صفوف الجيش تزايدت أكثر من أي وقتٍ مضى، وإنما وفق بنود أحكام المعاهدة “الأنجلو-عراقية”؛ التي كانت تعني أن انضمامهم إلى الجيش، كان تحت إرشاد وتسليح “بريطانيا” نفسها.

وذكر التقرير أن الدولة العراقية استخدمت؛ في العام 1935، بعض الأساليب التي استخدمتها بحق الآشوريين، وذلك لمواجهة “ثورة الكُرد”؛ في “كُردستان”؛ وثورة بعض العشائر الشيعية في منطقة “الفرات الأوسط”. ولفت إلى ان صحيفة عراقية أشادت؛ في آيار/مايو من ذلك العام، بكيفية نجاح الجيش باستخدام الطائرات البريطانية الصنع التي وصفها التقرير بأنها: “أكثر جرأة من النسور” في قمع انتفاضة العشائر: “من دون إراقة قطرة دم من أبناء أمتنا العزيزة”.

إلا أن التقرير اعتبر العنف الأسوأ جرى بعدما هاجم مسلحون من الإيزيديين؛ ممثلي الدولة العراقية في موطنهم “سنجار”، في إطار مقاومتهم لعمليات التجنيد الإجباري، حيث عمدت الحكومة إلى الرد بوحشية مشابهة للتي قامت بها إزاء الآشوريين، حيث يُعتقد أن الجيش قتل: 200 اإيزيدي ودمر: 11 قرية، وجرى فرض الأحكام العرفية على “سنجار”؛ ثم جرى استعراض الأسرى في شوارع “الموصل” والتنكيل بهم، وصولاً إلى محاكمتهم الصورية التي قررت إعدام تسعة منهم والسجن لفترات طويلة لمئات آخرين، في حين جرى اعتقال بعض الآشوريين بتهمة التواطؤ مع المنتفضين في “سنجار”؛ بحسب زعم التقرير البريطاني.

تسعون عامًا و”العراق” ليس حرًا !

وخلص التقرير إلى القول أن العراقيين الذين احتفلوا بجيشهم واصطفوا للانضمام إلى عمليات التجنيد؛ خلال الثلاثينيات من القرن الماضي، كانوا يعتقدون أنهم يُقيمون “عراقًا حرًا”، إلا أنه بعد مرور: 90 سنة على الاستقلال، فإن “العراق” لا يزال دولة تعتمد على غيرها، وهو عانى من غزوات متعددة من قبل “بريطانيا”، ثم في السنوات الماضية من غزو أميركي.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن “تركيا”، الجار الأكبر في الشمال، يحتفظ بقواعد عسكرية داخل الأراضي العراقية ويقصف القرى في إطار حربه مع مسلحي حزب (العمال الكُردستاني). أما “إيران”، الجارة الأخرى من الشرق، فإنها تُمّول وتُدّرب ائتلافًا من الميليشيات يُعتبر الآن جزءًا كبيرًا من القوات الأمنية العراقية.

وختم بالإشارة أيضًا إلى أن آثار “العراق” القديمة تُثري متاحف العالم الأجنبية، بينما سيطر شركاء “العراق” ومحرروه المفترضون على البلد واستخرجوا منه أيضًا ليس فقط نفطه؛ بل أيضًا مياهه وتراثه ومواهبه وأرضه.

كما أن شباب “العراق” ما زالوا يُعانون من أجل تحقيق السيادة المؤجلة إلى ما لا نهاية، مشيرًا إلى أن الآلاف نظموا؛ في العام 2019، تظاهرات واعتصامات احتجاجًا على الفساد وفشل الحكم والتدخل الخارجي، وتكتلوا خلف شعار: “نُريد دولة”.

وعدد التقرير البريطاني؛ عدة أحداث بينها قتل مئات المتظاهرين على أيدي قوات الأمن المدعومة من “إيران”، والاشتباكات التركية مع مسلحين من الكُرد، والقصف التركي على “زاخو” مؤخرًا، وكيف أن “الولايات المتحدة”؛ من خلال قواتها الخاصة وعملائها السريين، وعمليات الهيكلة النيوليبرالية للمؤسسات، وندوب الغزوات والضربات الجوية، قبل أن يقول مع ذلك أن: “العراق ليس محكومًا عليه بالفشل”، إلا أن تقاليده القديمة ظلت قائمة جيلاً بعد جيل، ودفع بسببه ثمنًا باهظًا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة