ملايين العراقيين يرزحون تحت خط الفقر رغم ثروات البلاد الهائلة فوق الارض وتحت الارض . معادلة غريبة جدا حين تقر جميع دول العالم بوجود اغنى بلد في أرجاء المعمورة مقابل وجود افقر شعب ، وتلك الامور واضحة للقاصي والداني والسبب هو السياسات الخاطئة والفاشلة على مدى عقود من الزمن وعدم استغلال لتلك الموارد وخاصة المالية والبشرية . وجود الفساد الذي نخر جميع مؤسسات الدولة وخلو البلد من المؤسسات البحثية ولا تطوير للموارد البشرية عكس ما تعمل به العديد من الدول التي واجهت نفس ظروف العراق هناك جيوش وحشود باحثة عن العمل ، ووجود ملايين آخرين فقراء معدمين ومنهم من يعيش تحت خط الفقر باعتراف وزارتي التخطيط والعمل والشؤون الاجتماعية.
عدم توزيع الثروات بإنصاف وعدالة اذ هناك من يتقاضى أكثر من عشرة ملايين دينار شهريا وهناك فئة لا تستلم ولو مائة ألف دينار شهريا كان هناك طبقية معروفة قبل التغيير لكن الان اصبحت طبقات كثيرة بسبب استغلال الساسة وتقريب الأهل والأصدقاء والعمل ومحسوبية واضحة جدا ، وتسخير موارد الدولة لهم بحجة (الدرجات الخالصة ) اما بقية الشعب يعاني الفقر والعوز والحرمان واضح حتى من الغذاء والدواء . ماذا يعني وجود ملايين الفقراء وسط توفر المليارات ولكن تذهب فيما بعد للجماعات “الطاكة” ولكبار المسؤولين في الحكومة والدولة العراقية ومنهم من يشتري العقارات في دول الجوار او فتح حسابات بأسماء غيرهم حتى لا تطالهم العقوبات او تكشفهم وسائل الإعلام وتفضحهم . لماذا ينجح العراق كدولة في زيادة الموارد المالية وإنتاج النفط ويفشل في استثمار تلك الثروات وتوزيعها بشكل عادل ومنصف على الشعب اذ حتى الموظفين هناك تباين كثير وكبير برواتبهم والبرلمان في كل دورة يعد بتوحيد سلم الرواتب ويفشل ايضا . ماذا ننتظر وقد رحلت عنا عقود من الزمن الطويل ولم تستغل تلك الموارد حتى وصل المواطن العراقي وهو يعيش تحت خط الفقر ويهان ويطرد ويقتل حين يطالب بحقوقه بشتى المجالات . قبل اكتشاف النفط الخام في العراق بداية القرن الماضي، كان قطاع الزراعة والصناعة والتجارة يشكل نحو 30% من حجم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، في حينها كان الاقتصاد الوطني يتمتع ببنية قوية وقطاع خاص قوي وينافس القطاع العام ويتغلب عليه ولكن غياب التنمية المستدامة وعدم استغلال لكافة الموارد ، وخوض الحروب بالنيابة تأخر البلد كثيرا . الآن ممكن استغلال الفرص وتشكيل حكومة وطنية قادرة على النهوض من هذه التراكمات فضلا عن تفعيل القانون وتوزيع عادل للثروات والاهتمام بالموارد البشرية وتقديم كل الدعم والاسناد لهم وليس ابتزازهم حين يعملون بمشاريع تنموية قصيرة الامد ، وضرورة وجود الإحصائيات الحكومية الحقيقية واسناد المهمات الاقتصادية والتنموية الى اصحاب الخبرة والمعرفة ودعم شريحة الشباب بكافة المجالات .