ما يكاد يمر يوم إلاّ وتطفو مشكلة تثير الجدل، لم نتخلص من أزمة حتى ندخل في أزمة أكبر، وما أن يشرع قانون حتى يظهر جيش من الطاعنين والمزايدين، ويتبارى المعترضون عليه قبل إقراره لتسجيله إنجاز لهم، ينقسم مجلس النواب بين المعارض والمؤيد، من يدافع عن الحكومة، ومن يدافع عن مصالحة الشخصية والأخر عن صلب التشريع والمصلحة العامة.
مشاكل عقيمة يتعاظم تعقيدها، وتتسارع الطعون والشكوك، يراد للقوانين أن تكون بالتراضي والتوافق والصفقات، تخرج البرلمان من التشريح وواجب الحكومة بالتنفيذ.
من يتابع الموازنة في كل عام، يرى إنها لا تأتي في مواقيتها، وعام بعد الاخر يزحف بنا الزمن الى منتصف السنة، تتشعب الخلافات كلما إقتربنا من موعد الإنتخابات، إعتراضات بعضها قانونية مثل المحافظات المنتجة للنفط، ترغم الحكومة والبرلمان على إدراج مبلغ 5 دولار في الموازنة؛ كونها لم تدرج بقصد في الموازنة كما نص المشروع، وخلافات بين حكومة المركز الأقليم التي تعاد كل عام وتنتهي دون أن نفهم ما هي النتائج وعلى ماذا كان الخلاف!
تأخير الموازنة يضعنا في معضلة تتدحرج نحو الأسوء، يجبر المحافظات على إعادة اكثر من نصف الأموال الى خزينة الدولة، يجبرها الروتين الإداري وحكم المركز، وتوضع العراقيل على عمل المحافظات، حتى يتحكم بها مزاج موظف ومصلحة حزبية، يزيد حرمان محافظات مثل ميسان وذي قار والبصرة، التي ترتفع النسبة فيها من 48-56% حسب التقارير الدولية ووزارة التخطيط، وهي محافظات نفطية غنية إنتخابياً وعطاء.
طلية السنوات السابقة كل الإتهامات توجه للبرلمان، ولا نقصد المدح بل نقول البرلمان والحكومة في أسوء الأحوال، بعد تحول نواب مدافعين عن عمل الحكومة بدل الرقابة والتشريع، وسيواجه مجلس النواب أخطرها التسقيط في نهاية دورته البرلمانية، ويوضع في زاوية حرجة، تستخدم للدعاية الإنتخابية، ونفس الأصوات التي تتعالى بالإعتراض على فقرة تقاعد النواب، تغض الطرف عن رواتب الوزراء الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة.
أتهامات سوف يتم تروجيها للدعاية الإنتخابية وتطعن بالبرلمان، تضغط على الرأي العام وتفقده الثقة بممثليه، تحاول إبعاده عن المواطن، حتى ينظرهم بعين سواء، رغم إنه ليس سلطة تنفيذية قادرةعلى إنفاق الأموال، إلاّ المقربين من منح صفة النائب والمستشار في نفس الوقت، يملك النفوذ والسطوة في القرار الحكومي.
الحكومة خلال دورتها التنفيذية الحالية، واجهتها، تعثرات كثيرة ومراوغات وتنصل من وعود، كانت المعرقلة او الطاعنة بالقوانين؛ بل لم تنفذ قوانين نافذة لحد الأن.
نواب كإنهم أعضاء في الحكومة، كون كتلتهم مهيمنة على مناصب الوكالة ومفاصل الدولة، ينسبون إنجاز مشروع البرتودولار، وهم من يطعن به، وقانون التقاعد معترضين على إقرار أحد فقراته بينما وهم من المصوتين، ومَنْ وقف ضد خفض رواتب الرئاسات الثلاث والطعن بالقانون النافذ في 2011، وقبول المحكمةبعد عامين، والأدهى من ذلك ينعتون قانون ينصف المحافظات رقم 21(سيء الصيت) ؛ لكن هل يوجد صيت أسوء من التنصل من العهود والوعود وخداع المواطن؛ وخلف الكواليس تتأمر بعض الكتل السياسية على نهب حقوقه.