إستقالة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان العراقي مِن رئاسة مجلس النواب، هل هي مُناورة سياسية، ذر الرماد في العيون، أم إرضاءً للسيد مقتدى الصدر؟.
كُلّ تلك التوقعات وغيرها يُمكن التكّهن بها في واقع المشهد السياسي العراقي الهائج يُضاف لها تأثير العامل الخارجي الذي لايُريد أن تُغادر بصمته الواقع المسلوب الإرادة في العراق، فتُركيا التي ترعى خيوط اللُعبة بين تحالفي خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي (عزم والسيادة) ربما بل من المُؤكد أنها كانت اللاعب الأساسي في رسم ملامح هذه الإستقالة ونصيحتها التي أوجبت تنفيذها على أصدقائها للخروج بأكبر حجم من الفوز والظفر بالمغانم والحصول على أكبر قطعة من كعكة الحُصص.
ورقة الإستقالة التي لوّح بها الحلبوسي لشُركائه السياسيين ماهي إلا نتاج تفاوضي وحصيلة الأيام السابقة من المشاورات (الحلبوسية) مع الكُتل السُنيّة والشيعيّة والكُردية للإتفاق على رفض هذه الإستقالة عند طرحها، بل والإيعاز إلى التجديد والحصول على ضمانات للحلبوسي لولايته في رئاسة البرلمان ربما من أجل إقناع السيد مقتدى الصدر بأنَّ مايجري في دهاليز السياسة يسير وفق هواه ورغباته وضمان عدم الاطاحة بالحلبوسي مُستقبلاً، والاكثر من ذلك هو تعزيز مركزه كزعيم للسُنّة حسب التوجيهات الاردوغانية .
هُناك حقيقة أصبحت من بديهيات واقع العمل السياسي في العراق إعتاد المتفرجون عليها وهي أن أي تنازل يُطرح لابد أن يُقابله الحصول على ضمانات مغنم أكبر ومنفعة أكثر.
فهل كان رئيس البرلمان العراقي يَعي هذه الحقيقة؟ نقولها وبكل ثقة وتأكيد..نعم، فالمنظومة السياسية لاتتنازل عن مصالحها إلا إذا حصلت على ضمانات أكثر نفعاً وفائدة.
لُعبة الكلمات المتقاطعة أو ضبابية الموقف التي كان يُجيدها السياسي العراقي لم تعُد تُجدي نفعاً في حسم عامل الزمن من حيث أن تأجيل الحلول للمشاكل أو خلق أزمات جديدة للمشاكل نفسها لغرض تأجيلها أو ترحيلها على أمل إيجاد حلول مُستقبلية لها لم تعد تنفع أو حتى تُقنع الشعب الرافض لهذه الطبقة السياسية، فَكُرة الثلج بدأت تكبر شيئاً فشيئاً وتتدحرج وربما ستعصف بمن يقف أمامها عند إقتراب عاصفة التغيير.
إستقالة رئيس البرلمان العراقي لاتتعدى كونها مُناورة لِكسب الوقت للخروج بمشهد سياسي يؤطّر للنظام برائته وتودده وقبوله للتنازل من أجل المصلحة العامة حتى وإن كانت على حساب المصلحة الخاصة، لكن إنظروا جيداً بمجهر الحقيقة ستجدون أنها لُعبة ليست أكثر يُمارسها الجميع على الجميع من أجل أن يبقى الحبل مُتماسكاً بين الشد والجذب.
في فصول الحكاية العراقية المُرتبكة والفوضوية وأحداثها الضبابية باتت أيامها وساعاتها حُبّلى بالمفاجآت والأحداث التي من المؤكد أن خواتيمها تؤكد أنه لن يكون دوام الحال من المُحال، وتلك هي سُنّة الله في خلقه وأرضه ولَيتَهُم يُدركون ذلك.