ليست مصادفة ، كلمات الشكر التي اطلقها عضو البرلمان الأوروبي من بولندا ، ووزير الخارجية البولندي السابق رادوسلاف سيكورسكي للولايات المتحدة ، عن ” تفجيرها خط أنابيب نورد ستريم ” ، والتي عززت الفرضية الروسية التي تؤكد ان الاضرار التي تعرض لها ستريم 1 و 2 ، وكذلك فرضية الحكومة الألمانية هي ناجمة عن ” تفجير تخريبي ” ، ولأنه وقع بالتزامن، وفي نفس اليوم، الذي تم افتتاح خط أنابيب Baltic Pipe، والذي سينقل الغاز النرويجي عبر الدنمارك إلى بولندا.
وفي الوقت الذي أكد فيه المراقبون السويديون “إنهم رصدوا انفجارات في المنطقة “ ، جاء أعلان وزيرة الخارجية السويدية آن ليندي، أكثر وضوحا وجرأة ، فقد اعتبرت الوزيرة أن حادث تسرب الغاز من خطوط الأنابيب الروسية “السيل الشمالي 1″ و”السيل الشمالي 2” في مياه السويد والدنمارك، ناجم عن انفجارات قد تكون تخريبية ، في حين أكد رئيس الوزراء البولندي موراويكيبدوره لم يخف أهداف خط غاز البلطيق الجديد ، الذي ينقل الغاز النرويجي عبر الدنمارك إلى بولندا ، وقدرته على تسليم 10 مليار متر مكعب سنويا ، واعتبره بمثابة “موازنة لخطط بوتين العسكرية” – وهو عكس خط أنابيب الغاز نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2 ، في إشارة إلى المشروع الروسي الألماني تحت بحر البلطيق.
الكريملين الذي عبر عن قلقه على مسألة حدوث أعطال في خطوط أنابيب “السيل الشمالي”، والتي أثارت الكثير من التساؤلات ، وأعتبر ان انخفاض الضغط على خطوط “السيل الشمالي” هو وضع غير مسبوق ويتطلب تحقيقا عاجلا ، وان لم يحدد بصورة مباشرة ، عن الجهة المسئولة عن هذا التخريب ، إلا أن أصابع الاتهام جميعها تشير الى تلك الأطراف المهتمة بهذه العملية التخريبية الواضحة، وهم بعينهم أولئك الذين كانوا يسعون لإغلاق “السيل الشمالي-2” في السنوات الأخيرة، أي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبولندا ودول البلطيق وأوكرانيا.
وأعلن المشغل للخط مساء الاثنين، أنخفاض الضغط في خط الأنابيب “السيل الشمالي-1″، وهو مسار يتم ضخ الغاز عبره من روسيا إلى أوروبا، وفي نفس اليوم تم الإعلان عن انخفاض الضغط أيضا في “السيل الشمالي-2″، وهو مسار جاهز كي يتم ضخ الغاز عبره لكن لا يتم ذلك بعد أن تخلت ألمانيا عن المشروع وأوقفت إجراءات المصادقة ، وقالت شركة تشغيل خط أنابيب “السيل الشمالي” Nord Stream AG بأن ” حجم الدمار في السلاسل الثلاث من خطوط أنابيب الغاز البحرية (السيل الشمالي) غير مسبوق، ومن المستحيل تقدير وقت الإصلاح“.
وتصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأن هناك معلومات تدل على “عمل تخريبي “ محتمل تعرضت له أنابيب “السيل الشمالي” و”السيل الشمالي 2″ في بحر البلطيق ، وقوله خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الهندي سوبرامنيام جاي شانكار في واشنطن، إن “التحقيقات جارية في حالات تسرب الغاز، والمعلومات الأولية تدل على أن ذلك قد يكون نتيجة لهجوم أو عمل تخريبي ، لكنها معلومات أولية ونحن لم نتأكد منها” ، جاءت من باب ” ذر الرماد في العيون ” ، خصوصا اذا ما علمنا ان اول هدف للإدارة الامريكية برئاسة جو بايدن ، كان ومنذ اليوم الأول من توليها المنصب ، وعدت بتدمير خط ” نورد ستريم ” ، لذلك لم تكن كلمة شكر سيكورسكي للولايات المتحدة ” اعتباطية ” وكما يتصورها البعض .
ويبدو من الناحية الفنية أنه لم يكن من الصعب تفجير الأنابيب، فالعمق في ذلك الجزء من بحر البلطيق أقل من 100 متر ، وإن استخدام المسيرات البحرية كثيف من قبل أعداء روسيا ، فالولايات المتحدة الأمريكية، بتفجيرها لخطوط أنابيب الغاز، تجعل ألمانيا تعتمد بشكل حرج على إمدادات الغاز الأمريكي المسال، وفي الوقت نفسه تضع روسيا أمام خيارين: فإما الاستمرار في دعم أوكرانيا من خلال مدفوعات العبور، أو خسارة جزء مهم من إيرادات الميزانية، إذا ما قررت موسكو رفض نقل الغاز عبر أوكرانيا، حيث كان بإمكان روسيا في السابق تحويل نقل الغاز إلى “السيل الشمالي”.
كما ويأتي حادث ( خط ستريم ) متزامنا أيضا مع العثور على مركبة بحرية مسيرة مجهولة المصدر بالقرب من مدينة سيفاستوبول الروسية ، حيث يستقر أسطول البحر الأسود الروسي ، وجدت وهي ترقد بين الصخور في المنطقة ، ولا تتوفر حتى الان أي معلومات عن هذه المركبة ، و لم يتم الإعلان عنها من الجانب الأوكراني حتى الآن – وربما لا تزال كييف تحاول الحفاظ على السرية، ولم يكن من الممكن التعرف على القارب من خلال مظهره ، ولم يكن هناك علامة تشير إلى الصانع أو الجنسية ، وعلى مقدمة الهيكل كانت هناك أحرف وأرقام مطبقة باليد ليست في الإنتاج.
وعلى ما يبدو ، فإن القارب بدون طاقم من أصل أجنبي وتم تقديمه إلى أوكرانيا كجزء من المساعدة العسكرية الفنية ، وحاولت التشكيلات الأوكرانية استخدامه ، لكن نتائج هذه المهمة موضع شك ، وليس من الواضح ما إذا كانت المهمة قد أنجزت ، بينما ضاعت عينة قيمة وانتهكت السرية ، فعلى مدى الأشهر القليلة الماضية ، تحدث الأجانب لنظام كييف مرارًا وتكرارًا عن إمكانية نقل أنظمة غير مأهولة على السطح وتحت الماء إليها ، وفي الوقت نفسه ، لم يتم تحديد أنواع معينة من المعدات وتم الإشارة فقط إلى الغرض منها وبعض الاحتمالات.
وتجدر الإشارة إلى أن القارب لا يشبه أي مثال معروف لمثل هذه المعدات، وتشير هذه الحقيقة إلى أن الحديث يدور عن تطور أجنبي جديد تمامًا ، علاوة على ذلك ، يمكن إنشاء هذا المجمع خصيصًا للتسليم إلى أوكرانيا ، كما كان الحال مع بعض أنواع الطائرات بدون طيار ، وبالتالي ، من الذي طور وأنتج قاربًا بدون طاقم ، ولماذا هناك حاجة إليه ؟ وكيف وصل إلى أوكرانيا غير معروف،وربما يصبح الوضع أكثر وضوحًا في المستقبل، إذا تلقى نظام كييف العديد من هذه العناصر، فسيحاول استخدامها مرة أخرى،ومن المحتمل أن تساعد هذه الحلقات في استكمال الصورة الحالية.
لقد كان الجسم الذي تم العثور عليه عبارة عن قارب بدون ملاح ، وله شكل بدن تقليدي وبنية فوقية بدائية ، وتم طلاء جميع العناصر الخارجية تقريبًا باللون الأسود أو الرمادي الداكن – للحركة السرية على سطح الماء ، و يمكن تقدير طول المنتج في حدود 2-3 م ، والإزاحة تصل إلى عدة مئات من الكيلوغرامات ، والهيكل مصنوع من أجزاء معدنية و / أو بلاستيكية ، وتلقى الهيكل جوانب عمودية وجزء تحت الماء على شكل حرف V ، وعلى ما يبدو ، تلقى القارب محطة طاقة كهربائية ، ويجب أن يكون هناك متسع في المؤخرة لمحرك المروحة ، والدفع النفاث مرئي تحت الطرف الخلفي ، ويتم وضع البطاريات في الأحجام الخالية من العلبة ، مما يوفر الطاقة اللازمة للحركة وتشغيل الأجهزة المختلفة .
ومباشرة وعلى مقدمة القارب كانت هناك كاميرا فيديو صغيرة الحجم ، وتم وضع قاعدة متحركة بنظام بصري ثنائي القناة على الهيكل العلوي ، وفي المؤخرة كان غلاف ذو شكل مميز لغرض غير واضح ، وربما يكون هوائي اتصالات ، والتركيب الدقيق للمعدات الداخلية غير معروف ، ولكن من الواضح أن القارب يحتاج إلى طيار آلي و / أو نظام تحكم عن بعد ونظام ملاحة واتصال ثنائي الاتجاه مع المشغل ، كما ويظهر عنصران مستديران مجهول الغرض على جذع البدن ، وتم اقتراح نسخة مفادها أن القارب هو حامل الرأس الحربي ، وتعمل “عينان” على الأنف كمستشعر الهدف ، ومثل هذا التقييم لم يتم تأكيده ، ويسمح المظهر العام والمعدات والتخطيط المحتمل للأحجام الداخلية للقارب بأن يكون نوعًا من “الذخيرة المتسكعة“.
ويمكن افتراض أن القارب يجمع بين وظائف الاستطلاع والإضراب ، ويسمح حجمه الصغير ، والانخفاض الجانبي واللون لها بالتحرك سرا حول المياه ، و كاميرتان توفران القيادة والمراقبة ، ويمكن للقارب البقاء في منطقة معينة لبعض الوقت ونقل البيانات ، إذا كانت مجهزة برأس حربي ، فبعد مرحلة المراقبة ، يمكن أن يتبعها هجوم وهزيمة الهدف الذي تم العثور علي ، ومن الواضح أنه في مكان ما على الأراضي الأوكرانية ، كانت هناك وحدة تحكم للمشغل تم التحكم من خلالها في القارب ، ومعدات أخرى من المجمع ، ويجب أن يكون هناك أيضًا طاقم تمكن من تعطيل المهمة وإحضار المنتج إلى الشاطئ ورفع السرية عنه.
وأرسلت التشكيلات الأوكرانية قاربهم الجديد إلى سيفاستوبول ، حيث القاعدة الرئيسية لأسطول البحر الأسود ، وهذا يعني أن ” العدو ” يحاول مرة أخرى تهديد السفن الروسية وطواقمها ، وفي هذا الصدد ، بات من الضروري اتخاذ تدابير معينة من شأنها استبعاد نجاح مهمة أخرى بدون طيار ، وكجزء من أسطول البحر الأسود ، كما هو الحال في المناطق الأخرى ، فهناك قوات خاصة لمكافحة التخريب تحمي القواعد والسفن ، ومن المحتمل أنهم يعرفون بالفعل التهديد الجديد وقد طوروا طرقًا لمكافحته ، ولمكافحة القوارب غير المأهولة ، يمكن استخدام جميع الوسائل الحالية لحماية المناطق المائية.
بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن القارب المجهول يعتمد على الاتصالات اللاسلكية، وعليه، فإن الاستخبارات الإلكترونية وأنظمة القتال ستكون وسيلة فعالة ضدها، وتحت تأثير التداخل، يمكن للقوارب التالية أيضًا أن “تلتصق” بشكل لا إرادي بالحجارة على الشاطئ.
إن اعلان النتائج الإيجابية في الاستفتاءات في المناطق الأربع المحررة بشأن الانضمام إلى روسيا ، والاقبال الجماهيري الكبير التي شهدتها هذه الاستفتاءات ، وبشهادة المراقبين ، وحتى من الاتحاد الأوربي ( الذي وعد بمعاقبتهم ) قد جاءت خلافا لما يروجه الاعلام الغربي من وجود ” هزائم عسكرية ” لروسيا في هذه المناطق ، ما أوقع واشنطن في حرج كبير، حتى أمام حلفاءها ، لذلك فإن واشنطن ترفع السرية عن عداءها لروسيا ، وبات واضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية دخلت في صراع مباشر مع روسيا، مع علمها المسبق صعوبة إثبات تورطها في هذا الهجوم الإرهابي ، والحالة هذه تتطلب من موسكو الاستجابة الفورية والمتزنة في استيعاب مثل هكذا صدمات .