22 نوفمبر، 2024 11:37 م
Search
Close this search box.

الموازنة العمومية تراوح مكانها

الموازنة العمومية تراوح مكانها

في كل رأس سنة مالية نستبشر خيراً ونرسم احلاماً عراضا طوالا مبتهجين بالرقم الكبير الذي تعلنه وزارة المالية والذي يحدد الموازنة العمومية لسنة مالية عراقية.
استبشارنا واحلامنا لاتأتي من فراغ فالرقم المالي للموازنة العمومية يزيد عاماً بعد عام، وخاصة مع تزايد وتصاعد وتيرة اسعار النفط والطلب الملح عليه لسد حاجة السوق العالمية- وفي كل عام يفوق ميزانية- عدة دول عربية مجتمعة باضعاف مضاعفة، ويقترب من ميزانية دول كبيرة تفوقنا مساحة ونفوساً بأضعاف نتيجة تحسين صادرات النفط العراقي والذي يجذب المستوردين وشركات الاستثمار والتنقيب والاستخراج والتصدير.
وفي كل عام ايضاً تبدأ المماطلة في التصديق عليها ..سجال ازلي بين رئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان ،هذا العام ونحن في الشهر الثاني من العام الجديد ولم تتم المصادقة على الميزانية لحد الآن ، رئاسة الوزراء ارسلتها قبل ايام الى رئاسة البرلمان ،قبل القراءة الاولية تم تشخيص الكثير من الثغرات والفقرات التي بحاجة الى تعديل فيها ، مشكلة حصة اقليم كردستان تتكرر في كل عام ،عشر سنوات مضت ولم يوضع قانون ثابت للميزانية وضرورة اقرارها في وقت نموذجي لايسبب عرقلة للمشاريع وخسائر اقتصادية مثلما تفعل كل دول العالم . رئيس البرلمان العراقي صرح بان الحكومة وضعت مطبات مقصودة في الميزانية بهدف تأخير اقرارها والقاء التبعة على البرلمان .الحديث عن الميزانية يجرنا الى ذكر الاستثمار الخاطئ المتلكئ من قبل المحافظات وسوء التصرف في الحصة المخصصة لها من تلك الميزانية اذ تعيد المحافظات اكثر من نصف واحيانا ثلاثة ارباع المبلغ المخصص لمشاريعها لعدم تمكن الادارات المحلية فيها من تنفيذ المشاريع المقررة لسبب اولاّخر.
قد تكون قلة الخبرة، او خشية الفساد الاداري والمالي، او سوء الاوضاع الامنية او خوفاً من تدقيق هيئة النزاهة او اسباب كثيرة اخرى. مع ان كل المحافظات تفتقر لأبسط مقومات الحياة المدنية- ، ما يعني اضافة مليارات ومليارات الى مبلغ الموازنة المعلن,
ومع وجود هذا الكم الهائل من المليارات لم يتحقق على ارض الواقع من المشاريع الكبرى التي تمثل الحد الادنى من تطلعات وطموحات المواطن العراقي. وبعبارة عراقية صرفة:”لم تكسَ عريانا ولم تشبع جوعانا”.
لم نكن نعلم عن ارقام الموازنة العمومية في الحكومات السابقة شيئاً، فقد كانت الارقام سرية، وكانت الاموال تهدر على التصنيع العسكري وادامة الماكنة الحربية والاعلامية وبعض متطلبات السلطة وبذخها وهباتها. وكون اسعار النفط بسيطة انذاك وعائدات العراق منها قليلة لاتتناسب مع الهدر والبذخ وطاحونة الحرب لذا اضطرت السلطة السابقة الى الاقتراض وعقد صفقات السلاح والسلع الضرورية بالاّجل الامر الذي جعل العراق يرزح تحت طائلة ديون تجاوزت مئات الترليونات من الدولارات تكرمت اكثر الدول باطفائها بعد عملية التغيير، ولو لا ذلك لظل العراق يسدد تلك المبالغ لعشرات بل مئات السنين. . ما نريد قوله ان اسباب هدر المال العام واستنزاف الميزانية العمومية في حروب وامور لم تجلب سوى الخراب والدمار على العراق وشعبه الصابر قد زالت فلماذا تستبدل تلك الاسباب بأسباب مغايرة تؤدي الى نفس الخراب، ولماذا تغلق ابواب الهدر لتفتح ابواب تفضي الى عين النتيجة، ولماذا تضمد جراح فتفتح جراح اعمق بنزيف لا يمكن ايقافه.
حسب علم بعض المسؤولين وتصريحات احد البرلمانيين مؤخراً فأن مرتبات وتخصيصات الرئاسات الثلاث ومشتقاتها تستهلك 21% من الميزانية العمومية، ولا اعرف كم تستهلك مخصصات المنافع الاجتماعية والضيافة والخطورة والسفر الخاصة بها. فاذا ما اضيفت اليها مخصصات الرعاية الاجتماعية لعوائل وهمية واخرى غنية والتي تبلغ مليارات الدنانير سنوياً، واذا ما الحقت بها رواتب وتعويضات شهداء وسجناء وموظفين” اشباح” والتي تتجاوز هي الاخرى مليارات الدنانير شهرياً، واذا ما رافقتها مليارات الدولارات التي تصرف سنوياً على المهاجرين الى خارج العراق بطراً، واذا ما تم احتساب مبالغ العقود والمقاولات الوهمية سنوياً، واذا ظل الحال كما هو عليه فأن هذا يعني بقاء العراق على ما هو عليه من تخلف وخراب وازمات وفاقة حتى يرث الله الارض ومن عليها.
الجديد في ميزانية العام الحالي اضافة مبلغ مشروع البترو دولار بواقع خمسة دولارات عن كل برميل للمحافظات المنتجة للنفط وهذا المشروع طرحته كتلة المواطن واصرت على تضمينه في الموازنة لدعم المحافظات المنتجة للنفط والتي عانت الاهما والحرمان على مر العصور وفي مقدمتها محافظة البصرة وميسان. والمواطن يدعو ذوي الخبرة الاقتصادية والحريصين على مستقبل العراق واجياله القادمة الى دق نواقيس الخطر وتنبيه المسؤولين الى طوفان الرواتب والمنافع والمخصصات والعقود والتعويضات والاعانات الصحيحة منها والوهمية الثابتة فيها والاشباح اللازمة منها والسائبة. فقد نفاجأ بشهر ما يقترض فيه العراق رواتب موظفيه من الصندوق الدولي او من احدى دول الجوار.

أحدث المقالات