للحكم ثقافة خاصة به لا تشبه ثقافة التمرد او الاحتجاج ، كذلك للحكم بنية فكرية تراكمية تحتاجبعدها التأريخي لتأخذ شكلها الحقيقي .
ولو نظرنا لمجمل تجارب الحكم التي امتدت على ارض العراق لوجدنا مثالين صارخين للنجاح والفشل بغض النظر عن التقييمات المرحلية لكن البعد الاستراتيجي هو من يعطي النتيجة النهائيةللتقييم ، و لأن الاساس الفكري لعملية حكم البلدان يتأتى من البعد الفكري للحاكم اولاً بسبب نوعانظمة الحكم فأن انعكاسات ذلك تبينت جلياً في نتائج حكمه ،
فالعراقي عندما نظر للحكم من خلال فكر طائفته انعكس ذلك بوضوح على طريقة و نتائج حكمة ،فالفكر الشيعي مثلا مبني ثقافيًا على فكرة ثورة سيدنا الحسين على حكم يزيد و عزز ذلك توترالعلاقة بين آل البيت مع حكام زمانهم لذا فأن مخرجات هذا الفكر انتجت شخصية ثائرة و ذاتافكار واسعة في الاحتجاج و الاعتراض و الثورة ..
و لأن الثورة هي عملية محاولة تغيير بطريقة خاطفة و سريعة و مباشرة و ليست تدريجية فقدابتنى الفكر السياسي الشيعي ( ان صحت التسمية ) على قدسية الثورة رغم انها تعرف بأنهاعملية هدم لواقع موجود ،وبناء على ما تقدم فأن الفكر السياسي الشيعي قد لبس هذا الثوبتدريجيًا مما انتج فكر متقدم بأعمال الاحتجاج و الهدم لكنه لا يملك اي تجربة تاريخية في البناء وبالتالي فقد هذا الجيل السياسي الحالي اي رؤية بناء دولة لأنه مبني ثقافيا على الثورة و الهدم ( مثال : كتبوا الدستور العراقي الحالي تحت فكرة المعارضة و هم في الحكم اصلاً )، علما انالمقصود هنا ليس الشخص الشيعي الذي يتمذهب بالوطن لكن المقصود هنا هو الشخص الذيينظر للوطن من خلال رؤية المذهب الشيعي…
هذا مثال الفشل و سنسرد مثال النجاح في مقال اخر .
الحكم : هو رؤية و منهج بناء و ادارة البلدان