مسرحية قصيرة جدًّا
خاص : بقلم – عدّة بن عطية الحاج (ابن الرّيف) – مستغانم -:
في أدغال “إفريقيا” يوجد عدّة أضرحة لأولياء صالحين وطالحين؛ منها “ضريح السّعادة”، من زاره وقصده نال السّعادة في الدّنيا، إنّه ضريح مصنوع من خشب شجرة الأبنوس.
ـ سادن الضّريح: أنا منذ سنوات أقوم بخدمتك وبذلت مهجتي في سبيل رضاك، لماذا لم تمنّ بالشّفاء على ابني الوحيد (لقمان)؛ الذي يُعاني من ويلات داء السّرطان الخبيث ؟ دعوتك مرارًا ولم تستجب، لقد طال صبري وانتظاري.
ـ ضريح السّعادة: هل تظنّني طبيبًا مختصًا في أورام السّرطان ؟ هذا ليس اختصاصي، أذهب بنجلك إلى مستشفيات سويسرا، هناك سيعالجونه من هذا الدّاء الخبيث، إنّهم يملكون أرقى الوسائل في معالجة المرضى، فلا تكلّفني ما لا أطيق.
ـ العابد: يا ضريح السّعادة، لقد دعوتك عدّة مرّات لكي أظفر بعمل يقيني غائلة الجوع، ولكنّك لم تُحرّك ساكنًا، ماذا دهاك ؟ حتّى في الدّراسة لم توفقّني ورسبت عدّة مرّات.
ـ ضريح السّعادة: أتخالني مديرًا لوكالات تشغيل الشّباب أو تحسبني أستاذًا أقدّم دروسًا خصوصية ؟ شمّر عن ساعديك وأبحث عن أيّ عمل مهما كان لكي تضمن قوت يومك وتحفظ كرامتك، أمّا بخصوص الدّراسة فإنّ السّماء لا تمطر ذهبًا ولا فضّة، عليك أن تجتهد في دروسك وتتحصّل على أرقى الشّهادات لكي تنال وظيفة سامية تليق بشهادتك، لا تنتظر منّي أن أساعدك.
ـ العابد: لقد ضيّعت شبابي وأنا أعبدك، ولكنّني سأحطّم ضريحك بفأس التّحدي، من الآن فصاعدًا لن تُعّبد في هذه الأرض من دون الله، أنت ضريح من خشب ولا تتُقن إلاّ لغة الخشب، العيب فينا لأنّنا نسينا الله وعبدناك.
ـ سادن الضّريح: سأحطّمك يا أيّها الصّنم الأخرس، وسأستعمل ألواحك كوقود في المدفئة لعلّها تمنّ بالحرارة النّاعمة على جسد ولدي لقمان النّحيف.
ـ ضريح السّعادة: ههه، أنتما من جعلني إلاهًا يُعبد من دون الله، أفعلا ما شئتما، أنا لا أعبأ بكما، دعوني أذهب في حال سبيلي.
وفجأة يختفي ضريح السّعادة لأنّ الأرض ابتلعته عندما ألمّ بها زلزال عظيم.