18 نوفمبر، 2024 1:15 ص
Search
Close this search box.

مركة الجيران طيبهْ

هذا المثل يضرب لاستطابة الشيء الذي يأتي بالمجان لسهولة الحصول عليه، كنت جالسا في سيارة للنقل العام، وفي هذه الفترة صارت سيارات النقل العام منابرا لطرح الآراء والافكار، وبدأ الحديث حول ولاءات السياسيين للدول الخارجية، وكان القطبان الرئيسان في الحديث ايران والسعودية، فكان كل طرف يخرج مافي جعبته وبالاسماء، فلان دفعت له السعودية كذا مبلغا من المال لتخريب العملية السياسية، وفلان دفعت له ايران لتأسيس فضائية تبذر البذور للافكار المتطرفة، وفلان وصل به الامر ان يجعل من احدى المدن متاريسا للاسلحة المصنوعة في اسرائيل والآتية عن طريق السعودية، شاب صغير ادلى بدلوه، فقال : انا اتسلم مرتبا في الصحيفة التي اعمل بها يأتي من خارج العراق، لان الصحف الآن تباع لدى الموزعين كل اربعة بربع، والبعض منها مجانا ولا احد يقتنيه، الى ان دخل على الخط رجل عجوز كان يجلس قريبا مني فقال: بويه عليمن تعبانين ، تره مركة الجيران طيبهْ.
ضحك من ضحك وتندر من تندر، ولكنني اتجهت اليه واقتربت منه، حجي اشلون هاي مركة الجيران ، وليش طيبهْ، فقال: بويه هذا واحد يمنه، شالوا جيرانه من وراه، يوميه ايودي افروخه وبديهم مواعين، ويوزعهم على بيوت الدربونه، كل واحد ايدكله باب، الى ان ضجت الدنيه منّه وشردت الوادم، واحنه التمينه جم واحد، ورحناله، عمي انته بيش تطلب الوادم هججتها، اشعدك ادك بالبيبان انته وولدك ومواعينكم بديكم، فقال: والله ياجماعة السبب الوحيد لان مركة الجيران طيبهْ، ضحكت كثيرا وانا اسقط المسألة على سياسيي العراق، وعرفت السبب في تهافتهم على قطر والسعودية وايران وتركيا، لان مركة الجيران طيبهْ، والامر بات يتعدى السياسيين الى ممولي الصحف والفضائيات، وانا اكاد اجزم ان اغلب الفضائيات تمول من الدول المجاورة، لان كل فضائية وصحيفة تنتهج منهج دولة معينة، وهذا يجعلني متأكدا مما اقول، حتى انني استطلعت آراء اكثر العاملين في مجال الاعلام وقد كنت واحدا منهم الى ان رحمني ربي وابعدني عن هذا الطريق، احدهم كان يشم المئة دولار ويقول فيها رائحة نفط السعودية، اما ايران فحدث بلا حرج، قال لي احدهم وهو صديق طفولتي وصارحني بالمفيد، مو تريد اتصير وطني براسي، الفلوس تجي من ايران، وراتبك تاخذه مناك، هذا على مستوى الحياة الاعلامية البسيطة، فكيف باصحاب القرارات والنواب، وعلى هذا الاساس، ومادامت مركة الجيران طيبهْ فلن تقوم للعراق والعراقيين قائمة، كل الشعوب تعتز باوطانها وبلا اناشيد وشعراء وصل عددهم الى اكثر من مليوني شاعر، وكلهم يتحدث ويتغنى بحب الوطن، اتمنى ان ارى شاعرا يابانيا واحدا يتغنى بحب اليابان، ولكن ايضا اتمنى ان ارى مواطنا يابانيا واحدا يتعاطى الرشوة والفساد، وانا هنا اتوجه بالسؤال للعراقيين، من يحب وطنه اكثر، العراقي ام الياباني، قطعا سيقولون الياباني لانه غير شكل البرتقالة من كرة الى متوازي الاضلاع ليسهل شحنها وتصدريها وبالتالي منفعة البلد ستكون اكثر، ومادام الجواب هذا، لماذا تهرجون ايها الاخوة؟، وسيكون الجواب شافيا ووافيا ومفيدا، سيقول الجميع مثل ماقال صاحبنا جيران الحجي:
مركة الجيران طيبهْ.

أحدث المقالات