رواية “حبيبي كجبران”.. قد ينتصر الحب الصادق رغم قسوة الحياة

رواية “حبيبي كجبران”.. قد ينتصر الحب الصادق رغم قسوة الحياة

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “حبيبي كجبران” للكاتبة السورية “فاطمة البقاعي” رواية رومانسية تحكي عن قصة حب لا تخلو من مفاجآت، مستلهمة قصة الحب الشهيرة ما بين الكاتبة “مي زيادة” والكاتب “جبران خليل جبران”.

الشخصيات.

البطلة هي “حسناء”، وهناك شخصية أمها كشخصية رئيسية، وشخصية الحبيب المجهول الذي نظل طوال الرواية لا نعرف له اسما، ثم نكتشف في قرب نهاية الرواية من هو. وشخصيات ثانوية تحيط بالشخصيات الرئيسية.

الراوي..

تحكي الرواية من خلال راو عليم يحكي عن الشخصيات الرئيسية، ويحكي مشاعرها وأحاسيسها وما تفكر به وصراعاتها الداخلية، وكان التركيز الكبير على شخصية “حسناء” وشخصية الأم ويحكي الأحداث وتصاعدها .

السرد..

تقع الرواية في حوالي 256 صفحة من القطع المتوسط، تدور عن قصة الحب وتتناول في أثناء الحكي عنها تفاصيل أخرى، تشبه حكاية الحب حكاية “جبران ومي” لكنها تأثرت بها من جانب واحد واتخذت القصة في الرواية مسارا آخر، حيث حدث ربط ما بين قصة الأم وقصة الابنة من خلال الحبيب، كما تناولت قضايا أخرى في ثنايا الرواية وانتهت نهاية سعيدة تليق بحكاية رومانسية.

الحب..

تناولت الرواية قصة حب كبيرة، حيث بدأت عن طريق المصادفة، وعن طريق وسيلة هي من أكثر الوسائل رومانسية وهي الرسائل المتبادلة ما بين حبيبين لا يعرفان بعضهما البعض، وامتدت على مدى سنوات طويلة تجاوزت ال15 عاما، وكان ما يمنع لقاء الحبيبين كون كل واحد منهما في بلد وصعوبة سفر البطلة “حسناء” نتيجة تعلقها الشديد بأمها التي ترفض ترك أرض الوطن. وكانت “حسناء” مجبرة على البقاء مع أمها كما كانت مجبرة أيضا على الشعور بحبها لذلك الحبيب المجهول، لأنها لم تستطع أبدا أن تحب رجلا آخر رغم توفر أكثر من فرصة لذلك.

فهي قصة حب تذكرنا بقصص الحب القديمة التي كانت تمتد على مدار سنوات طويلة، والتي كان يتمسك فيها الحبيبين ببعضهما البعض رغم العوائق والظروف، وكان الحب ينتصر على كل العوائق والظروف.

الخراب والفوضى..

رغم أن الرواية كرست لقصة الحب تلك إلا أنها نقلت أيضا سوء الأوضاع في سوريا بعد الأحداث التي مرت بها،  وكيف أنها أصبحت تمتلئ بالخراب، فكثير من الشباب إما تم قتلهم واغتيالهم في حوادث عنف أو تم هروبهم إلى الخارج، وأصبحت الشوارع غير آمنة بدخول جماعات التشدد الديني وتوغلها داخل الشوارع، وممارستها العنيفة تجاه الناس وخاصة النساء وتفشي العنف.

وتحطيم البيوت وسرقتها وترويع الآمنين، فقد عانت سوريا وما زالت تعاني من عدة سنوات من تفشي الفوضى والخراب والصراعات وافتقاد الأمان.

العادات البالية..

كما أشارت الرواية إلى قضية هامة تدور في المجتمع السوري وربما في مجتمعات أخرى شرقية، وهي تزويج البنت من ابن عمها وكيف أنه تتم محاصرة الفتيات، خاصة في المناطق الريفية، واعتبارهن ممتلكات للعائلة يتم التحكم فيهن وفق أهواء العائلة. مما يعكس مدى التحكم الذكوري في النساء خاصة في منطقة الريف والمناطق الفقيرة، فقد يتم تكريس الفتاة إلى ابن عمها ويمنع تزويجها من أي رجل آخر وذلك سعيا من ذكور العائلة للحفاظ على الثورة والأموال في نطاق العائلة الواحدة، مما يعني أن المجتمع القبلي والعشائري مازال متواجدا ببعض عاداته.

وتحكي الرواية من خلال قصة أم حسناء كيف أن هذا العادات البالية تحول حياة الفتيات إلى مأساة، فقد حرمت أم حسناء من حبها الوحيد الذي كانت تتمناه وأجبرت على التخلي عن زوجها الذي تمنت أن تعيش معه باقي عمرها. وأجبرت على الزواج من ابن عمها المريض بل وترملت بعد عام واحد من الزواج. وظلت طوال حياتها وحيدة دون حبيب أو زوج وكرست حياتها لابنتها الوحيدة “حسناء”، وظل حبيبها يسكن في أعماقها طوال أكثر من ثلاثين عاما. وربما تؤدي تلك العادات البالية التي هي أصلا تخدم مصالح الذكور المادية ربما تفسد حياة العشرات من النساء وتجعلهن يعشن حياة بائسة وربما يمتن كمدا كما حدث مع أم حسناء.

مسار غريب..

اتخذت الرواية مسارا غريبا بعد أن كانت تدور حول قصة حب أسطورية امتدت لسنوات طويلة دون أن يتقابل الحبيبان، إلا أنها فاجأتنا قرب انتهاء الرواية بأن ذلك الحبيب المجهول، الذي أحبته “حسناء” لمدة تزيد عن 15 عاما، ما هو إلا حبيب أمها الذي حرم منها في السابق وحرمت منه. ولم نكتشف كقراء إلا حين أتى إلى سوريا وقد رأته الأم، ومن فرط صدمتها بذلك الاكتشاف مرضت، ونزلت المفاجأة على الحبيب أيضا كالصاعقة وأحس أنه يتعرض لاختبار إلهي أكبر من قدراته على التحمل. لكن القدر، أو مشيئة الكاتبة، اختارت أن تزيح الأم من طريق الحبيبين بعد أن اختارت الأم أن تضحي من أجل ابنتها بحبيبها وتهديه لها، لتؤمن حياتها ومستقبلها وتحميها من طمع وخطر أعمامها

هذا المسار الغريب في الرواية ربما يحدث على أرض الواقع، فالحياة أحيانا تفاجئنا أكثر من خيالنا، وقد اختار “حسن” الحبيب أن يتمتع بهدية القدر له، ويتزوج “حسناء” وفق وصية أمها ليعوض ما فاته من عمر ومن حب لم يتحقق.

اعتمدت الرواية على لغة مفرطة في شاعريتها  لتصور الحوارات التي كانت تدور بي الحبيبين “حسناء وحسن”، كما رسمت شخصية “حسناء” والأم بعمق. ونقلت الخلفية الاجتماعية للرواية بشكل جيد. وكانت قصة الحب أسطورية مثل حكايات الجدات التي تحكيها للصغار.

الكاتبة..

“فاطمة البقاعي” كاتبة من سوريا، تحمل الشهادة الابتدائية فقط، ورغم القيود الحياتية استطاعت أن تحقق حلمها أخيرا، وبعد مرور سنوات طويلة نشرت عدد من الروايات التي لاقت نجاحا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة