18 ديسمبر، 2024 11:25 م

كان مفهوم العائلة مقدسا بالنسبة لي بحسب قول جدي( العائلة شجرة والفرد فيها غصن ينمو ويضعف بنمو وضعف الشجرة الاصل).
هكذا كنت اعتقد خلال السنوات الاولى وهي الاهم في عمر اي انسان فمضيت جادا في السعي للحفاظ على اواصر المودة الطيبة وتقديم كل ما يمكنني تقديمة للمقربين.
لم اكن اعرف مفهوما آخر ولم اعرف ان للإثرة والايثار وعلاقة الانا وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة اثر كبير في تغيير المواقف والافكار حين تواجهك مشاكل وصعوبات ليس لك طاقة على تحملها وتتلفت حولك فلا ترى من تلك الشجرة جذع ولا غصن ولا ورقة ………………………..
الله تعالى فقط تسأله برحمته الواسعة ان يكون معك .
يشتد بك الخطب وتكون غير ذي نفع فيعمدون الى قطعك ورميك بعيدا بعيدا بعيدا حتى عن حدود ظلال الشجرة .
اليوم ادرك جيدا انك ان اردت ان تحيا فلا تدع لاحد في مشاعرك عاطفة او مودة او تؤثر على نفسك باي شيء فكل افكارك القديمة باطلة وزائفة ومعطلة عن العمل .أجل أدرك اليوم ان الانا والانا فقط هي المؤثرة والمهمة وهي التي لها السطوة والقدرة في القول والعمل .
هل تجدون كلماتي حادة وفيها تجن على الحقيقة ….؟
هل تقولون ان الخير موجود على هذه الارض وان الطيبة مازالت متأصلة في نفوس الناس ….؟
اه……………..كنت قبل اليوم اعتقد هذا لكن الذي حدث زلزل اعتقادي وها انا اسرد لكم ما حدث….؟
عرفتها طفلة في السابعة من العمر لأبوين لم تسد حياتهما الزوجية المودة والحنان كما يجب ان يكون وصار الخلاف مظهرا دائما بينما كانت شقيقتها التي تكبرها بسبع سنوات فتاة على اعتاب الشباب تطلب الكثير وترفع بصرها الى مالا طاقة به لأبيهما الذي يكدح ليوفر لهما العيش الكريم بينما كانت البنت تكيل له اللوم سرا في بداية الامر ثم ما لبثت ان فاض بها الى العلن بل لم تكتفي باللوم ولكن صارت ترمقه بعين الضعة والاحتقار تشاطرها امهما الرضا والقبول بل وتحظى بمباركتها ….
لم اكن آنذاك الا طفل في الرابعة عشر من العمر اي كان عمري مقاربا للفتاة التي تزدري والدها وتنكر عليه ضعفه المادي وتتشدق عليه وبلا حياء امام الاخرين وكنت احضر بحكم علاقة القرب والجوار بعض الجلسات العائلية التي تتناول خلاف افراد الاسرة واعجب من تحامل الابنة والزوجة على ذلك الرجل بل واعجب لجرأة وصلف الابنة التي صارت تعتبر نفسها حرة وليس لاحد عليها من سلطان …………………..
بعد حين من الزمان سمعنا ان الاب خرج من الدار ولم يعد اليها قالوا انه مضى الى بلاد اخرى ,
أجل خرج ولم يعد وبهذا فقد اصبحت البنت اكثر صلفا واشد وقاحة ووجدت في خلو البيت من الاب حرية وراحة اما الراحة فهي الان اصبحت الآمرة الناهية في البيت تؤازرها ام تتستر على خطايا الفتاة المراهقة وتختلق لها الاعذار بل وتتحامل على الناصحين لها بوجوب مراقبة الفتاة ومحاسبتها وتفرش عباءتها امامهم بصورة مؤثرة تطلب اليهم ان يخبروها بأفعال الفتاة الغير لائقة او تدعوهم الى ما تسميه ب(الكعدة العشائرية) لذا لم يعد احد يتحدث الى الام او الابنة وكان شعارهم (باب اليجيلك منه ريح سدة واستريح) اذ كان لكلمة (الكعدة العشائرية )تأثير كبير فقد يتعرض المرء من خلالها الى السؤال والجواب وربما القسم بالمقدسات وعليه الاتيان بدليل خبره الذي قد لا يتوفر لديه وكذلك تعرضه واسرته للأحقاد والضغائن وربما تعرض للانتقام لذا فهم معذورون في الكف عن النصيحة ولا لوم عليهم ولا تقريع .
اخذت البنت حريتها اذ لم يعد لاحد عليها سلطان او سلطة فلا وجود لمن يسألها عن افعالها واقوالها وباتت حرة التصرف ليس في نفسها فقط بل بأفراد الاسرة الآخرين وكان لها اسلوبها في التقرب ممن تريد التواصل معهم واختلاق الازمات مع من تجد في قربهم قيدا لحريتها وعينا ترقب شأنها وكم كانت بارعة في تصوير احداث وتمثيل اكاذيب .
……………………….
دارت الايام ومضت الشهور واصبحنا بعيدين كل البعد عن تلك العائلة وغابت عنا اخبارها بعد ان تغيرت احوال العائلة وارتقت ماديا على حين غرة وبهذا فقد اصبح البيت الصغير القديم المؤجر غير لائق بالحالة الاقتصادية الجديدة فتم انتقالهم الى احد الاحياء الراقية في المدينة ومن ثم تم انتقالهم الى مدينة اخرى وقد رافق هذا الامر الكثير من التقولات والشائعات ظلت تتداولها الالسن زمنا ثم كأي حدث يتداوله الناس لفترة من الزمن وسرعان ما يخف شيئا فشيء الى ان ينسي الحدث تماما ولم يعد يتطرق له احد .
عشر سنوات مضت اكملت خلالها دراستي وحصلت على وظيفة في دائرة قانونية في مدينتي وهنا كانت المفاجأة .