تُرى لماذا إزدادت مبيعات البنك المركزي من العُملة الأجنبية لِتتجاوز أكثر من خمسة مليارات دولار شهرياً؟ لماذا زادت قيمة الحوالات إلى الخارج خصوصاً في هذا الوضع المُعقّد الذي يَمُر به المشهد السياسي؟ أين الرقابة وماذا يستورد البلد بهذه المبالغ الضخمة التي تخرج إلى غير رجعة؟.
من المؤكد أن إستنزاف العملة الصعبة وتهريبها من العراق مسؤول عنها نظام تخريبي مُمنهج يسعى للتهديم الإقتصادي المُتزامن مع الفوضى السياسية التي تجتاح البلد، حيث أن سكوت حكومة تصريف الأعمال عمّا يجري من هدر للعملة الوطنية يُثير أكثر من شُبهة وسؤال عن دورها الرقابي والقانوني في مُراقبة هذا الإنهيار والسرقات المُمنهجة التي تقوم بها جماعات أو مؤسسات تقف ورائها إرادات خارجية مشبوهة بالإتفاق والتخادم مع مصالح أو جهات حكومية تتبادل المنفعة فيما بينها لِتدمير إقتصاد العراق بالتوازي مع الإنفلات السياسي والأمني الذي يُخيّم عليه.
المُشكلة أن الجميع يخشى بل ويتحاشى حقيقة لايُريد الإعتراف بها أن هُناك من يستغل الأزمة السياسية لأغراض في نفس يعقوب، بل قد يسعى لإطالة أمد الأزمة للحصول على منافع ومكاسب شخصية ومنفعية.
إستمرار الأزمة السياسية بِحالها بين كرّ وفرّ يعني أن العراق قد يُباع أرضاً وشعباً شيئاً فشيئاً وبالتفصيخ إذا لم يتم تدارك هذه الكارثة.
مايُؤشر من واقع مؤلم ومُفجع أن هناك من لايُريد أن يُغادر العراق إلا وقد جعله يُعلن إفلاسه ومديونيته.
لم يُشبِعَهم إرتفاع أسعار الدولار مقابل الدينار، ولم يكتفوا بسرقات قانون الأمن الغذائي، لم تَشبع نفوسهم المريضة من مليارات الدولارات التي تصب في جيوبهم من عائدات تصدير النفط وإستحصال إيراداته لِصالحهم، لكنهم يُخططون اليوم بفعل مُمنهج وعمل مدروس إمتصاص العُملة الصعبة من مزاد البنك المركزي وتهريبها إلى الخارج تحت عيون الأشهاد والحكومة التي لم تُكلّف نفسها عناء السؤال والبحث أو حتى الإستفسار ماذا يستورد هؤلاء بهذه الحوالات من الخارج؟ وهي التي كانت دوماً ترفع شعارات مُكافحة الفساد وتُدغدغ مشاعر الشعب بِخطاباتها في محاربة الإفساد والمُفسدين.
هل هُناك مُستفيد من هذه الأزمة السياسية وذلك التناحر؟ بكل تأكيد هناك من لايُريد الإستقرار والهدوء السياسي وترك الأمور تتأزم لأن عكس ذلك يعني المُحاسبة والسُؤال.
أيُها المُتصارعون والمتناحرون نخشى بإستمرار أزمتكم السياسية وصِراعكم على كراسي الحُكم والسُلطة أن يأتي اليوم والوقت الذي لاتجدون فيه هذه الكراسي إلا وقد تم بَيعُها في الأسواق وهُرِبّت إلى الخارج ولات ساعة مَندَمِ.