18 ديسمبر، 2024 10:00 م

ماتزال العيون ترنو نحو اربيل

ماتزال العيون ترنو نحو اربيل

لا يختلف اثنان أن الخلافات الحادة بين الفرقاء السياسيين المشاركين وغير المشاركين في العملية السياسية التي وصلت الى الصدام المسلح هي خلافات متراكمة قديمة جديدة ومنها تعود الى زمن المعارضة ومنها طفت للسطح بعد سقوط النظام السابق نظراً لكثرة اعداد القوى السياسية واختلاف اهدافها وتوجهاتها الفكرية وارتباطاتها بالدول المحيطة والصراع على المغانم في بلد ثري يفتقد لأبسط مقومات الحياة العصرية نتيجة الحروب والويلات وعمليات الفساد الكبرى ونهب المال العام من قبل قوى كانت تحلم بالوصول الى السلطة.

تجذر تلك الخلافات وتراكمها بين القوى السياسية وعدم وجود ارادة حقيقية لديها لبناء نظام يحتكم للقانون والدستورفضلا على غياب الروح الوطنية لبناء ما دمره النظام الدكتاتوري السابق وكثرة الاموال التي درت على العراق بعد 2003 نتيجة لأرتفاع اسعار البترول في الاسواق العالمية،ومآلات نظام المحاصصة المقيت، شددت من حدة الصراعات والخلافات بين تلك القوى التي عجزت عن الاتفاق على المصلحة الوطنية واصبحت المصلحة الشخصية والحزبية هل من ضمن اولوياتها ،ومنذ 2006 وبعد كل انتخابات ينتظر الشعب العراقي اشهر لكي يتفق الفرقاء على تقاسم المغانم لتتشكل حكومة جديدة عسى ان تتمكن من تغيير اتجاه البوصلة نحومصلحة الشعب وبالاخص الطبقة الفقيرة من المجتمع.

انتخابات شهر تشرين الاول الماضي افرزت نتائج مخيبة للآمال بالنسبة لبعض القوى الاسلامية الشيعية،نتيجة فشلها لأدارة البلاد على مدى 19 عاما ولم تعترف تلك القوى بفشلها ورفض الشارع لها ما دفعها الى التوسل بجميع السبل لأستمرارها في السلطة ودخلت في صراع محتدم مع القوى الفائزة في الانتخابات، الا ان الصراع بين القوى الفائزة والخاسرة تجاوزت كل القيم والاعراف في النظم الديمقراطية، مادفعتها الى الصدام المسلح بين قوى التيار الصدري والاطار التنسيقي وسقوط عدد من القتلى والمصابين من اعضاء وانصار الفريقين.

رغم ان السيد مقتدى الصدر الزعيم السابق للتيار الصدري تمكن من خلال مؤتمر صحفي مقتضب توجيه نداء الى انصاره بوقف القتال وانهاء الاعتصام الذي استمر على مدى شهر في المنطقة الخضراء والانسحاب من المنطقة وإطفاء شرارة الحرب الاهلية التي كادت ان تحرق ماتبقى من العراق،الا ان الخلافات ماتزال على حالها وليس هناك اية بوادر في الوقت الحاضر لحل الانسداد السياسي سوى التصريحات والزوبعات الاعلامية للفريقين المتخاصمين.

خلال الاشهر الاخيرة طرحت عدة مبادرات من قوى وشخصيات سياسية محلية واقليمية ومطالبات دولية بأيجاد حل للخروج من النفق المظلم،لكن تم رفضها من قبل هذه الكتلة او تلك التي لاتريد ان تتفق على مصلحة البلد وليس لها ارادة لتوفيرحياة حرة كريمة للشعب الذي قدم تضحيات جسام واريقت دماء ابنائه سواء في الحروب العبثية التي افتعلها النظام السابق اوالاقتتال الطائفي بعد 2003 والصراع على السلطة.

واحصى سياسيون ومراقبون للشأن العراقي 11 مبادرة لحل الانسداد منها مبادرة الرئيس مسعود بارزاني في ( 31 كانون الثاني 2022) بناء على تلك المبادرة زار السيدان نيجيرفان بارزاني رئيس اقليم كوردستان ومحمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب السيد الصدر في النجف، تلاه مبادرة للدكتور اياد علاوي زعيم تحالف الوطنية في بداية شباط ، مبادرة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي في(4 نيسان 2022)، مبادرة زعيم تحالف قوى الدولة عمار الحكيم في(8 نيسان 2022),مبادرة مبادرة تحالف من أجل الشعب في (24 نيسان 2022)،وستة مبادارات من قبل التيار الصدري والاطار التنسيقي.

 

القيادة في اقليم كوردستان حاولت وبشتى السبل وطرح المبادرات جمع الفرقاء السياسيين والشروع بحوار وطني جاد لحل الخلافات،سواء من خلال زيارة الوفود الرفيعة المستوى للقيادات المتخاصمة في بغداد والنجف او دعوتهم الى اربيل للجلوس على طاولة الحوار للبحث عن مخرج من الانسداد السياسي الذي بات يهدد بنية الدولة العراقية والذهاب بها نحو حرب اهلية طاحنة ربما تمتد لعقود من الزمن كما حدث في الكثير من البلدان.

اليوم جميع المبادرات والدعوات للحوار وحل الخلافات قد نفدت ولم يبق هناك امل بالوصول الى حل يرضي جميع الاطراف المتناحرة،الا ان رئيس اقليم كوردستان السيد نجيرفان بارزاني جدد دعوته لجميع الفرقاء السياسيين بعد اعلان السيد مقتدى الصدر اعتزال العمل السياسي للحضور الى اربيل والجلوس معا على طاولة الحوار بروح وطنية وشعور بالمسؤولية لحلحلة العقد الاساسية فيما بينها والذهاب الى الحلول القانونية والدستورية لتشكيل حكومة مؤقتة تأخذ على عاتقها تنظيم انتخابات حرة نزيهة مع تعاون الجميع على تعديل قانون الانتخابات الحالي او صياغة قانون جديد واتخاذ القرار اللازم ببقاء المفوضية الحالية للأنتخابات من عدمه.

مع نفاد جميع الفرص لتحقيق مصالحة وطنية شاملة بين الفرقاء السياسيين ماتزال العيون ترنو نحو اربيل التي طالما كانت نقطة التلاق والبحث عن حلول وطنية للقيام بجمع القادة السياسيين وفتح باب الحوار البناء وصفحة جديدة من العلاقات والعمل المشترك لأختيار حكومة قوية قادرة على النهوض بالبلاد و بناء ما تم تدميره في العقود الماضية،سيما البلد يعاني من مشاكل بنيوية اقتصادية واجتماعية و وبيئية كبيرة بحاجة الى التخطيط العلمي المدروس والى همة عالية وطاقات بشرية مخلصة لمواجهة التحديات المستقبلية العديدة التي ستواجه البلاد.

عليه نناشد القيادة في اقليم كوردستان وبالاخص فخامة الرئيس مسعود بارزاني ورئيس الاقليم نيجيرفان بارزاني ورئيس حكومة اقليم كوردستان مسرور بارزاني الى مضاعفة جهودهم الوطنية والبحث عن مخرج حقيقي يرضي الاطراف المتخاصمة،لاسيما ان غالبية الفرقاء السياسيين يعلقون الامال ولهم ثقة تامة بالقيادة الكوردستانية لعبور العراق من الامواج المتلاطمة خاصة وان لها خبرة طويلة في علم وفن الحوار والتفاوض والأقناع.