يعمل الخلق الشعري ضمن إتجاهات متعددة تقوم بالأساس على إظهار القوى الخفية إن كان ذلك ضمن المضمون المنفرد أو ضمن المضمون العام لأكتشاف ماتَمَثّلَ من علاقة بينهما سواء كان ذلك بإستخدام الحدث المرئي أو بطرق أبواب الحدث عبر أبواب الذاكرة ضمن مرانية الأشياء بين وجودها الفيزيائي ووجودها المتصور في الذهن ، ،لذلك وعند قرأتي للعديد من النتاج الشعري للشاعرة كزال إبراهيم وجدت بأنها بوعيها أمام العالم الموضوعي وبعاطفتها وأنفعالاتها أمام عالمها اللامرئي لربط الظواهر المتخيلة بعضها مع البعض ومعظمها ظواهر ذات نتاج إنساني تتركز مرةً في الموت ومرة أخرى في الحياة والفعل الدلالي في هذا السلم هو جوهر الرحيل ومسمياته وجوهر الحياة ومتطلباتها ضمن إشكاليات متكافئة في الصور الشعرية لكلا الحالتين فالصور الشعرية للوقائع لها أمكنتها وزمانها المعلومين ولها إشاراتها التي توحي للمتلقي بما بعدَ البُعد المألوف كونها تخلق بذلك واجهة أخرى للوقائع من خلال تسميةٍ أو إشارةٍ أو إسماً مكانيا يظل عالقا في الذاكرة ولعل وجدانية هذا الخلق يقوم على مقومات جمعية أو بالأصح على شراكة جمعية في النظر للنتائج النهائية للفعل الجمالي في نصوصها بفعل أن المتلقي لن يجد فائضا من المفردات ولن يجد إيصالا غير مقنع في الجمل الشعرية ولن يجد تكرارا في التعبير عن المعنى لذلك فأن العلاقات التكوينية تصل بالمتلقي الى الصورة الروحية بعد أن يمتلأ بالإقترانات البصرية والإنعكاسات اللاحسية في أحد مراحل ذلك التكوين والذي يُطَعَمُ من إفرازات العالم الباطني وهو يمارس عملية الإسترجاع غير المُقيد :
بقدرِ تُفاحة القرية الحمراء
فقد أثمرت
تفاحةُ قلبي حُبك ،
بقدر تمايل
أشجار حلبجة
سكبتُ لك الدموع ،
إن مدخرات المعجم اللغوي للشاعرة كَزال إبراهيم ينتمي الى المفردات ذات التأثير المُتبادل أي تلك المفردات التي لها القدرة الإمتدادية ضمن الغرض الشعري فتجدها تلفتُ النظر هنا وتلفت النظر هناك أي أنها تحتوي على مركبات داخلية من مجموعة من العناصر حال وثوبها مكانها المختار وهي كلمات مسموعة لكنها مناقضة لسماعها لأن قدراتها التأملية تحفزها على حركة إنتقالية خارقة من اللفظ الى التخيّل وبذلك لن يكون هناك تصور مسبق لحدود النص الشعري مادام الشكل الجمالي يولد من تحولات متتالية إنتظارا للنموذج المرتقب والذي يُكون معياره الخاص في قصده الفني وأنسيابية تعاقبه وتلاقي مشتركاته المتنوعة بتوزيعات مريحة ضمن بنية النص تلك البنية التي تخلو من التكلف والتعميم أو الإغراق في المجهولية ،ولاشك أن مفردات مثل (مقبرة –الدهر – مشنقة – مذبوح – صرخة .. ) قد تألفّت مع مفردات أخرى بالتضاد منها مثل ( مشط –زهرة – شاطئ – أغرس – أشم .. )لكنهما أعطيا بعضهما للبعض رموزهما الدالة على التقارب فأقتربا في مساحة النص بفعل قدرة الشاعرة على تقنين مساحة العاطفة وتوسيع مديات الإنفعال الوجداني بالرغم من ظهور مسميات مكانية معروفة :
لم آت
من تلقاء نفسي
لأغدو طائراً أسيراً
كان هذا
بكاءُ أطفال كركوك
والصبايا الجميلات
في قنديل ،
لقد أفادتنا الشاعرة كزال إبراهيم أن لايمكن أن تكون هناك لذة في شئ ولاتوجد لذة في شئ أخر مادامت هناك متطلبات لكشف اللحظات المؤثرة والضرورية ومادامت هناك طرق إكتشاف متعددة ولغة قادرة على التعبير عن حاجاتها حين شكلت الشاعرة شكلها الخاص بعد أن إبتعدت عن وشائج العلاقات الخاضعة لقاموس الوعي أمام جهوزية اللحظة المفترضة
في مراحل ذهول الخيال ،
[email protected]
هامش :
التجربة الشعرية للشاعرة كَزال إبراهيم خَدر / شاعرة من كردستان العراق