(( أن قول الأمام علي بن أبي طالب عليه السلام ( إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك ولا رغبة في ثوابك وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك ) ومن هذا المنطلق في التفكير والتمعن والتدبر الخلاق السليم الصافي لما يجري من حوله بنظرة ثاقبة في ملكوت السموات والأرض وما يحيط بالإنسان في الطبيعة من دقة في الإبداع والصنع التكويني للمخلوقات الحية والغير حية الموجودة على وجه الأرض وهذه الدقة المتناهية للعقل البشري التي تصل بالإنسان حد الذهول حيث يتوقف عند الكثير منها في الإدراك والفهم وما مقدار التصاغر إزاء هذا الخلق العظيم عبر الزمان والزمن فلا بد للعقل البشري المنصف المدرك الواعي أن يقف بتمعن لهذه الموجودات والممكنة الوجود حيث أن كلاهما لن تأتي من فراغ أو صدفة فالبديهي وبحساب العقل البسيط المتجرد من السفسطة والتزمت أن يعلم كل موجود مهما يكن من الصغر المتناهي أو الكبر المتناهي يجب أن يكون له واجب الوجود والواجد لها له المقومات من القوة والعظمة وميزان التدبير الدقيق الذي لا يحتمل الخطأ والسنة والغفلة لإيجادها فكل ما يتخيله الإنسان ويلمسه من اتساع الكون كلما زادت عظمة الواجد لهن فلا يمكن للإنسان العاقل أن يلغي عقله الواسع الإدراك بالفطرة والخلق أن لا يتوصل إلى الحقيقة وينفي الموجود الأزلي الذي بيده كل شيء والذي ليس مثله شيء في الخلق كون أن العلم الحديث يُسلم أن لا شيء يأتي لوحده إلا بفعل فاعل وله الخواص والصفات المطلقة لتسير هذا الكون الفاني يمتاز بالقوة والحكمة والتصريف والتدبير المنظم بدقة متناهية لا يحتمل الخطأ منذ نشأت الكون ولغاية انتهائه فأن البشر منذ نشأته الأولى عرف أن لهذا الكون وظواهره وخوارقه ونظامه ورائه قوة مدبرة ومسيرة له فتوجه بالعبادة والتضرع والشكر وتقديم القرابين بأسماء ومسميات وطرق توافق مرحلة نضج عقله وبساطة معيشته على مدى حضارة الإنسان كالبابلية والسومرية والحضارة المصرية والفارسية وغيرها من الحضارات السابقة والموغلة في القدم وقد قدمت له فروض الطاعة والشكر خوفا من سطوته وطمعا بخيره .
فمن المنطق العقلي أن كلما تطور العقل البشري في فك رموز التطور للمدركات الحسية والقدرات العلمية للكون والموجودات القديمة والمستحدثة التي رافقت حياة الإنسان زاد توصله إلى معرفة كنه المدبر لها من خلال تزكية عقله وتطهيره من الشكوك والعناد والتعالي على الواقع وعليه أن يعترف بهذه القوة المطلقة في تسير نظام الكون المترامي فليسميها ما يشاء لكن المهم الاعتراف بها والإيمان المطلق بوجودها ويسلم عقله إلى المنطق السليم الواعي أن هناك إله واحد فرد صمد لا شريك له في الملك قادرا على إدارة وتدبير هذا النظام الكوني من غير جدل أو عناد أو شك يخالف لفطرة العقل السليم . فأن العقول التي توصلت إلى حقيقة القوة الخفية وراء التحكم بظواهر الطبيعة وأسمتها الإله فحري بالعقول الحالية أن تحذو حذوها في الإقرار والتسليم لهذا الإله الواحد والمنسق للكون فأن أدراك العاقل الواعي أن الرابط بين الواهب بالموهوب علاقة طردية وهي الشكر والامتنان والعبادة والطاعة فكلما زادت النعم والعطايا من الواهب المطلق بالجود والكرم الذي لا ينضب يقابلها الشكر والعرفان من قبل الموهوب فأن النعم التي يملكها الإنسان تحتم عليه أن يقابلها بالشكر والتقدير والعبادة للواهب بالشكل والطريقة والأسم والصفة التي تليق بالإله سبحانه وتعالى ))