ابتداء اقول ليس لي شخصنة في اي موضوع ، ولست مع السيدان الصدر والمالكي ، ولا تهمني آليات عمل الكتلتين ان صح ان نسمي الاطار كتلة ، وأنا مواطن حر لا أؤمن بكتلة شيعية او سنية ولا ببيت شيعي او كردي او سني ، جنسيتي تقول اني عراقي عربي مسلم وأتمنى لوكانت لم تذكر غير اني عراقي ، وأعترف بأني مع مشروع الصدريين (الاغلبية) وضد الثالوث الاطاري (التوافق ، الشراكة، التوازن ) واسميتها في احد مقالاتي (ثالوث الفشل) .. ويحق للقراء الاعزاء رفض الفكرة شرط ان يقدموا دليلا على وجود عنصر فشل غيرها لأثبت له ان ذلك العنصر هو مخرجات طبيعية لهذه المدخلات على مدى اكثر من عقد ونصف من الزمن .
لست كاتبا فقط بل رجل قانون ايضا وعسكري متقاعد ، وعندما يعيش المواطن تحت قدسية الانضباط العسكري الصارم لعقود من الزمن ويدرس القانون ويعمل في القضاء الواقف ويدرس ان الدستور هو ((القانون الاعلى والاسمى )) وأن القانون كالموت لا يستثني رئيسا او وزيرا ،وأن المحكمة الاتحادية الموقرة مستقلة لا سلطة عليها الا للقانون يعي ان القانون هو فوق السلطات الثلاث وأن الشعب هو مصدر كل سلطة وكل تشريع ، وسيعي حنما قيمة القضاء وقيمة الشعب وقيمة السلطة الرابعة .
لذلك دافعت عن القضاء في مقالاتي القديمة، ونشرت عن اصلاح القضاء وكانت احدى مقالاتي بعنوان (تمهيدا لإصلاح القضاء) وكان التمهيد يشمل حل هيئتي النزاهة والمساءلة ، كون مهامهما قضائية بحتة وطالبت ايضا بعدم اعطاء مهمات قضائية لغير القضاء كلجنتي الامر الديواني (129س) واللجنة (60) ولجان مكافحة الفساد التي شكلت خلال عهدي السيدين عبدالمهدي والكاظمي ،ولعل هيمنة القضاء على كل مهام القضاء هو اللبنة الاولى لبناء هيبته التي فيها تكمن هيبة دولتنا .
اذا اردنا تقيم او تقويم القضاء في اي بلد علينا توخي الانصاف من خلال معرفة بيئة ذلك البلد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والامنية .. ولا اريد خدش مشاعر احد بل اختصر بالقول ان مستوياتها في العراق معروفة لدى القاصي والداني ، فلا يحق لنا ان نطالب القضاء ان يكون مستقلا مثلا ، او نطالب فريق كرة القدم العراقي ان يفوز بكأس العالم ، وأن نعذر القاضي ان خضع لتهديد جهة معينة فالقاضي انسان وليس روبوت كي لا يخشى الجهة التي ضربت منزل رئيس الوزراء بالمسيرات الملغمة ، كما نعذر مدير المنفذ الحدودي عندما يعطي حصة من واردات المنفذ لجهة ما ، وإلا سيطير هو ومنفذه ، ونعذر الأدعاء العام على عدم القاء القبض على جنود الحشد الشعبي الذين ظهروا على الشاشات يدوسون ببساطيلهم على صور قائدهم العام حسب قانون الحشد الشعبي .. نعم الجماهير المتظاهرة يحق لها ان تفعل كل شئ عدا الاضرار بمؤسسات الدولة فقد حصل قبل نصف قرن ان قام المتظاهرون بقذف وزير الدفاع البريطاني بالبيض الفاسد ، وقامت صحفية بصفعه ولكن لو داس جندي بريطاني على صورة وزير الدفاع البريطاني نفسه لتعرض لعقاب شديد .. نعم ونعذرالقضاء ايضا ان حاسب وزير الصناعة الاسبق على قسمه ولم يحاسب من تم تأدية القسم ، وسيحاكم الاول رغم انه يعلم والقضاء يعلم وقبلهم الشعب يعلم ان يندر ان يوجد منصب دون تعهد بالطاعة المطلقة او سداد بتوقيع كمبيالة او صك بدون رصيد او ان تعين الكتلة مديرا لمكتب الوزير شرط ان لا يتدخل الوزير باعماله والتي منها العقود الوهمية وغير ذلك الكثير ، فقد يكون القسم لاغراض المصلحة العامة فالكتلة جعلته يقسم لكي تضمن تطور الصتاعة والدليل واضح وهو اننا قمنا بتصدير رقائق الكومبيوتر الى اصقاع الارض في عهد الوزير الاسبق صاحب القسم بسبب ان السيد رئيس الكتلة كان خبيرا ومتخصصا بالتطور الصناعي .
السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه ان هذا (الفرهود) في دم الشعب وأمواله الذي دللناه بتسميته (فساد) هل كان يمكن ان يتعملق بهذه الكيفية غير المسبوقة لو كانت مؤسسات الدولة تعمل بموجب الدستور والقانون الذي تباكينا عليهما جميعا ؟؟ اعطوني رئيس وزراء واحد لم يخرق الدستور الف مرة على الاقل وسأعتزل الكتابة وامتنع عن الظهور في الاعلام واعتزل المحاماة ان كان اقل من الف .. كل تعيين او تكليف لقائد فرقة دون موافقة مجلس النواب هو خرق دستوري واهانة لمجلس (ممثلي الشعب) وهكذا الدرجات الخاصة ، وغير ذلك الكثير فقد سبق ان نشرت عشرة مقالات متسلسلة عن خروق الدستور لرئيس وزراء واحد وعند نشري للجزء العاشر وجدت اني لم اصل الى ثلث مواد الدستور المخترقة فتوقفت .. ونشرت سلسلة من ست مقالات بعنوان (( السادة رئيس واعضاء مجلس القضاء الاعلى المحترمون)) .. دفعت الجزء الاول الى الموقع الرسمي للمجلس اوضح لهم رأيي بدستورية القانون (72) قانون الحجز والمصادرة واوضح لهم تعسف بعض المحاكم فكان جواب أدمن الموقع (( حدد القانون محكمة البداءة محلا للطعن ..)) اجبتهم بأن هذه مواضيع عامة تخص المجلس ولست بمدعي .. واضطررت الى نشرها على صفحات الزمان وهذا النص هو نفسه يمثل حكم الاتحادية العليا على من طعن بدستورية القانون امامها خلال العام 2017 او 2018 (( حدد القانون جهة الاعتراض وهي لجنة الامر الديواني …)) فهل يجوز الطعن بدستورية قانون امام لجنة ؟؟
يبقى القضاء هو المسؤول الاول عن مكافحة الفساد واستعادة هيبة الدولة ، وأعترف بأنها مهمة في غاية الصعوبة والخطورة ، وكلما اطاح القضاء بمفسد كلما سهل الموضوع امامها شريطة ان يطاح بالجهة الداعمة لذلك المفسد ، وليس كما حصل مع بعض قتلة المتظاهرين حيث تتم الاطاحة بالمسكين القاتل وهو منفذ فقط ، وهنا اتمنى على القضاء ان يجعل محاكمة المتهم بقتل الشهيد الهاشمي والتي علنية يراها الشعب كله لنعرف الجهة التي دفعت له فقضية مثل هذه لن تكن جريمة قتل اعتيادية تمر مرور الكرام .
اخيرا سادتي في مجلس القضاء الاعلى المحترمون .. ثقوا اني زرت يوما حيا سكنيا محميا للقضاة وقت الغروب فغادرت حزينا عليهم فكل الاجراءات الامنية لحمايتهم لا تقف امام حجم التهديدات التي تواجههم ، وهذا كله لن يوقفكم ان شاء الله عن محاربة الفساد في كل مؤسسات الدولة بالاعتماد على الله اولا وعلى الجماهير العراقية المحتجة سلميا ،والتي نزلت ضيفا خارج سياجكم (وهذا تصوري ان صح) ، وأتوسل اليكم لتنشيط الادعاء العام ، كما اتوسل ان تفتحوا ملف سقوط الموصل وثلث العراق دون قتال ، ولدي ملفات تمييز وبداءة توضح لكم بعض السلبيات في مجال القضاء غير المعصوم بالطبع .. ولكم القرار على ان اطرحها امام اي كان في القضاء .. وفقكم الله ووفقنا جميعا لخدمة بلدنا الحبيب الجريح .