بدءً لابد من التعرف على مفهوم بطاقة الناخب الألكترونية: (Electronic voter card) فهي عبارة عن بطاقة عادية مدونة عليها بعض المعلومات عن حامل البطاقة، مثل الاسم الثلاثي وتاريخ الميلاد وصورة ملونة وتوقيع أو بصمة الابهام، وتحتوي أيضا على رقم وتاريخ صدورها ونفاذها، اي يمكن استخدامها لعدة سنوات، بالإضافة إلى رقم مركز التسجيل أو المركز الانتخابي خلال عملية التصويت، يظهر الناخب هذه البطاقة أثناء التصويت في يوم الانتخابات، أي تحل محل الإثباتات الشخصية الأخرى في حال إجراء الانتخابات مثل هوية الأحوال المدنية أو الجنسية أو جواز السفر. وتختلف بطاقة الناخب الالكتروني عن التصويت الالكتروني فالأخير يشير إلى التصويت عبر جهاز الكتروني مخصص لمنح صوته إلى كتلة أو مرشح معين، والاستغناء كلياً عن استمارة التصويت الورقية وهي مرحلة متقدمة من مراحل التصويت التي تجري في بلدان العالم المتقدمة، وتحد إلى حد كبير من عمليات التزير والتلاعب بأصوات الناخبين.
شرّعت المفوضية المستقلة العليا للانتخابات بتطبيق فكرة بطاقة الناخب الالكتروني وهي خطوة مهمة باتجاه تضييق عمليات التزوير، وقد أوكلت مهمة صناعة البطاقة إلى شركة اسبانية، وقُدر تكلفة البطاقة إلى 180 مليون دولار وهذا المبلغ يحتاج إلى تدقيق كبير من قبل ديوان الرقابة المالية، كونه مبلغ قد يعد مبالغاً فيه، وفي ظل غياب الشفافية في عملية اختيار الشركة المنفذة لهذا المشروع.
وعلى أية حال، فأن ثمة تساؤلات مطروحة أمام المفوضية لا بد أن تجيب عليها، فقد تضارب العدد الفعلي لبطاقة الناخب الالكترونية، فالبعض يشير إلى وجود 600 ألف بطاقة فائضة، في حين يشير البعض الآخر ومنهم عضو مجلس النواب الشيخ صباح الساعدي إلى وجود أكثر من 6 ملايين بطاقة ناخب فائضة وهذا العدد مخيف ويمكن، إذ تم التلاعب فيه، أن يقلب جميع الموازين الانتخابية، وبأمكانه أن يحقق الأغلبية المريحة لأي كتلة لها سطوة على المفوضية.
الأمر الآخر الذي يثير التساؤل هو الضعف الواضح في استلام هذه البطاقة من قبل الناخبين، فمع بداية توزيع البطاقة الالكترونية في سبع محافظات في الوسط والجنوب، ومن بين 21 مليون بطاقة الكترونية تم توزيع 400 ألف بطاقة الكترونية فقط، وهذا يشير إلى عزوف واضح من قبل الناخبين لاستلام البطاقات الالكترونية، مما يؤدي إلى ضياع فرصة الانتخاب بالنسبة للذين لم يتسلموا هذه البطاقات، وهنا ينبثق تساؤل آخر وهي مدى قانونية منع الفوضية أي ناخب للإدلاء بصوت في حال لم يتسلم بطاقته، إذ أنه يتعارض مع نص قانوني أباح لكل مواطن الادلاء بصوته في حال وجود اسمه في سجل الناخبين، وقد يحرم الكثيرين الذين قد يغيرون آرائهم والعدول عن عدم مشاركتهم في الانتخابات في يوم التصويت.
هذه التساؤلات وغيرها الكثير تحتاج إلى اجابات واضحة من قبل المفوضية، كما أن مسؤوليتها أيضاً الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناخبين لتزويدهم بهذه البطاقة، وأرى في هذه الصدد أن أقترح إلى المفوضية المستقلة العليا للانتخابات في تسويق هذه البطاقة للناخبين في توزيع مبلغ رمزي قدره 25 ألف دينار لكل ناخب يستلم بطاقته الالكترونية، منعاً لاستغلال هذا الموضوع في التزوير والتلاعب في نتائج الانتخابات، مما قد يولد معه أزمات أخرى البلد في غنى عنها خصوصاً ونحن غارقون في صراعات ونزاعات لا حدود لها.