وقد عاد للتوِّ بأصبع بنفسجي، وقف متوسطا بين محلين للبقالة وكأنه يستشير نفسه وقد أخرج من جيب دشداشته مقطوعة الأزرار بعض النقود، وهمّ بالتوجه صوب المحل الكبير، لكنه سرعان ما عدل عن رأيه وذهب إلى ما وجهتّه إليه حسبة قصيرة، لم تأخذ منه سوى طرفة عين لنقوده.
***
مي آرو
أتى الصوت هادرا، وكأنه يسخر من خطوات تتثاقل مرغمة لتستأنف جولة جديدة مع لعبة المحبرة والصندوق، رشقت سمعها ضحكة مجلجلة عززّت ما كان يدور بخلدها، آه يا روح أنهكتها دائرة محكمة الأخطاء، وإن أدّعى لاعبوها المهارة.
***
طرقت سمعي ضحكاتهم المجلجلة ألما، لتضاف إلى كم الأصوات المتزاحمة في رأسي، كانوا مجموعة شباب غير آبهين لما يدور في مدارس أفرغت من طلابها، لاختيار من سيعمل على إفراغها كل أربع سنوات، تحت ذريعة الأمل بغدٍ…، لكن هذا الغد يأبى الانعتاق من ربقة حاضر غايته التهشيم؛ لتضيع فيما بعد ملامح المغيّبين بين الأمس واليوم.