من جميل موروثنا الشعبي المثل القائل : ( أن اليهودي إذا أفلس يدوّر – يبحث – في دفاتره العتيقة ) … وهو تعبير عن حال من فقد كل ما لديه من حاضر وخزين … فجلس يُفتش وينبش في دفاتر الماضي علّهُ يجد ورقة عفا عليها الزمان تُخرجه من أزمته الخانقة وتسمح له ( بولاية جديدة ) … عفوا …بعودة جديدة … إلى ( المعترك السياسي ) … عفوا …إلى معترك الحياة !!! .
ومن قبيح موروثنا بعد الإحتلال … ما أرهقنا به الزمان من ضيوف ثقلاء مُحتلين … وأذناب لهم من أشباه رجال لا يرقبون في العراق ولاالعراقيين إلا ولا ذمة … ممن لم ولن يترددوا ولو للحظة واحدة في نبش الماضي وإستدعاء ما فيه من فتن لهلاك العباد و خراب البلاد من أجل ( عودة جديدة ) … عفوا … ولاية جديدة … إلى ( معترك الحياة ) … عفوا … الى المعترك السياسي !!! .
ثمان سنوات ثقال مع حكومة فاشلة بكل ما تحمل كلمة الفشل من معان وأبعاد … ثمان سنوات من فسادبشع شمل كل مفاصل الحياة …ومنسعيخبيثلإستئصال وتهميش الشركاء من أبناء الوطن … ثمان سنوات من الحرص على هدم النسيج الإجتماعي العراقيوبما لا يقبل الإصلاح … ثمان سنوات من الفشل في إدارة كل الملفات الداخلية والخارجية في البلاد … تقابلها ثمان سنوات من نجاح باهر( لا ينكره مُنصف ) في تبعية مُهينة لحكومة إمعية مُستأجرة لتنفيذ المشروع الإيراني .
وبعد كل هذه السنوات العامرات بالنكسات والنكبات … والتي أورثت العراق الكسير حملا ثقيلا من الفرقة والجراحات … وولدت بين مكونات شعبههوة عميقة من الصعب ردمها … كما أورثت تلك ( البلاوي ) انعداما بالثقة وبامتياز بين الجميع … وبعد كل هذا الإرث الفاسد والدموي … يعود المالكي( وبعين وقحة ) ليطلب أن تكون له ولاية ثالثة !!! … أو بالأحرى فرصة جديدة لإكمال مشروع خبيث يبيع فيه آخرته من أجل دنيا غيره !!! … ولكن المشكلة التي واجهها المالكي أنه كان قد خسرجل رصيده الجماهيري والأخلاقي إن لم نقل كله … والمشكلة الأكبر إنه لم يكن يريد أن يعترف بتلك الحقيقة المأساوية !!! … فراح يجعل أصابعه في آذانه حتى لا يسمع ما يُقال بحقه ومن أنه قد صارعنوانا لتدمير العراق وأهله … ورمزا للطائفية والإستئصال … وعلامة تجارية وبامتياز في إفتعال الأزمات واستحداث الفتن .
من هنا كان التفكير الشيطاني للمالكيللخروج من أزمته ومن خلال الهروب إلى دفاتر عتيقة وأوراق صفراء … تُخرب النفوس وتُشعل نار الفتنة … وتقسم الشعب العراقي إلى أطرافمتناحرة …وكان العنوان الأعرض في دفاتر المالكي العتيقة هو الطائفية … ففيها رضا الإيرانيين ورضا الأمريكانورضا النفعيين والمجرمين من حوله وهو ما يستهويه… وفيه كذلك سخط الله ورسولهوسخط الشرفاء من العراقيين وهو ما لا يعير له المالكي أي حساب !!! .
فكان الحدث الخبيث في إعادة إشعال نار الطائفية ( التي لم تكن قد إنطفأت بعد ) … والتي تمثلفرصتة الوحيدة والفريدة فيالإستمرار في مشروعه … من خلال خندقة مساكين الشيعة وإشعارهم بالخطر القادم إليهم … فنبش الماضي وأعلن على الملأ بكل طائفية : أن الحرب اليوم بين … معسكر الحسين ومعسكر يزيد … وجعل من نفسه حسين هذا الزمان … وشيطن السنة ليجعلهم قتلة الحسين وأحفاد يزيد !!! … وأعلن أن لا أمان للشيعة إلا بنصرتهمله في حربه ضد أحفاد يزيد الذين إن تمكنوا من الحكم ثانية فسيعيدوا مأساة واقعة الطف … حيث تطير الرؤوس … وتُقطّع الأيادي بالفؤوس … ما لم يتدخل المالكي بنفسه ويخرج كالمارد من الفانوس … ليُنقذ الشيعة من مخاطر السنة ويرميهم باحضان المجوس !!! .
فكانت إكذوبة داعش … وحجة محاربة الإرهاب … والخطر الحالق القادم على الشيعة … ومن أن إحتلال بغداد والمحافظات الجنوبية من قبل الإرهابيين إن هي إلا مسألة أيام !!! … وباختصار فقدنجح المالكي في جمع الشيعة من حوله … كل الشيعة بلا إستثناء … من ( حكيمها ) الذي صار يلعلع صوته في مباركة أعمال الجيش وعملياته وقصفهللأنبار وأهلها … إلى ( صدرها ) الذي ما عاد يسمع له صوت في الدفاع عن المظلومين في هذه الأزمة !!! .
أختم وأقول : لقد نجح المالكي في أن يُقسّم المجتمع العراقي ( من أجل ولايته الملعونة الثالثة ) إلى فريقين بل إلى عدوين … فريق من الشيعة الإثناعشرية … وفريق مقابل حرص المالكي على أن يلصق بكل فرد من أفراده جريمة الإنتماء إلى داعش … فصار العراقيون شئنا أم أبينا … إما إثناعشرية … أو داعشرية !!! … فافهموا أيها الشيعة قبل السنة في العراق ما يراد لكم بين صبيحة وعشيّة !!! … والله المستعان .