في حياة كل شخص مواقف رأى فيها ظلماً واقعاً على أحدهم، سواء كان ظلماً كبيراً أو صغيراً، وكم يكون التحدث مخيفاً في موقفٍ كهذا وقد ينجم عنه عواقب سيئة، ولكنه يعلم أيضاً أنّ السكوت مخيف أكثر و لذلك تحتاج إلى إضاءة وتهوية وتطهير سوسيولوجي، وإلى إزالة الأعشاب الضارة والفاسدة من الحقل السياسي، من تربة هذه الثقافة وزرع بذور العقلانية والإنسانية واشرعة السلام والإبداع المعقمة و تحتاج إلى تخصيب الصالح ،لأنّ العواقب التي تنجم عنه تمتدّ من الشخص نفسه إلى غيره، إذ إنّ السكوت يجعل من الظلم فعلاً ممتدّاً لا يتوقف، لذا يجب كسر هذه السلسلة، وإيقاف هذه العجلة التي تتدحرج دون توقّف ويعتبر أمر لا محال منهماً اذا توقفت جهود المكافحة . لقد تعددت وتنوعت اشكال الكتابات حول موضوع الاستبداد والطغيان ومخاطر صعود قيادات جاهلة تتمرد على المؤسسات الديمقراطية والديمقراطية التمثيلية، ودائما ما ينظر إليهم بعين الكراهية والخوف لانهم يحاولون الوصول الى السلطة بشكل غير محدود وبكل الوسائل ليصبحوا عوامل مباشرو للفساد والافساد ، الطاغية الذي يعرف ب” فاعل من الفعل (أطغى) وهو الذي يحمل غيره على الطغيان، فيجعله يتجاوز الحدَّ: نقول فلان أطغاه السلطان أو المال أو الجاه أو أصحاب السوء، وهذا المعنى ورد في قوله -تعالى-: (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ)،(٧سورة ق) والمستبد الذي يعني” مَنْ يَتَعَصَّبُ ويَتَصَلَّبُ لِرَأْيِهِ وَلاَ يَقْبَلُ سَمَاعَ آرَاءِ الآخَرِينَ،او العَنِيدُ “وهما لا يعنيان نفس الشيء انما حكم أو نظام يستقل بالسلطة فيه فرد أو مجموعة من الأفراد لا يخضعون لقانون أو قاعدة ودون النظر إلى رأس المحكومين.
لو بحثنا في كتب التاريخ لوجدنا ان هناك عشرات الانظمة الغربية التي حكمت و كانت مستبدة وطاغية واتصفت بكونها عدوانية وعلى سبيل المثال هناك هتلر في ألمانيا وموسوليني في إيطاليا وهناك ستالين في الاتحاد السوفياتي سابقا وهناك تشاوشيسكو في رومانيا ولا ننسى ماو تسي تونغ في الصين وايضا غيرهم الكثير وهؤلاء مارسو ابشع انواع القمع والتنكيل والقتل والتضييق على الحريات وحكموا بلادهم بالنار والحديد ولا ننسى البعض من الانظمة الاسلامية والعربي التي استبدت حتى النخاع خلال فترات حكمهم المستبد لم يفعلوا الا شيء واحد وهو السرقة والعمالة للغرب ولنا في بن علي ومبارك ومجنون ليبيا خير مثال حيث انا لارقام التي تم الكشف عنها تبين لنا انهم وخلال فترات حكمهم لم يتبرعوا إلا في سرقة الشعب وقتله بنفس الوقت , ونظام صدام حسين كانت يد يسرق الشعب ويد يقتل كل شريف يحاول ان يثور ويفضح هذا النظام .
يمكن للحاكم المستبد أن يكون خيراً إذا كان منذورا مخولا وحكم لمصلحة الرعايا عكس الطاغية الذي لا يمكن أن يقدم خيرًا بسبب أنانيته وارتهان رغباته ولاشك ان مثل هؤلاء يحاولون في احيان كثيرة تقدم خطابا عاطفيا قد يجد صدى لدى البعض من الجماهير البسيطة الساخطة على النخب السياسية .
من المفهوم ان بين الحاكم العادل والحاكم الطاغية فوارق لا تقبل الشك ابداً، وهذا المؤشّرات أو المعاير تتمثّل بدرجة انتهاك حقوق الأمة، الفرد والمجتمع، ولنا قادة على مر التاريخ قدموا نماذج من الوفاء والاخلاص والصدق يمكن التمثل بهم ” فالإمام علي بن ابيطالب عليه السلام، هو القائد الذي رعى حقوق الجميع من دون استثناء، أو تفريق أوتفضيل بين شخص وآخر، والجميع في ظل حكومته كانوا سواسية، وفق مبادئ العدل والرأفة والمساواة، حيث يتكرّر منهج التحرّر، فنجد في حكم الإمام عليه السلام، النموذج الأمثل للحاكم الذي يرعى شعبه، ويساعدهم على معرفة حقوقهم والعمل بحرياتهم، بعيداًعن القسر والظلم والإجبار، تحت ضغط المصالح السلطوية.
تقع في الكثير من الأحوال اللوم على المؤسسات والهياكل الديمقراطية على أنها غير القادرة على تلبية تطلعات الشعوب في الحوكمة والعدالة في واقع عولمة ليبرالية متوحشة تعمّق من التفاوت الاجتماعي وسوء الحوكمة ورداءة الخدمات وتقليص الدور الاجتماعي للدولة… وتعتبر قليلة التحاليل التي تحدثت عن ديكتاتورية «الشعب» ، هذه الحشود التي تعتبر حطب وقود الحكم الفردي والمحرّك الرئيسي لنزواته السلطوية، اولئك الذين ، مهما كان عددهم، يعتبرون انفسهم «صوت الشعب وضميره الحي» ويتداولون خطب التخوين والتحقير والتهديد لكل معارضيهم ،هؤلاء هم من يفتح باب الديكتاتورية على مصراعيه، وباسم الشعب .
من أكبر البلايا التي ابتليت به الشعوب والأمم تسلط الحكام الطغات؛ حيث يغدو الحاكم وكأنه من غير جنس الرعية، ويزداد الأمر سوءا حين يعطي الحاكم نفسه بعض خصائص قد تصل الى الربوبية ومن هنا قد يتمنّى بعض الناس العودة إلى الماضي،ونقصد به ماضي الاستبداد السياسي، وهذا في الحقيقة خطأ جسيم، لأن الطغيان مرض عقيم وخطير، لا يبقى في حدود السياسة، ولا تنحصر أضراره في الميدان السياسي، إنما تتعدّى ذلك إلى مجمل ميادين الحياة ومجالاتها، حيث ينعكس الاستبداد السياسي على الحريّات والإعلام والثقافة والاقتصاد والتعليم وسواه، فتغدو حياة الشعب كلها في قبضة الحاكم وتحت رحمة قراراته التي غالباً ما تكون جائرة متسرّعة ، ويقول عبدالرحمن الكواكبي ” من يسأل عن سرّ ابتلاء الله الناس بداء الاستبداد فيقول:”إن الله عادل مطلق لا يظلم أحدا، فلا يولى المستبد إلا على المستبدين. ولونظر السائل نظرة الحكيم المدقق لوجد كل فرد من أسراء الاستبداد مستبدا في نفسه، لوقدر لجعل زوجته وعائلته وعشيرته وقومه والبشر كلهم، حتى وربه الذي خلقه تابعين لرأيه وأمره” ومن طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد فهو إذا أمر أو نهى، وإذا حاكم أو عاقب، وإذا نفذ أو خطط، فلا يريد أن يكون أحد معقبا لحكمه، ولا مخالفا لرأيه، ولا رادا لأمره. والحق كما يقول محمدالغزالي: “إن التجمعات البشرية السوية فيها رجال كثيرون يوصفون بأنهم قمم،أما البيئات المنكوبة بالاستبداد فدجاج كثير وديك واحد؛ إن ساغ هذا التعبير”(في الفساد السياسي يقول الكواكبي كذلك” إن محاولة إلصاق الاستبداد الحاصل في بعض فترات التاريخ الإسلامي بتعاليم الشرع هي محض افتراء وتشويه لتعاليم الإسلام الحنيف، ذلك أن الاستبداد -كما قال الغزالي- “ليس مرده إلى أن الإسلام تنقصه عناصر معينة، فأصيب معتنقيه بضعف في كيانهم كما يصاب المحرومون من بعض الأطعمة بلين في عظامهم أو فقر في دمائهم. كلا، ففي تعاليم الإسلام وفاء بحاجات الأمة كلها وضمان مطمئن لما تشتهي وفوق ما تشتهي من حريات وحقوق، إنما بطشت مخالب الاستبداد ببلادنا وصبغت وجوهنا بالسواد، لأن الإسلام خولف عن تعمد وإصرار… وقامت في بلاد الإسلام حكام تسري في دمائهم جراثيم الإلحاد والفسوق والمنكرات فخرجوا سافرين عن أخلاقه وحدوده” (الإسلام والاستبداد السياسي)”، ص 34. هناك تجارب حدثت في العالم تعتبر منيرة رغم انها كانت سلطات مستبدة ولكن قدمت النماذج الجديدة للاستبداد المطلق المستنير من التغييرات السياسية في المناطق التي تم الحكم فيها جيدًا. تضمنت بعض الإصلاحات التي تغييرات أدت إلى إلغاء الحصانات الضريبية الأرستقراطية ، وتنظيم قوانين الأراضي ، وإقرار التسامح الديني ، ورعاية بعض المؤسسات والأنشطة الثقافية وبالتالي الاستقرار النسبي في بلادهم ولكن رغم ذلك لم تصل الى الطموح .