26 نوفمبر، 2024 9:21 م
Search
Close this search box.

من المتخاذل : المفتي ام الأمة ؟!

من المتخاذل : المفتي ام الأمة ؟!

(( اذهب انت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ))

 “المفتي يقولها للامة والامة تقولها للمرجع”

بعد ان تحدثنا فيما سبق عن وظائف المرجع في عصر الغيبة وبيّنا ان مقام المرجعية مقام خطير جدا ولايصح لاحد ان يتصدى له الا اذا كان اهلا له ويُعرف ذلك بمتابعة الامة له في تأدية وظائف ذلك المنصب والتي عينها المعصومون عليهم السلام بعد ان بيّنا ذلك كله بالدليل بقي ان نشير الى موضوع هام قد وقع فيه الخلط واللبس وهو عدم التفريق من قبل كثيرين بين (( المفتي )) و(( المرجع )) فقد يصل البعض نتيجة لدراسته الى ان تكون له اهلية استخراج الحكم الشرعي من مصادره الاصلية فمن الممكن ان يكون مفتيا ولكنه لايمكن ان يكون مرجعا لان بين الاجتهاد – الذي هو ملاك القابلية للافتاء – وبين المرجعية شوط كبير فيحتاج من وصل الى رتبة الاجتهاد الى مؤهلات روحية ونفسية بالاضافة الى العلمية تمكنه من القيام بوظيفته كمرجع لذلك تجدون احبتي من ان الفقهاء يذكرون في باب الاجتهاد ان واحدا من الشرائط التي يجب توفرها فيمن يتصدى للمرجعية ان يكون مجتهدا لا انه الشرط الوحيد لذلك

 والحال احبتي اننا نجد ان بعض المتصدين للمرجعية حاليا ليس لديهم القابلية على القيام بهذه الوظائف ومع ذلك نجدهم قد تصدوا محاولين اخفاء ذلك عن الامة بواسطة بعض الحواشي الذين صنعوا لهم قداسات ماانزل الله بها من سلطان وهم يتحملون بذلك جميع الخسائر التي تكبدتها الامة وستتكبدها بسبب تصديهم لهذا الموقع وتضليلهم للناس تحت شعار الدين فهم وان وصلوا الى درجة الافتاء وتحديد وظيفة المكلف في الحيض والنفاس وغيرها – أي الفقه الفردي – لكنهم غير مؤهلين للتصدي لمرجعية الامة والدليل انك تراهم عمليا قد اكتفوا بطبع رسالة عملية – وهو دور المفتي كما اسلفنا – ولاتجد لهم أي مبادرة للقيام بالوظيفتين الاخريتين – القضاء والولاية – فأذا ماألمت بالامة مصيبة او حادثة تراهم يصرحون للامة بلسان حالهم – اذهبي انتي وربكِ فقاتلا انا هاهنا قاعدون – والمشكلة ان الكثير من الناس ولا اعلم لجهلهم او لسذاجتهم يعتبرون هذا السكوت والاعراض عقلانية وحكمة ولا اعلم هل يفكر هؤلاء ام ماذا يفعلون بعقولهم ؟!

فهل بعث الانبياء والائمة بالسكوت والاعراض عن الامة ؟ وهل معنى المرجع الا من يرجع اليه الناس في شؤونهم ومشاكلهم؟ فهل يقتضي هذا الرجوع السكوت ؟

 وهل الوصول الى المرجعية الا بداية الطريق للكلام مع الامة ومشاركتها في شؤونها على اوسع المستويات ؟ ام ان الشخص يدرس ويصل الى المرجعية ليكون وصوله نهاية المطاف ؟ فليس مقام المرجعية مقام اعطاء الامتيازات بل هو مقام اداء المسؤوليات ورعاية شؤون الامة فهل سمعتم بنبي بعثه الله سبحانه ليصمت ويعتزل الامة وليكلمها من وراء حجاب ويضع بينه وبين الامة الف حجّاب وحجّاب ؟

 واذا مانزلت بها ملمة عالجها بالسكوت والاعراض ؟ والمفروض ان المرجعية تمثل النبي والامام ام ان مقام مرجعيتكم اعلى منهما ؟

 فإلى متى ستبقى الامة تُستغفل من قبل هكذا اشخاص ؟ اما آن الاوان لتثوب الامة الى رشدها وتحاسب نفسها وتعرضها على القران ؟ لترى صحة هكذا موقف من عدمه وما هو رأي القران , اما تقرؤن القران لترون حال الانبياء وكيف كان يعيبهم قومهم لكثرة تواجدهم واختلاطهم بالناس (( ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق )) فكان قومهم يظنون ان حال الانبياء كالملوك والاكاسرة فيلزم ان يجلسوا في بيوتهم وتأتي الناس لتقبيل ايديهم والتبرك بهم ثم تخرج من دون ان يقدموا للامة أي شيء فكان الجواب العملي للانبياء ان وظيفتنا هي رعاية الامة وهدايتها وهذا لايتم الا اذا كنا في وسط الامة ونشاركها في افراحها واتراحها

 وهل تطلع الذين يعتبرون السكوت في جميع المواقف حكمة وانه علاج لجميع الحالات ليروا كيف كان الانبياء بالمرصاد لجميع الفتن وكيف انهم كانوا يردون الصاع صاعين فدونكم القرآن فأسألوه ليحدثكم عن قوم نوح وكيف انهم كانوا يستغربون ويعترضون عليه مواقفه منهم وكيف انه لهم بالمرصاد في كل موقف (( لقد جادلتنا فأكثرت جدالنا )) وكيف انه لم يدخر وسعا في هداية امته وارشادها (( قال ربي اني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي الا فرارا واني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا اصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم واصروا واستكبروا استكبارا ثم اني دعوتهم جهارا ثم اني اعلنت لهم واسررت لهم اسرارا ))

فهل رأوا – من يعتبرون السكوت حكمة في جميع المواقف – كيف انه عليه السلام لم يوقفه عدم استجابة امته له وتكبرهم عليه وكيف انه لم يستخدمها ذريعة للاعراض عن الامة ؟

 وهل رأوا كيف انه بنفسه تصدى للاصلاح ولم يكلف احدا رغم ماالم به كما نرى ذلك واضحا في القرآن من تكرار (اني ) على لسانه عليه السلام ؟

 فهل امتنا اسوء من قوم نوح ليكن الاعراض عنها والسكوت حكمة وحلا والحال ان فيها الكثير من المؤمنين والذين يتمنون ان يسمعوا ولو تلميحا ليطبقوه فأين الصمت والسكوت في القرآن هل لاحد ان يدلنا عليه , اللهم نعم ذكر السكوت والاعراض من المتقمصين للقيادة الدينية وممن تركوا العمل بواجبهم الشرعي ويرون الحُرم تُنتهك والحقوق تُسلب من غير ان يحركوا ساكن فوبخهم القرآن على تقاعسهم واهمالهم لوظيفتهم الشرعية واعتبر سكوتهم – الحكمة عند اناس اليوم – عملا منكرا وصنيعا بئيسا (( لولا ينهاهم الربانيون والاحبار عن قولهم الاثم واكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون))

والنتيجة يخدعون الامة عن قادتها الحقيقين فتترك الامة قائدها ومرجعها وحيداً في الميدان يستنهضها فتجيبه بادئ ذي بدء (( اذهب انت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون )) ثم بعد ذلك تقتله بيديها وبأشارة من المتقمصين وهي – الامة – تحسب انها تتقرب الى الله بقتله ولكن وبعد ان يرتحل عنها تعرف حينها قيمته وانها قتلت ابا رحيما وقائدا حكيما فتود لو انها آزرته ونصرته وتسقط اقنعة المتقمصين ولكن بعد فوات الاوان حيث (( لاتنفعهم معذرتهم يومئذ ولاهم يُستعتبون )) ولا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم

 وصلى الله على محمد واله الطاهرين

أحدث المقالات