18 ديسمبر، 2024 9:00 م

الصراع على تكريس الدكتاتورية الطائفية!

الصراع على تكريس الدكتاتورية الطائفية!

تساؤلات كثيرة تطرح من قبل المحللين والمراقبين ودوائر الرصد للشأن العراقي بخصوص الصراع الدائر بين طرفي الشيعة ؛ التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والاطار التنسيقي بزعامة غير مباشرة من نوري المالكي!
هل ان مايجري بين الطرفين في الساحة العراقية حقيقي ام مفبرك؟ ومن يمد الطرفين ويغذيهما لتحقيق أهدافه واجندته الاستراتيجية؟ هل هو صراع نفوذ بين أمريكا وايران كما كان البعض يتخوف منه؟ ام هو صراع بين المصلحين والمفسدين؟ ام هو صراع لتصفية الاحقاد الشخصية بين رجلين خاضا تجربة حرب سابقة (صولة الفرسان عام 2008) ، ام هو صراع بين الدولة واللادولة وبين الشرعية المؤسساتية وبين الشعبوية الفوضوية؟ كما يدعي البعض!
مهما كانت دوافع الطرفين ، فان معظم المراقبين يرون ان الصراع حقيقي وقد يؤدي في حال تصعيده الى حرب أهلية دموية تؤثر على وحدة العراق وتنهي دوره كدولة موحدة في المنطقة ان لم يتدخل الطرف الثالث الأممي او إقليمي وداخلي لتطبيع العلاقة بين الطرفين ، بينما يرى البعض الاخر بالمقابل ان الازمة من أساسها مفبركة ومن اعداد وإخراج ايران لاعادة المشهد السياسي من جديد ولكن بطريقة مغايرة وذكية من خلال تغيير الوجوه وتبديل الأدوار لتخفيف حالة الاحتقان والتبرم عند الجماهير العراقية من تدخلات ايران في الشؤون العراقية والتي عبرت عنها من خلال الاحتجاجات “التشرينية” العارمة التي عمت شوارع بغداد والمدن الأخرى ومطالبة ايران بانهاء نفوذها في العراق “ايران برة برة”. ويرى هذا البعض ان لا فرق بين التيار و الاطار ، كلاهما ينتميان الى محور طائفي واحد ، فلم يكن مقتدى الصدر ضد الوجود الإيراني في العراق يوما ، بل بالعكس كانت علاقته ممتازة بقياداتها الدينية والسياسية ويقوم بزيارات مكوكية الى مدنها وحوزاتها على مدار السنوات الماضية اما بحجة الدراسة او بغرض التبحاث بالشأن السياسي ، وتربطه علاقة شخصية قوية مع زعيم حزب الله اللبناني “حسن نصرالله”الذي لايخفى ولائه المطلق ل”آية الله الخامنئي” ، ويكاد نهجهما السياسي والايديولوجي يتطابقان لدرجة ان بعض السياسيين اعتبروا الصدر و”نصرالله” “وجهان لعملة واحدة هدفهما تدمير وقمع احتجاجات سلمية في بلديهما”
واذا اعتبرنا ان المالكي هو الاب الروحي لميليشيا الحشد الشعبي وهو من شكلها اول مرة كما صرح هو ‏بذلك فان مقتدى الصدر أسس ميليشيا “جيش المهدي في 2003″ مع بداية سقوط النظام وتشكيل الدولة ‏الجديدة ، ومن ثم شارك في كل الحكومات الشيعية التي تعاقبت على الحكم ومن ضمنها حكومة المالكي في ‏ويلايتيه (2006 ــ 2014) وكان الرجلان على وفاق تام في تقسيم المناصب وتوزيع المكاسب! ولكن ‏لماذا ظهر خلافهما الى السطح فجأة ووصلا الى المواجهة الفاصلة(اما انا واما انت!؟) ‏.
وأخيرا وليس آخرا قد يكون الصراع محاولة أمريكية لاضعاف الدور الإيراني الكبير في العراق وضرب الميليشيات في ‏المقتل عن طريق الطرف الثالث الحكومي بقيادة مصطفى الكاظمي؟
أو ان يكون الصراع مجرد مسرحية شيعية شيعية لنسف الامتيازات الدستورية التي اكتسبها الكرد في إقليم كردستان ، ومحاولة اعادتهم الى هيمنة الطائفة و الحكم المركزي الشديد ، وهم قد سعوا فعلا الى هذا الهدف طوال مدة حكمهم وبكل الوسائل واستعملوا سياسة التجويع والترهيب ضد شعبه وقطعوا عنه الرواتب والميزانية وضربوا مؤسساته بالصواريخ والدرونات. جميع الاحتمالات واردة.
زبدة القول ؛
الصراع بين الصدر والمالكي ، صراع سياسي بحت مهما ادعيا غير ذلك ورفعا شعارات ‏إلاصلاح والوطنية ، كلاهما يريد ان يكون الشخص الأول الناهي والامر في العراق ، يحكم بالحديد والنار ‏وفق أيديولوجية طائفية ، الأول بتكريس الدكتاتورية الشعبوية ، والثاني بالتمترس وراء المؤسسات ‏الديمقراطية والدستورية”الزائفة!”.