يبدو أن تسريبات وفضائح السياسيين العراقيين التي بدأت تتوالى الواحدة تِلوَ الأخرى في مُخطط يبدو أنه قد تم الإعداد له مُسبقاً لإسقاط المنظومة السياسية الحاكمة في العراق.
تلك التسريبات التي بدأ دخانها الأبيض يعلو ويزداد إستعاراً لِيلتَهم الجميع. فبعد أن بدأت فضيحة التسريبات بِنَشر الغسيل مابين المُكوّن الشِيعي التي كان عنوانها نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق الذي يطمح لولاية ثالثة لرئاسة الوزراء وإنتقاده لمقتدى الصدر زعيم التيار الصدري وأغلب عناوين الطبقة السياسية إنتقلتْ على مايبدو إلى السُنّة في تسريب ظهر فيه وزير الصناعة وهو يُقسِم بالولاء والطاعة وتنفيذ رغبات ومطامع زعيمه (السُنّي) أحمد الجبوري المُلقب بأبو مازن أحد زعامات المُكون في محافظة صلاح الدين بالإستحواذ على مُقدّرات الوزارة، بتخطيط مُتسلسل مُعدّ له قد ينتقل إلى مكونات أخرى أو طوائف تشترك في العملية السياسية الحالية في العراق.
لكن الإستنتاج المؤكد الذي لايقبل التأويل أو القِسمة أن من يقف وراء هذه التسريبات ليس شخصاً مغموراً أو مُجرّد صِحفي يبتغي الإثارة أو حتى الشُهرة أو لِنَقُل بحثاً عن المال لأنه لو كان كذلك لَمَرّت هذه التسريبات سريعاً كالزَوّبَعة التي تكون أضرارها وقتية ومحدودة، لكن يبدو أنها مُخطط بسيناريو كبير يُراد له إحداث زلزال سياسي يُطيح بالمعبد في العراق على رؤوس كهنته تقف ورائه مخابرات دولية وإقليمية بدأت تَعُدّ للهدم بِمعاول التسريبات.
الغريب في تاريخ العراق السياسي الحديث أن جميع بدايات النهاية للأنظمة السياسية كانت تبدأ بعناوين الفوضى والإرتباك السياسي الذي يتطور إلى ثورات عارمة تنتهي بأعمال سلب ونهب تختم بها المرحلة.
الفوضى الخلّاقة التي أرادت الولايات المُتحدة الأمريكية تجربتها في العراق بتهديم البناء السابق وتأسيس بناء جديد على أنقاضه، يبدو أن هذا الهيكل الجديد قد شارف على الإنهيار بسبب ضعف الأساس الذي يرتكز عليه وتصدّعه وحتى فشله.
التسريبات المُتتالية لِزعامات متنوعة في العراق قد تُنبيء لِعمل يتم التحضير له بوجود قيادات بديلة يتم الإستعانة بهم عند ساعة الصفر، لكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو..هل سيكون البناء الجديد مُشابه تماماً للقديم الذي أُسس بعد عام 2003؟ فإذا كان كذلك فهذا يعني أنَّ لامُتغيّر قد تَغيّر كما يقول المثل العراقي (نفس الطاس والحَمّام)، فيما يبدو أن المُتغيرات التي تفرض نفسها على الواقع السياسي تؤكد أن هناك عاصفة هَوجاء قادمة بإتجاه النظام السياسي في العراق لاتُبقي ولاتذر، وما يحدث ربما يكون لِتسخين الموقف بما هو قادم في المُستقبل ومايحمله للعراقيين، لكن هل يَتّعظ أولئك القابضون على زِمام السُلطة من ذلك التاريخ القريب أو من دروس الغير الذين سَبقوهم؟…نعتقد جازمين عكس ذلك، إذ لازالوا في سُباتِهم تخدعهم تصوراتهم الوهمية بأنهم بعيدين عن تلك العاصفة وإنَّ قِلاعهم الحصينة في المنطقة الخضراء تمنع عنهم تلك الرياح، لكنهم بالتأكيد مُخطئين في ذلك.