لم يجدْ هؤلاء غير طأطأة الرأس والإنزواء خلف الأبواب إنتظاراً لفرصة خروجهم إلى من إعتقدوا أو قادهم رُشدهم أنه سيكون مفتاح الحل لمشاكلهم أو حتى كوارثهم، لم يجدْ هؤلاء غير المملكة العربية السعودية التي كانت أدبياتهم تَلعَن (وهابيتها) وتطرفها وتصديرها للإرهاب والسيارات المُفخخة والإنتحاريين إلى مُدنهم.
لم يبحثوا عن بلد غير السعودية التي تَحل مشاكلهم وهم الذين كانوا لايستحون عندما يَتّهمون بلداً عربياً بأن لديه مُخططاً لإبادتهم.
في علوم السياسة كُنا نقرأ أنه فن المُمكن، لكن هل كان من المُمكن أن تَتعَرّى السياسة التي يؤمنون بها إلى درجة وصفها بالعُهر السياسي؟.
بالأمس كانوا يصفون جينين بلاسخارت ممثلة الأمم المُتحدة في العراق بالعجوز الشمطاء التي تتدخل في الشأن الداخلي العراقي، لكن لم يخجلوا عندما رَحبّوا بها في مجالسهم وفي مُقدمة ديوانهم عسى أن تجد لهم هذه العجوز! حلولاً لخطاياهم وشللهم السياسي، وفي ذات الأمس كانوا يصفون مسعود بارزاني رئيس إقليم كُردستان بذلك المتواطئ مع إسرائيل الذي يَضُم إقليمه مراكز إستخبارية إسرائيلية ويبيع نفطه لهم، لكن حُجّتهم ذابتْ إختفتْ وغاب عنها الحياء عندما بدأوا يَحجّون لهذا (العميل) على أمل تخليصهم من ورطتهم.
وبعد كل هذا هل يكون عُذرهم أن السياسة فن المُمكن؟ وماذا ستكون حُجّتهم لجمهورهم الذين ينتظرون توجيههم بإتجاه البوصلة التي يُريدها زعمائهم؟.
صَدّعوا رؤوسنا بالسيادة وضرورة عدم تدخل الآخرين بالشأن الداخلي، فهل هناك بعد ذلك توجد سيادة؟. ثم إسألوهم عن ألوان تلك السيادة وطيفها عندهم.
وبعد كل الذي حصل ويحصل هل يوجد مَن يصف المشهد السياسي في العراق بأنه قد وصل إلى مرحلة الحضيض أم أنه قد إستقر في ذات الحضيض؟ ربما يستحي السؤال أن يسأل نفسه إن كانت تُسوّل لهم سياساتهم طَرق أبواب أي عدو حتى وإن كانت إسرائيل لِتحل مشاكلهم فهل كانوا يفعلون ذلك بعد الذي حصل ويحصل؟.
ربما سيُجيبون بالنفي والرفض وحتى الإنكار، لكن من المؤكد أن في داخلهم ذلك الشيطان الذي يوسوس لهم ويوحي بالمصافحة والتطبيع..لِمَ لا؟…فكل شيء وارد في عالم السياسة الخاص بهم والذي يقودهم إلى تحقيق مصالحهم ومنافعهم الشخصية.
في المُحصلة يبقى الخاسر الأكبر أولئك السُذّج والمُغفلين والبُسطاء الذين ضاع مُستقبلهم وإنعدمتْ مقومات حياتهم بسبب خطايا زُعمائهم والذين يُصدّقون أفعالهم ويؤمنون بسياسي أو زعيم لايتورع أن يتحالف مع الشيطان وأدواته من أجل مصلحة او منفعة شخصية ربما تكون ضد أبناء جلدته أو طائفته المهم هي السُلطة والنفوذ، وعندما تُشير إلى اخطائهم وخطاياهم يتهمونك بأنك أنت المارق العميل الذي لايُريد خيراً لهذا البلد والشعب وأنهم وحدهم من تَليق بهم الحِكمة والوطنية، أما الآخرين فهم أعداء الوطن.
لُعبة التقافز بين الأحضان وهوايات التزحلُق على الجليد وتغيير جلودهم بحيث تجعلهم يلبسون ثياب الطَهارة والنِقاب ويوصُوننا نحن الفقراء بالصبر والسلوان وكأننا أصحاب المشكلة ونحن الذين أوصلنا البلد إلى حافة الجحيم.
إجتمعتْ في كلامهم وشخصياتهم كل ألوان قوس قزح عندما تراهم يتحدثون عن الوطنية أمامنا ويُقدّمون التحذيرات وكأننا نحن العُملاء المارقين الذين أضعنا البلاد والعباد، وهم من يُقدّمون لنا النصائح في الوطنية وأنفسهم الذين يَحُجّون إلى بلاد الغير، ربما إمتهنوا المثل القائل (ألف قَلبَة ولا غَلبَة)… سياسات مُتقلبة وأمزجة أكثر تقلُباً تتحكّم بها مصالح فِئوية أو حِزبية أو حتى عُقد نفسية مريضة لاينفع معها إلّا الكيّ… تُرى لو نطق الوطن بماذا كان سَينعَتَهم؟.