خاص: حاورته- سماح عادل
“محمد فيض خالد” روائي وقاص مصري، حاصل على ليسانس دار العلوم عام ١٩٩٩، عضو اتحاد كتاب مصر، عضو نادي أدب أبو قرقاص.
صدر له:
– رواية الأفندي (حكاية ريفية) دار البشير للثقافة والعلوم.
– رواية نوجا (صدى قلب) منصة كتبنا.
– رواية (المحتال) الهيئة المصرية العامة للكتاب.
– رواية ( الدفينة ) وادي عبقر للطباعة والنشر .
– المجموعة القصصية “أصداء من الحياة” ميتابوك للطباعة والنشر.
كان لنا معه هذا الحوار:
* متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟
– كل شيء من حولي كان يدفعني للكتابة، نمت الفكرة خلال دراستي في المرحلة الابتدائية، والتي استطيع القول بأنّها فترة التكوين والتأسيس، نمت الملكة من خلال أستاذ اللغة العربية، وتحديدا حصة التعبير التي كانت متنفسا، ومحطة هامة في حياتي الكتابية، أذكر موجه المادة الذي كان يحرص خلال زيارته اصطحاب كراستي، وسط إشادة الأساتذة، ممّن تنبأ لي بمستقل ككاتب منتظر
* هل تستقي الأحداث والشخصيات في أدبك من الواقع وهل لابد للأدب أن يكون له هدف اجتماعي؟
– بالطبع فكل قصة قصيرة، أو عمل روائي هو ابن بيئتي، وهو تجسيد لواقع كنت شاهدا عليه وتفاعلت مع أحداثه، وكما تعلمين فأنا ابن بيئة صعيدية، ذات ثقافة ريفية خالصة، وهذا ما يدل عليه عناوين النصوص الأدبية التي أكتب، وكذا الأماكن والشخوص، استلهم من كل ما حولي، انقل عن تجربة، والتزم قدر الإمكان توظيف الأدب الملتزم، الذي يحي قضايا، وينفعل لها ويتفاعل بها، ويكون من أطراف الحل، خاصة ونحن نعيش في مجتمعنا القروي هذه الآونة، من الأحداث العربية، والعادات التي تتنافى مع أدبياته التي ورثناها عن أسلافنا، إذا فالأدب دوره المجتمعي الذي يعمق الصلة ما بين الفرد ووسطه، ويحفظ من خلاله الكاتب والمجتمع إرثه مصانا من العبث.
* في رواية “المحتال” اخترت أن تكتب عن المحتل الأجنبي وتعنته مع المصريين لما؟
– الأدب ﻃﺒﻴﺐ يتحسس مواطن الداء، ويبتكر لها العلاجات، وفي رواية “المحتال” تحديدا والتي اعتبرها من فئة “حدث بالفعل”، فالقصة وقعت أحداثها قديما، رصدت أحداثها مع بعض تصرف، لتكون شاهدة على فترة عصيبة من فترات تاريخنا المصري، فترة الاحتلال والهيمنة الأجنبية التي طالت كل شيء في حياتنا المصرية، وعبثت بمقدراته، وشاركت الفلاح المصري ابن الأرض ونبتتها قوته، واستنزفت عرقه، وفي الرواية ما يكفي من سرد في كل جزئية من جزئياتها، والتي تثبت هذا الجانب وتلقي بظلالها عليه، اعتبر بأن الرواية إسقاط مكثف لدور الأدب في استعراض تاريخ هذه الأمة، وبناء جسور الوعي بها.
* شخصية المحتال توفيق حاولت أن ترصد ما يدور داخلها من أفكار وصراعات نفسية حدثنا عن ذلك؟
– توفيق شخصية انتهازية، حباها الله ملكات عديدة، لكنه استطاع تمنيتها وتوجيهها الوجهة غير السوية، فاحتال كي يخلق لنفسه مناخا ملائما، يمكنه من جني أرباحه دون أي اعتبار أخلاقي، نفذ من خلال تملقه للخواجة صاحب الدايرة، مستغلا تعلقه بكلبته “ميري” وصيته زوجته الراحلة فكان ما كان، لا ننكر بأنّ بيننا في كل زمان ومكان، أمثال “توفيق” قلوا أم كثروا، لكنهم أناس حباها الله ملكة الوصول لأهدافهم وتنفيذ مخططاتهم بلا شفقة أو رحمة، ودون النظر لأية اعتبارات قد يراها البعض فيها ما يشين الإنسان القروي الذي تربى على تقاليد الريف وأصوله الراسخة، لكن في النهاية لا يصحّ غير الصحيح، ولا يحيق المكر السيء إلّا بأهله، فكان عاقبة أمره الخسران، وطواه الزمن وأمثاله في سجل نسيانه.
* ما سر شغفك بالكتابة عن الريف؟
– لا أخفيك ولا أنكر اعتزازي بهذه الحاضنة العريقة، فالريف منبت كل فضيلة، ورحم كل خير، وأصل كل جمال، الريف الأستاذ الأول الذي ألهم وعلم وأصقل فكر الإنسان منذ الخليقة، كيف لا؟! ومواطن الجمال والنقاء والروعة، تتلاقى في كل مشهد ومع كل خطوة يخطوها الإنسان، ومسألة اعتبار الريف بمثابة البطل في كل أعمالي، نابعة من إيماني الكامل دور الأدب والأدباء وكدا الإبداع؛ في تسليط الضوء عليه، كأساس نشأة الحضارة المصرية التي علمت العالم، والريف مكون الشخصية والهوية المصرية الأوحد، وهو جزء من مشروعي الإبداعي الذي عاهدت الله ونفسي المضي في طريقة، استعيد من خلال الكتابة عنه (الهوية المصرية) المسلوبة، والتي تقف الآن في تحدي خطير، أمام ما نسميه بالتيارات الوافدة التي تتهدد القيم والعادات المصرية الصميمة، وتدق ناقوس الخطر، ودور الأديب والأدب هنا، زيادة الارتباط ما بين أجيالنا الشابة، وهذا الإرث الحضاري والإنساني المشرف..
* تكتب القصة القصيرة والرواية. هل تسيدت الرواية على عرش الرواج تجاريا وعلى مستوى إقبال القراء وماهي أسباب حدوث ذلك؟
– أنا لا اعترف بتسيد فن من الفنون على غيره، لكل فن أصالته ودوره الايجابي إذا وظِّف باقتدار ليخدم ويؤدي رسالته، للقصة ميزتها وبريقها، والرواية لها ما يقوي شغف القراء بها، ومن فضل الله أن تنوعت الفنون، تبعا لتنوع كل ذائقة، أنا أجد نفسي مساقا لكتابة القصة القصيرة، وإن كانت بداياتي الحقيقة من خلال الرواية، التي تمكنني من بسط رؤيتي الإبداعية، وتقودني للتلاعب بالأحداث وإعمال الخيال الذي هو سيد الموقف، ولا استطيع إنكار تسيد الرواية خلال السنوات الماضية، وتربعها على عرش القراءة الجماهيرية، وبزغ فجر العديد من الكتاب والمبدعين مصريا وعربيا، كان لهم القبول لدى شرائح منوعة من جماهير القراء، وأحدثت أثرا في المكتبة العربية، سيذكرها التاريخ الثقافي بالخير سنوات عديدة، لكل تظلّ قناعاتي الشخصية مع احترامي لجميع آراء الأساتذة، بأنّ لكل لون أدبي بريقه الخاصة ونكهته المختلفة..
* ما تقييمك لحال الثقافة في مصر وهل تدعم الكتاب؟
– الثقافة في مصر تمر بفترة مأزومة غيرنا من دول العالم، لكني أشهد في الآونة الأخير رواجا ثقافيا محترما، خاصة مع جهود الفنانة الوزيرة الدكتورة إيناس عبدالدايم، التي تولي الثقافة ومشاريعها أولوية كبيرة، وترصد لها من الأفكار والرؤى الكثير، والذي كان بحق مفخرة للثقافة المصرية، التي علمت العالم وقدمت للمنطقة الكثير منذ فجر التاريخ، وأتوقع ارتقاء الشأن الثقافي مستقبلا، في ظل عناية القيادة السياسة بدور القوى الناعمة، في إحداث أثرها الإيجابي في معادلة التغيير، مع ما تخوضه الدولة المصرية من حرب تطهير وإزالة، للأفكار المتطرفة، والمنحرفة التي تتهدد مجتمعنا وتفت في عضده، وقد كان لهذه المظاهر الثقافية التي تشهدها ربوع مصر العامرة الأثر الطيب.
* ما رأيك في النشر التجاري وهل يسبب صعوبة للكاتب وهل نشرت كتبك الكترونيا؟
– في الحقيقة بدأ يطغى على الساحة الثقافية بشكل ملفت للنظر، مسألة النشر التجاري، والذي اعتبر الثقافة حرفة أو سلعة تجارية، تتحقق متى وجد رأس المال، كأيّ مشروع تجاري مع الفارق، وهذا الملمح الخطير قد يصبح على المدى البعيد حجر العثرة الحقيقي في وجه الكثير من المبدعين الأوفياء، ويساعد على ظهور الكثير من الإنتاج الثقافي الرديء الذي يؤذي القارئ ويعيب العملية الثقافية برمتها، وأنا رغم تحفظي على هذا السلوك لكن ما باليد حيلة، فالكاتب والمبدع في حاجة لأن يجد وسيلة يصل بها للجمهور، ويقدم من خلالها منتجة الأدبي كجزء من رسالته، مهما كانت التضحيات.
فلا سبيل أمامه من خوض غمار هذا التجربة مكرها، ومن حسن حظ الكثيرين من كتاب هذا الجيل وأنا منهم، أن أتيح لنا فرصة للنشر الإلكتروني، والذي أصبح نافذة واقعية تقرب المسافة بين للقارئ والمبدع، وتذيب الفوارق المفتعلة والتي كان لنقص الموارد المالية دورا فيها، على الرغم من عدم تقبل شريحة بعينها لمسألة النشر الإلكتروني ورفضها من أساسه، لكنها حل ناجع وسريع، للعديد من الكتاب وخاصة الشباب منهم.
* هل يعاني النقد من إشكاليات في الوقت الحالي وماهي في رأيك؟
– النقد هو النقد، وإن تغيّرت بعض المعايير التي يتبعها البعض، مع ما في الساحة من أهواء وتخبط، لكن هناك العديد من الأساتذة النقاد، ممن مارسوا النقد لأجل النقد، وليس النقد لأجل النقض، متى تخلّص الناقد من الشخصنة فقد كمل نقده، وأصبح من مقومات العملية الثقافية التي ننتظر منها الكثير، لبناء ذائقة القارئ، وتقويم ملكة الكاتب والمبدع..
* هل الصحافة الثقافية مزدهرة وهل تحاول عمل تغطية شاملة لجميع ما يصدر من أدب وثقافة؟
-الصحافة الثقافية تجاهد قدر استطاعتها منذ فترة ليست بالبعيدة، كي تؤدي دورها رغم مجمل التحديات من نقص التمويل، وانعدام الإقبال الجماهيري عليها، مكتفيا بالجانب الالكتروني الذي أصبح من سمات المرحلة وطبيعتها الراهنة، والتي هي عصب التحدي.
لكن هناك بعض الصحف التي تجاهد وتعافر كي تحتفظ بمكانتها وسط هذه الحالة المأزومة، وكذا الأبواب والصفحات الثقافية المحترمة، التي يقوم عليها كوكبة محترفة من صناع المحتوى الثقافة والأدب، والتي نأمل أن تظل على صدارتها، محافظة على مكتسباتها الجماهيرية، كما أن هناك العديد من المواقع الثقافية الإلكترونية الرائدة التي أثبتت وجودها في فترة وجيزة، من خلال محتواها الهادف الذي يتلمس وجدان القارئ الباحث عن التميز، ومع تقلص أعداد الصحف الورقية، نأمل أن يجد المتابع العوض فيها.