تحدثت, مرة اخرى , وزارة الصناعة المعادن إن الشركة العامة لصناعات النسيج والجلود وضعت خطة متكاملة لأعاده تأهيل وتحديث معامل الغزل والنسيج في المصانع التابعة للشركة وإعادة الحياة الى بعض الخطوط الانتاجية في معامل البسة الموصل الشهيرة ونسيج الديوانية واكمال انجازها خلال العام الحالي , اضافة الى تأهيل وتطوير منسوجات واسط ومصنع الصوفية .
وهذه ليست المرة الاولى التي يعلن فيها عن مثل هذه البرامج بإعادة العمل الى شركات ومعامل قطاع الدولة وانقاذه من التوقف والتدهور والحال المزرى الذي هو فيه واشاعة الامل في بناء صناعة وطنية تعتمد على تحسين المنتوج الوطني والتخلي عن مثيلاته من البضائع المستوردة وبالتالي تنشيط الاقتصاد الوطني وتوفير الموارد الوطنية واستحداث فرص عمل جديدة وتقليص البطالة المقنعة .
الواقع ان النوايا تتكرر في مناسبات مختلفة , بل ان النظام السابق حاول وتمكن من اصلاح الكثير من المنشآت التي دمرت خلال الحروب التي شنت والحصار الاقتصادي الظالم الذي فرض على العراق , غير ان الحاكم المدني الاميركي بريمر بدلا من البناء على ما تبقى من الصناعة شن هجوما اخر واراد بيع قطاع الدولة برمته وخصخصته بسعر التراب ودون تمييز وتجريد البلاد من من رأسمالها لتنميتها من دون خطة واضحة واعتبار لمئات الاف العوائل التي تعمل في هذا القطاع ورميهم في احضان البطالة , والامر من ذلك توافقت مع هذه السياسة الحكومات المتعاقبة ووجدت فيها ارضا خصبة للفساد .
لقد توالى الاهمال القاسي من النخب الحاكمة رغم برامجها التي نصت على حماية المنتجات الوطنية وتأهيل مصانعها الا انها بقيت حبرا على ورق ومجرد دعوات زائفة لم يظهر لها اثرا على الواقع وبقينا بلدا مستهلكا وسوقا لتصريف منتجات الدول الجوار وغيرها التي تدر المليارات من الدولارات على النافذين , بعد ان كنا بلدا مصدرا لبعض السلع ونرفد الخزينة .
الحقيقة يمكن استنهاض الصناعة مرة ثانية وتطويرها , والاكتفاء الذاتي من بعض السلع التي تنتج محليا وتوفير العملات الصعبة والحد من الاستيراد من الخارج الذي يشوب بعض مفاصله الفساد والافساد وانتفاع قلة من موظفي الدولة وتجارها الذين يحاربون ما يصنع في العراق .. ولكن ذلك بحاجة الى ارادة سياسية تقر برنامج حكومي اقتصادي والعمل على تطبيقه ومحاسبة الذين يحاولون عرقلته ايا كانوا وابعاد المكاتب الاقتصادية عن التدخل في تسيير مرافق الدولة .
ان تأهيل الصناعة الوطنية يستوجب اجراءات منها :
* تحديد اولية تشغيل جميع المعامل المتوقفة العائدة للدولة وتحديث خطوط انتاجها .
* العمل على ان يكون قدر الامكان التأهيل معتمدا على الامكانات الذاتية وتنميتها لكي تشكل قاعدة اساس للتطوير والبناء وتوفير وتقليص الكلف بدلا من الاعتماد كليا على الخارج .
* مع دخول هذه المعامل للإنتاج تفعل الحماية للبضاعة المنتجة وعدم التهاون مع الذين يخرقون الحماية وملاحقة من يمنح الاستثناءات او يلتف عليها .
* تحريم الاستيراد لاحتياجات قطاع الدولة لكل ما ينتج محليا ووضع المسؤولين تحت طائلة المسؤولية وتشديد العقوبات لمن يتجاوز على ذلك وتغريمه قيمة البضاعة المستوردة , وهذا سيمنع الفساد المصاحب ايضا.
* وضع الاولوية في اعادة التأهيل للمعامل المؤثرة في الاقتصاد الوطني والتي تتوفر موادها الاولية محليا , وتشجيع الاستثمار فيها .
* دعم الصناعات وزيادة قدرتها على التنافس وخصوصا في مسالة الطاقة .
هذا غيض من فيض التحديات التي تواجه اعادة المؤسسات والمعامل الى سكة الانتاج والتي تتطلب وضع خطة شاملة وجدية يساهم في صياغتها ووضعها المختصين ومناقشتها علنا كي تكون واضحة بعد اقرارها ويسهل متابعتها ومراقبتها .