17 نوفمبر، 2024 7:37 ص
Search
Close this search box.

الغزل في كتابات النساء (28): غزل المرأة في الرجل بلورة أخرى لدلالة الرغبة، الافتتان، الغرام

الغزل في كتابات النساء (28): غزل المرأة في الرجل بلورة أخرى لدلالة الرغبة، الافتتان، الغرام

 

خاص: إعداد- سماح عادل

لابد أن تقاتل الكاتب والمبدعة لكي تحصل على حريتها في مجتمعات مغلقة ومحافظة وقامعة، لأن المرأة حين تكتب  غزلا تكتب بتميزها وتفردها ومن خلال خصوصيتها النفسية والذهنية والروحية.

هذا التحقيق عن (الغزل في كتابات النساء) وقد جمعنا الآراء من كاتبات وكتاب وقراء من مختلف بلدان العالم العربي. وقد وجهنا للكتاب الأسئلة التالية:

  1. ما رأيك في كتابة النساء غزلا في الرجل هل تتقبل ذلك وهل تتقبل الجرأة في غزل الكاتبات؟
  2. هل قرأت الغزل لدى الشاعرات في الزمن القديم؟
  3. هل اطلعت على غزل كتبته كاتبات نساء في الوقت الحاضر سواء في الشعر أو القصص القصيرة أو الرواية وما رأيك فيه؟
  4. وهل يختلف الغزل في كتابات النساء عن الغزل الذي يكتبه الرجال؟
  5. هل تحب أن تتغزل فيك امرأة وتكتب ذلك، وهل تسمح لزوجتك أو قريبتك إذا كانت كاتبة أن تتغزل في نصوصها؟

 لتقاتل لأجل أن تكون حرة..

يقول الشاعر اليمني “حميد الشامي”: “فكرة جميلة أن تكتب امرأة غزلا في الرجل رغم ندرة هذا النوع من الكتابة، إلا أن له صدى وفرادة في الكتابة الأدبية العربية قديمها وحديثها. أما مسألة الجرأة فأي أدب لا يقوم على المغايرة والاختلاف، وتجاوز التوابيت لا نفع منه ولا جمال فيه أو إبداع الأدب بمعنى ما هو سرد الأشياء من منظور إنساني واسع وعميق وحر لا يتقبل الحدود ولا الخصوصية ولا يعمل بها”.

وعن الغزل لدى الشاعرات في الزمن القديم يقول: “قرأت بعض الشعر عند النساء قديما، ومن هذا الشعر موضوع الغزل في الرجل أسرتني قصائد “ولادة بنت المستكفي” وسيرة حياتها وجليستها الشاعرة الأكثر صدقا وتمردا ولا يحضرني اسمها الآن. كون “ولادة بنت المستكفي” قد سرقت شهرت هذه الأخيرة حتى في ذهن مبدع وقارئ متأخر بعقود من الزمن مثلي”.

وعن غزل كتبته كاتبات نساء في الوقت الحاضر يقول: “الواقع أن قراءتي للأدب متعدد الاتجاهات والمواضيع قد قاداني في اهتماماتي أبعد من الغزل إلى مواضع أكثر عمقا وإيغالا في التجربة الاجتماعية والحياتية والحضارية لثنائية القصد والعلاقة بينهما، الرجل-المرأة/ المرأة-الرجل وما أذكره هي الدهشة إزاء الكتابة الغزلية من امرأة حرة ومبدعة.

أذكر من هذه التجارب المعاصرة في العالم العربي، الشاعرة الراحلة والأكثر مقدرة وإبداعا “عناية جابر”، وأذكر كذلك “فاطمة ناعوت، بتول الخضيري، إيمان مرسال، جمانة حداد” وغيرهن، وجميعهن بمثابة نقلة وإضافة رائعة في الكتابة الأدبية العربية المعاصرة”.

وعن اختلاف الغزل في كتابات النساء عن الغزل الذي يكتبه الرجال يقول: “بديهي أن يختلف كون المألوف والمتداول أن يكتب الرجل الغزل في المرأة وأن يكتبه أيضا، في الرجل متخيلا شعور المرأة نحو هذا الرجل. غزل المرأة في الرجل بلورة أخرى لدلالة الرغبة، الافتتان، الغرام، المحبة ذاتها بكل مسائلها وتجلياتها”.

ويؤكدك “بل سعيت لأن تتغزل فيا امرأة لاستخراج اعترافات تعيد ترتيب علاقاتي المتنوعة بالمرأة التي هي علاقة أخرى بنفسي كرجل، لقد كتبت لكثيرات ورددن على تلك النصوص الشعورية والانطباعية كثيرات على شكل نصوص موازية تصريحا أو تلميحا. إنها تجربة ملهمة ورائعة عند حديثي الاعتيادي مثلا مع صديقة قريبة يتدفق الشعر من تلقاء نفسه لدى الاثنين، وإن في لحظة تواصل عادية على مواقع التواصل أو رسائل الهاتف المحمول.

بالنسبة لهل أسمح لقريباتي بكتابة هذا النوع من الشعر فالمسألة بديهية أصلا فمن هي المرأة القادرة على الإبداع والكتابة وهي تنتظر السماح من أحد؟ رغم أننا نعيش في مجتمعات مغلقة وغريبة التقاليد. وأذكر تجربة الفنانة أسمهان التي أعشق صوتها وسيرتها، ومالاقته من مضايقات وانهيارات تالية وحزن سكنها لعمرها كله بفعل هذا النوع من المضايقة وحكاية السماح.

المبدع خالق لوجود يوازي الوجود الواقعي المعقد لحياة هذا الإنسان وكل مايحيط بها، لابد للمرأة المبدعة أن لا تنتظر سماحا من أحد في كل مواضيع الإبداع والتبلور، ولتقاتل لأجل ذلك. لأجل أن تكون حرة.

لو أن لي قريبات يكتبن لما تعلق الأمر لدي بالسماح فقط، إنما بالقتال لأجل حريتهن بامتلاك أنفسهن وأن يكن حرات بكل شيء بما في ذلك الإبداع-الخلق”.

تملك الكاتبة صفات نفسية مميزة..

ويقول الكاتب العراقي “سجاد حسن”: “الكتابة الإبداعية هي تعبير عن ذات الإنسان ومشاعره الإيجابية أو السلبية على حد سواء، ولأن الكتابة تعتمد اللغة التي هي ظاهرة اجتماعية، فلا ضير في اختلاف المعبِر عن مشاعره وحاجاته إذا كان رجلا أو امرأة، فالمهم هو إنتاج نصوص إبداعية يخرّج الفرد من خلالها مكنونات النفس البشرية.

إذن أن كتابة النساء ما دامت تندرج تحت مسمى الكتابة الإبداعية الأدبية سواء كانت قصصا أو رواية أو تسطرت شعرا وغير ذلك، ولا اختلاف بينها وبين كتابة الرجل، فلا فرق بين رجل وامرأة إلا بالإبداع والنص هو الحاكم حين يحلل بشرط موت صاحبه واختفائه من ضمير القاضي”.

ويواصل: “أما بالنسبة للجرأة في كتابات النساء فالجرأة نوع أدبي كتب فيه عدد من الكتاب القدامى والمعاصرين، يحبذه ويبحث عنه جمهور من القراء لا بأس به، لذلك هو فن يوازي الأنواع البقية”.

ويضيف: “نعم اطلعت على عدد من الأبيات الغزلية التي كتبت قديما في الرجال، وهي كثيرة بعضها نال إعجابي وبعضها الآخر كان عاديا بسيطا، ومن الأبيات التي أعجبتني المنسوبة ل”بثينة” صاحبة “جميل”:

“توعدني قومي بقتلي وقتله

فقلت: اقتلوني وأخرجوه من الذنب

ولا تتبعوه بعد قتلي أذيةً

كفى بالذي يلقاه من شدة الحب”

ففي هذه الأبيات معان حقيقية للحب، سامية تصدر من عاشق صادق مضح بنفسه في سبيل صاحبه.

وفي وقتنا الحاضر اطلعت على عدد من الروايات والقصص التي كتبتها نساء وفيها غزل للرجال ووصف لهم، كانت الكاتبات مبدعات فيما كتبنه تعبيرا عن مشاعر موجودة سواء كانت ظاهرة أو مخفية”.

وعن الاختلاف يقول: “قد يختلف أحيانا الغزل ما بين الرجال والنساء لأن للمرأة مميزات لا يملكها الرجل، فهي ذات مشاعر مرهفة، ناعمة خفيفة الطباع، حنينة القلب، متفاعلة تُغلِّب عاطفتها في كثير من المواقف، رحيمة تعطي بلا مقابل. من يملك مثل هذه الصفات لا غرو أن يكون مميزا في الكتابة الإبداعية، يصوغ الكلمات بشكل سلاسل إذا لُفت على جيد فتاة لما هرمت. مثل هذه المقومات تجعل كفة المرأة راجحة، لكن للرجال جرأة وحلاوة ودقة وصف، كل هذا يجعل لكتاباتهم وسما ينفردون به، كما أن للنساء وسما”.

ويؤكد: “لا أحب أن يتغزل فيّ أحد؛ لأني خجول جدا، وأفقد السيطرة على كلماتي حين يمدحني شخص بحضوري، وبما أني أشجع الكتاب وأقدم لهم ما أمتلكه من قليل لا يرى، فسأقدم لكل من يقربني إن أراد أن يكون كاتبا أو شاعرا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة