التغير المناخي يُهدد البشرية .. شبح الاختفاء يُخيم فوق منطقة “البحر المتوسط” !

التغير المناخي يُهدد البشرية .. شبح الاختفاء يُخيم فوق منطقة “البحر المتوسط” !

وكالات – كتابات :

شغلت أزمة التغيرات المناخية اهتمام الرأي العام العالمي في الفترة الأخيرة، على خلفية تزايد معدلات الاحترار في مناطق عديدة من العالم. وأعطى الخبراء والمحللون أهمية خاصة لهذه القضية في كتاباتهم وتعليقاتهم بالنظر إلى تأثيراتها السلبية العميقة على المستويين الإنساني والاقتصادي.

وكانت منطقة “البحر الأبيض المتوسط”؛ في قلب النقاشات المرتبطة بهذا الأمر، بالنظر إلى التحذيرات المتخصصة السابقة التي أكدت أن سرعة احترار منطقة “حوض المتوسط” ستكون السبب في ارتفاع مستوى مياهه، وهو الأمر الذي يُشكل خطرًا على مستقبل الدول والمجتمعات التي تطل على ساحله.

وفي هذا الإطار، نشر موقع (فورين بوليسي)؛ تقريرًا بعنوان: “منطقة البحر المتوسط كما نعرفها إلى زوال”. تطرَّق التقرير إلى أبعاد الأزمة المناخية التي تُعاني منها منطقة “البحر الأبيض المتوسط”.

تحديات متزايدة..

بحسب المقال؛ فإن هناك مجموعة من العوامل تُفسر القلق المتصاعد من أزمة التغير المناخي في منطقة “البحر المتوسط”، ويمكن استعراضها عبر ما يأتي:

01 – معاناة المنطقة حاليًا من تقلبات مناخية كارثية: أوضح التقرير أنه رغم اشتهار منطقة “البحر الأبيض المتوسط”؛ بشواطئها الخصبة وسواحلها المتعرجة، فإنها تُعاني الآن كذلك من تقلبات مناخية كارثية، مع الحرارة الخانقة وحرائق الغابات الخطرة وانكماش الأنهار، التي عانت منها دول المنطقة على مدى الأسابيع الماضية؛ حيث تواجه “إسبانيا والبرتغال” ظروف جفاف هي الأشد حدةً منذ أكثر من: 1000 عام.

ووفقًا للتقرير، فإنه في الوقت الذي أجبرت فيه حرائق الغابات في “اليونان وفرنسا”؛ عشرات الآلاف من الأشخاص على الفرار من ديارهم، تُوفي الآلاف في المنطقة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، التي تسببت كذلك في تعطيل الإنتاج الزراعي وتدمير التنوع البيولوجي بالإقليم.

02 – تعقُّد الجهود الأوروبية لمواجهة آثار تغير المناخ: نوه التقرير أنه إزاء المخاطر المُشار إليها، تعهَّدت العديد من الدول الأوروبية بتبني إجراءات سياسية قوية بهدف التخفيف من آثار أزمة المناخ.

وبحسب التقرير، فإنه على الرغم من أن دول “الاتحاد الأوروبي” أعلنت من قبل عن تطلعها إلى تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050؛ وخفض صافي الانبعاثات بنسبة: 55% بحلول عام 2030، فإن حرب “أوكرانيا” وأزمة الطاقة الناتجة عنها أدت إلى تعقيد هذه الجهود.

ودلل التقرير على ذلك بإعلان كل من “إيطاليا والنمسا وألمانيا وهولندا”؛ في حزيران/يونيو الماضي، عن نيتهم إعادة تشغيل محطات توليد الطاقة التي تعمل بـ”الفحم”؛ من أجل مواجهة تهديدات “روسيا” بقطع الغاز، والارتفاعات الكبيرة في أسعار الطاقة.

وأكد التقرير أنه إذا أصبحت هذه الإجراءات المؤقتة دائمة، فإن الخبراء يُحذرون من أنها ستؤدي إلى انتكاسة للجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ.

03 – تفاقم تحديات الطاقة لتضاؤل إمدادات المياه: شدد التقرير على أن تضاؤل إمدادات المياه يُزيد تحديات الطاقة المستمرة، خاصةً بالنسبة إلى الدول التي تعتمد على الطاقة النووية.

ودلل التقرير على ذلك بحصول “فرنسا” على ما يقرب من: 70% من الكهرباء من محطات الطاقة النووية التي يعتمد الكثير منها على الأنهار للتبريد. لكن العديد من هذه الأنهار المتقلصة نتيجة للجفاف؛ أصبحت الآن أيضًا – وفقًا للتقرير – شديدة الحرارة؛ بحيث لا يمكن استخدامها؛ مما يعرِّض إمدادات الطاقة المتراجعة بالفعل في البلاد للخطر.

04 – احتمال اختفاء مجتمعات لارتفاع سطح البحر: بحسب التقرير، ربما يتمثل الخطر الأكبر في تحذير الخبراء من أن مجتمعات “البحر الأبيض المتوسط” تواجه مستقبلاً مُثيرًا للقلق بفعل تغير المناخ الذي يؤدي فعليًا إلى ارتفاع مستوى سطح البحر.

وأوضح التقرير أن التقارير المتخصصة لا تستبعد أن يرتفع مستوى سطح البحر في المنطقة بما يصل إلى: 25.6 سم؛ بحلول عام 2050.

وأضاف التقرير أن هذا الأمر يُهدد ما يقرب من ثُلث سكان “البحر الأبيض المتوسط”، الذين يتركزون على طول مناطقه الساحلية، بالإضافة إلى مواقع (اليونسكو) المتعددة في المنطقة، بما في ذلك مدينة “البندقية” والآثار المسيحية المبكرة في “رافينا”، بجانب العديد من الوجهات السياحية الأكثر جاذبية في “البحر الأبيض المتوسط”، التي تعج بالأنشطة السكنية والتجارية، والتي هي أيضًا عُرضة للخطر.

05 – بروز أزمة المنطقة بوصفها نموذجًا مصغرًا لأزمة العالم: أشار التقرير إلى أن التغيرات القاسية في منطقة “البحر الأبيض المتوسط” تُعطي مثالاً واضحًا على الانعكاسات السلبية لأزمة المناخ على الحياة في جميع أنحاء العالم، مضيفًا أن هذا الأمر نذير لما يمكن أن ينتظر الآخرين.

ونوه التقرير أن ارتفاع درجات الحرارة في “المملكة المتحدة”؛ أدى إلى ذوبان البنى التحتية لبعض الطرق، وإجبار الحكومة على إعلان حالة طواريء وطنية.

تجزئة الحل..

وختامًا.. أكد التقرير أن الغرب الأميركي يُعاني من موجة جفاف وحرارة شديدة، مضيفًا أن المجتمعات الساحلية على الساحل الشرقي لـ”أستراليا” مُعرضة لخطر الإنجراف.

ونوه التقرير أن الفيضانات الشديدة في “الصين” تسببت هي الأخرى في نزوح مئات الآلاف من المواطنين.

وأوضح التقرير أنه يمكن اعتبار منطقة “البحر الأبيض المتوسط” نموذجًا مصغرًا للعالم، مشددًا على أنه إذا كان بالإمكان حل مشكلة “البحر الأبيض المتوسط”، فإنه يمكن حينها حل مشكلة التهديدات المناخية على مستوى العالم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة