لاستغلالها عسكريًا وأمنيًا .. “غوغل” تمنح إسرائيل تقنيات متعددة في الذكاء الاصطناعي والبيانات !

لاستغلالها عسكريًا وأمنيًا .. “غوغل” تمنح إسرائيل تقنيات متعددة في الذكاء الاصطناعي والبيانات !

وكالات – كتابات :

شرعت كلّ من شركتي (غوغل) و(آمازون ويب) في بناء خوادم تخزين سحابية محلية لـ”إسرائيل”، بعد فوزهما بمناقصة مشروع (نيمبُس)؛ في آيار/مايو 2021، بتكاليف تصل إلى مليارات الشيكلات؛ (قرابة: 1.2 مليار دولار).

ووفقًا لبيان “وزارة المالية” الإسرائيلية، يهدف المشروع لتوفير خدمات سحابية إلكترونية للجيش والحكومة ومجموعات اقتصادية في “إسرائيل”، على أن تبقى البيانات المُخّزنة عليها داخل حدود “إسرائيل” بموجب لوائح أمن البيانات الحكومية.

وفي تشرين أول/أكتوبر 2021، وقّع أكثر من: 90 عاملاً في شركة (آمازون)، و300 آخرين من شركة (غوغل)، على رسالة داخلية – نشرتها (الغارديان) – يحتجون فيها على مشروع (نيمبُس)، ويُطالبون الإدارة بالانسحاب منه.

وقال الموظّفون إن شركتيهما تبيعان التكنولوجيا الخطرة للجيش والحكومة الإسرائيلية، وإن هذه التكنولوجيا ستُمكّن “إسرائيل” من تعزيز رقابتها وجمع البيانات بصورة غير قانونية عن الفلسطينيين.

لكن بقيت نوعية التكنولوجيا التي ستوفّرها الشركتان للحكومة الإسرائيلية مجهولة، ما خلا ارتباطها بالذكاء الاصطناعي وتقنيات الحوسبة.

في 24 من شهر تموز/يوليو المنصرم، استطاع موقع (ذي إنترسبت) الحصول على مجموعة من وثائق التدريب ومقاطع الفيديو التعليمية المخصصة لمستخدمي (نيمبُس) من (غوغل)، ويظهر فيها لأول مرة ملامح من التكنولوجيا التي تُقدّمها الشركة لـ”إسرائيل”.

وقد استعرض الموقع بعضًا من أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي الواردة في هذه الوثائق، ونوعية المشاريع التي قد تُساهم فيها.

ينوّه الموقع الأميركي إلى أن الوثائق ذات طبيعة تعليمية تختص بالجانب التكنولوجي للمشروع، ولا تُعطي إيضاحًا عن الطريقة التي ستستخدمها فيها الحكومة الإسرائيلية.

تقنية تحليل الصور..

توفر (غوغل) مجموعة من الأدوات المختصة بتحليل الصور، ضمن حزمة (Cloud Vision API)، وهي نموذج ذكاء اصطناعي سحابي مُدرّب سابقًا على اكتشاف الأشياء والوجوه.

تحوي الحزمة مجموعة متنوعة من الأدوات، مثل تقنية التعرف على الوجوه، وتمييز السمات العامة للصورة، والتعرف على الأشياء في الصور، وتصنيف الصور حسب نوعها، واكتشاف النصوص وتحديد لغتها، والتعرّف على الأماكن، وغير ذلك.

تُثار التساؤلات حول الطريقة التي ستوظّف بها “إسرائيل” هذه الخدمات، لا سيما مع القدرات التي تُقدمها لأهداف تعزيز أنظمة المراقبة والتحكم.

وينقل (ذي إنترسبت) عن أحد العاملين في (غوغل) قلقه الخاص من حزمة (Vision API)؛ لأنها مُفيدة جدًا للمراقبة، ولأن التحليل الذي تُقدّمه سيكون ملائمًا تمامًا للتطبيقات العسكرية والأمنية، فتقنية التعرّف على الأشياء مفيدة جدًا، وهي عملية لتحليل البيانات وتصنيفها: “يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُمشط من خلال مواد المراقبة المجموعة بطريقةٍ لا يستطيعها الإنسان للعثور على أشخاصٍ معينين، والتعرف على الأشخاص الذين يُشبهون شخصًا ما – بهامش الأخطاء – ولهذا السبب تلك الأنظمة خطيرة حقًا”.

وتُقدم (غوغل) أيضًا خدمة (AutoML) لتحليل الصور عبر التعلم الآلي التلقائي، والتي تُفرق عن السابقة بأنها توفر لزبائنها فرصة تدريب نماذج التعلم الآلي المخصصة التي تُلائم احتياجاتهم، وبذلك يمكن للزبون تحسين النماذج بالآلية التي يجدها مناسبة.

بصياغة أخرى، يُعتبر (Cloud Vision)؛ نموذج تعلم آليًا مُدرّب سابقًا على تحليل الصور وجاهز للاستخدام، فيما يُعطي (AutoML) فرصة تدريب النموذج باستخدام بيانات الزبون الخاصة.

ووفقًا لما ينقله (ذي إنترسبت)، تُثير خدمة (AutoML) قلق موظّفين في (غوغل)، لأنها ستمكّن “إسرائيل” من تدريب نماذج جديدة ببياناتها الحكومية الخاصة لأي غرض ترغب فيها تقريبًا.

ويستشهد (ذي إنترسبت) بتعليق مديرة الخوارزميات في (أمنستي إنترناشونال)؛ “داميني ساتيغا”: “قدرات التعلم الآلي لـ (غوغل) إلى جانب البنية التحتية للرقابة للدولة الإسرائيلية، تُمثل تهديدًا لحقوق الفلسطينيين الإنسانية”، مضيفةً أن خيار استخدام الكميات الهائلة من بيانات المراقبة التي تحتفظ بها “إسرائيل” لتدريب الأنظمة لن يؤدّي إلا لتفاقم هذه المخاطر.

تقنية التعرّف على الوجوه..

توفّر (غوغل) تقنية التعرف على الوجوه ضمن خدمة الأدوات المقدّمة لـ”إسرائيل”، وباتت أنظمة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي متقدمة للغاية في هذا المجال تحديدًا.

إزداد الإقبال من الشركات والحكومات المختلفة على: “صناعة التعرّف على الوجه”، ويعتبر البعض أنها تقنية نافعة في زيادة السلام والأمن العام والفردي، فيما تُثار المخاوف من طرق استخدامها وإمكانية انتهاكها للحقوق الشخصية واستعمالها لتقييد الحريات وتعزيز تحيّزات معينة.

في حزيران/يونيو 2020، قرر ثلاثة من عمالقة التكنولوجيا الإمتناع عن بيع: “تقنية التعرف على الوجه” للشرطة، وذلك على إثر حادثة مقتل “جورج فلويد”؛ على يد شرطي أميركي.

وجاء الأمر في سياق الاستجابة لمطالب المساواة العرقية وحفظ الحقوق الإنسانية، ما حدا بكلّ من (مايكروسوفت) و(آي. بي. إم) لمنع الشرطة من استخدام تقنياتها للتعرف على الوجه، فيما علّقت (آمازون) بيعها لمدة عام، ومن ثم عاودت تمديد الحظر في 2021 مجددًا.

وقبل ذلك بعامين، اشترك ما يقرب من: 70 منظمة حقوقية وبحثية في توجيه رسالة لـ”بيزوس” لمطالبة (آمازون) بالتوقف عن توفير تقنية التعرف على الوجوه للحكومات، للدور الذي تُساهم فيه بتأسيس نظام مراقبة يسهل انتهاك الحقوق عبره واستهداف المجتمعات الملونة.

تقنية الكشف عن المشاعر..

تقوم فكرة الكشف عن المشاعر، أو ما بات يُعرف: بـ”الذكاء الاصطناعي العاطفي”، على مبدأ قراءة الآلة للحالة العاطفية للمستخدم البشري.

وبدأت محاولات تدريب الذكاء الاصطناعي على استكشاف المشاعر، بالاعتماد على نظرية: “العواطف الأساسية”؛ التي اقترحها عالم النفس الأميركي؛ “بول إيكمان”، خلال سبعينيات القرن الماضي.

تقول النظرية إن هناك ستة مشاعر عالمية أساسية يشترك بها كل البشر، وهي: “الغضب، والاشمئزاز، والخوف، والسعادة، والحزن، والمفاجأة”، وجاء بعدها نظريات تقترح تعقيدات أكثر أو تُقدم انتقادات جذرية للنظرية متعلقة بالثقافة والسياقيّة وتعقيد التفاعل البشري.

ويُظهِر عرض (غوغل) التوضيحي صورة لاجتماع به عدة أشخاص استخرج منها الذكاء الاصطناعي الوجوه، وبجانب الوجه الأول وضعت أداة (غوغل) احتماليّة أن يكون الوجه المعروض يُعبر عن الفرح أو الحزن أو الغضب أو المفاجأة، مع مدى ثقة الذكاء الاصطناعي من اختياراته تلك.

يُحاط مبدأ تعرف الآلة على العواطف بجدلٍ كبير حول أخلاقيته ومدى إمكانية تحقيقه من الجهة العلميّة، حتى إن صحيفة الـ (فايننشيال تايمز) تنقل عن “إيكمان” نفسه استياءه من الطريقة التي تستخدم الشركات بها نظريته، قائلاً إن كل ما رآه حتى الآن هو عبارة عن: “علم زائف”، وإن الخوارزميات لم تُثبت نفسها كأدوات قياس للوجه بعد.

وكانت شركة (مايكروسوفت) قد ألغت خدمة: “التعرّف على المشاعر”؛ التي كانت تُقدّمها ضمن خدمة (Azure Face) لتحليل الوجوه، مبررة ذلك بعدم قدرة بناء الأمر على أسس علمية ناجعة، وصعوبة تحقيق الدقة بالتعرّف، بالإضافة إلى المخاوف التي تُحيط بطرق استخدام هذه التقنية.

تقنية تحليل النصوص..

تُقدم (غوغل) ضمن العرض التعليمي؛ خدمة تحليل كل البيانات المتعلقة بالنصوص، ضمن ما يُعرف باسم: (NLP API)، ويعني البرنامج المختص بمعالجة اللغات الطبيعية.

ووفقًا لما يورده موقع (غوغل)، يمكن للبرنامج أن يفحص المشاعر العامة في النص وأن يُحدّد الموقف العام لكاتبه إن كان إيجابيًا أو سلبيًا.

ويتفحّص البرنامج النصوص لاستخراج أسماء العلم والكيانات المعروفة، مثل أسماء الشخصيات العامة والأماكن والمعالم وغيرها، مع بعض التحليلات الإضافية.

يقول (غوغل) إن بإمكان ذكائه الصناعي أيضًا تحديد موقف النصّ تجاه كل اسم وارد فيه، في حال كان يجيء ذكره بصورةٍ سلبية أو إيجابية.

كما يُقدّم البرنامج تحليلات متنوعة أخرى للنص، مثل التحليل النحوي وتصنيف المحتوى ضمن فئات، وغيرها من خصائص تُمكّن من فهم النصوص المكتوبة باللغات الإنسانية المختلفة ومعالجتها بالذكاء الاصطناعي بالطريقة التي تخدم أغراض المستخدم.

وضمن الخدمات المعنيّة بالنصوص أيضًا، يذكر عرض (غوغل) توفيره لخدمة تحويل الكلام إلى نصوص وتحليله كذلك.

تقنية تحليل الفيديوهات..

تُقدم (غوغل) خدماتها في تحليل الفيديو، التي يمكن أن توفر وقتًا وجهدًا هائلين عند الحاجة لمعالجة كمية هائلة من الفيديوهات مما لا يمكن تأديته على المستوى البشري.

ووفقًا لتعريف (غوغل) عن هذه الخدمة، تقول الشركة إن بمقدور الذكاء الاصطناعي لديها تقديم تحليل دقيق للفيديو والتعرّف على أكثر من: 20000 عنصر من الأماكن والأشياء والحركات.

وتُقدّم (غوغل) خدمات متعددة مختصة بتحليل الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي، وتقريبها في الوقت الفعلي، واستخراج البيانات الوصفية حتى على مستوى اللقطة.

كما تقول (غوغل) إن خدمتها تمكّن العميل من البحث في الفيديوهات بنفس الطريقة التي يبحث بها ضمن المستندات، مع إمكانية استخدام البيانات لفهرسة محتوى الفيديوهات وتنظيمها وفلترتها والتحكم بها.

تقنيّة تعقب الأشياء..

يُقدّم الذكاء الاصطناعي لـ (غوغل)؛ خدمات رصد الأشياء الظاهرة في الفيديو، والتعرّف عليها، وتعقّب الأشياء وتتبع الحركة فيه.

وفي التفاصيل، توفّر (غوغل) خدمة خاصة بتسمية الكيانات الخاصة بالعميل أو التي تهمّه؛ (مثل الأماكن أو الأشياء أو العناصر المتحركة)، وذلك عبر الاستعانة بإنشاء النماذج عبر (AutoML Video Intelligence).

وتقول (غوغل) إن هذه الخاصية تحتوي على واجهة رسوميّة، تسهّل من تدريب النماذج الخاصة بالزبون وتتبعها داخل مقاطع الفيديو، حتى ولو لم يكن لديه إلا الحدّ الأدنى من تجربة التعلم الآلي.

تقول (غوغل) إن هذا النوع من الخدمات مثالي للمشروعات التي تتطلب تصنيفات خاصة، لم تكن تتوفر في نماذج (غوغل) المدرّبة سابقًا.

وفي العرض التعليمي، تضرب (غوغل) مثالاً ساعدت فيه هذه الخدمة؛ “القوات البحرية الأميركية”، على توفير: 03 مليارات دولار سنويًا كانت تُوضع على الصيانة.

فقبل خدمات (غوغل)، كانت “البحرية الأميركية” تضطر إلى اللجوء لعملية مكلفة وقتًا وجهدًا ومالاً من أجل التفتيش اليدوي على السفن، ومراقبة مواضع الصدأ والتآكل ورصد ما يحتاج للصيانة العاجلة.

تستخدم “البحرية الأميركية”؛ الآن، طائرات دون طيّار لمراقبة السفن والمعدات، بعد جولة تدريب سريعة لذكاء (غوغل) الاصطناعي؛ (Google Cloud AutoMl)، على تفحّص الفيديوهات لتحديد أيّ مواضع تحتاج إلى صيانة وتمييز أيّها يُعتبر أولويات عاجلة، مع افتراض الشركة أن الذكاء الاصطناعي سيبدأ بتوقع حاجات الصيانة المستقبلية كذلك.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة