تنبأ بظهور “صدام” جديد .. خبير إيراني يسأل: هل تزداد أيام “العراق” صعوبة ؟

تنبأ بظهور “صدام” جديد .. خبير إيراني يسأل: هل تزداد أيام “العراق” صعوبة ؟

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

ضغط (الإطار التنسيقي) لتشكيل الحكومة برئاسة رئيس الوزراء؛ “محمد السوداني”، عقب تظاهرات الصدريين؛ الأربعاء الماضي، والسيطرة على مبنى “البرلمان العراقي”، وقيل إنه كان من المُقرر أن يُقعد البرلمان جلسة السبت للتصديق على تشكيل الحكومة، لكن يلف الغموص مصير هذه الجلسة دون تقديم أي أخبار رسمية، وكأن “مقتدى الصدر”؛ لم يتحمل ضغوط الطرف المقابل لتشكيل الحكومة، وتجاوزت مظاهرات أنصاره يوم 30 تموز/يوليو 2022، الكثير من العقبات كالكتل الأسمنتية، واستخدام قوات الأمن خراطيم المياه والقنابل المُسّيلة للدموع، ودخلت “المنطقة الخضراء” وسيطرت على مبنى البرلمان مجددًا بغرض الاعتصام. وهذا السلوك يوحي بأن “الصدر” اتخذ مبادرة عمل الشارع في مواجهة المنافسين؛ بحسب “صابر گل عنبري”؛ خبير الشأن الدولي، في تقريره التحليلي الذي نشر على موقع قناته الخاصة على تطبيق (تليغرام).

في المقابل؛ دعا (الإطار التنسيقي) إلى مظاهرات شعبية مشابهة لحماية المؤسسات القانونية والدستور العراقي.

لكن وبالنظر إلى الاستياء الشعبي العام من مؤسسات السلطة وأداءها والفساد المستشري والمنظم داخل هذه المؤسسات، من المستبعد أن تجتذب الدعوة أطياف العراقيين غير أنصار (الإطار التنسيقي).

“الصدر” كشريك أساس في المشهد السياسي..

وللعلم؛ فقد كان “الصدر”، خلال العقدين الماضيين؛ شريك في المسار السياسي العراقي في مرحلة ما بعد؛ “صدام حسين”، ومساهمًا فيها، وكان له دور خلال السنوات الأخيرة في آتون السياسة العراقية، وقدم نفسه وتياره كقوى سياسية شعبية، وطنية، فوق مذهبية وحزبية تُعارض الهيكل السياسي القيام والقوى السياسية التي تحكم “العراق”، ونجح في كسب الأغلبية البرلمانية في انتخابات العام الماضي بنفس هذه الرؤية.

وقبل فترة وبعد الانسحاب من البرلمان والسلطة، عاد إلى تقوية رؤيته السابقة، وأراد تطوير مكانته من مجرد معارضة سياسية داخل هيكل السلطة الحالي ومتطلباتها إلى معارضة شعبية تعمل بحرية وتحظى بالدعم الشعبي؛ بعيدًا عن هذا الإطار.

لذلك يعتبر “الصدر” وتياره؛ بتبني سياسة الشارع، أنه يُمثل الشعب العراقي المعترض، وبالتالي لن يفرح فقط الشعب المعترض على الأوضاع السياسية والاقتصادية باحتلال البرلمان والتهديد باحتلال مؤسسات السلطة الأخرى، وإنما سوف يُرحب بهذه الإجراءات.

لذلك من المُستبعد أن تنجح رؤية (الإطار التنسيقي) في مواجهة سياسات الشارع التي يتبناها “الصدريون” ورغم امتلاك (الإطار التنسيقي)؛ ورقة (الحشد الشعبي)، باعتبارها أكثر القوى العسكرية العراقية تنظيمًا وقوة، إلا أن اللجوء لاستخدام هذه الورقة في ظل الأوضاع الراهنة قد ينتهي إلى اندلاع حرب أهلية دموية بين الشيعة.

مأزق سياسي مرشح للخروج عن السيطرة..

على كل حال، وضع “العراق” الآن يوحي بحقيقة أن المأزق السياسي الحالي بصدد الخروج عن السيطرة؛ هذا المأزق الذي برز خلال العقدين الأخيرين بين الأحزاب الشيعية بحدة أقل؛ لكن في كل مرة كان المأزق ينتهي بالوصول إلى حلول توافقية، مثل الاختلافات بين حزبي “نوري المالكي” و”حيدر العبادي”؛ عام 2014م، أو اختلاف “المالكي” مع الأطياف الموالية لـ”الصدر” أو “الحكيم” أو “العبادي”.

لكن هذه المرة فشلت محاولات رأب الصدع بين الكتلتين الشيعيتين؛ حيث اكتسبت هذه الأزمة أبعاد شخصية وسياسية عراقية وفوق عراقية، لذلك من المستبعد الوصول فعلًا إلى حل.

تقع كل هذه الأحداث في “العراق”؛ في حين تزداد أهمية مكانة “بغداد” في الموازنة الإقليمية في ضوء التطورات الإقليمية الكبيرة خلال العقد الأخير، ورغم تطمينات حكومة؛ “مصطفى الكاظمي”، خلال الأعوام الأخيرة والوساطة بين “طهران” و”الرياض” وغيرها، إلا أن “بغداد” اقتربت ببطء من الدول العربية التي تعتزم الانفتاح على “إيران”؛ (مصر، والأردن، والسعودية والإمارات وغيرها).

على كل حال، لا ترغب أيًا من الكتل الإقليمية في استمرار الوضع العراقي المأوزم. لذلك فإن ماهية الحكومة العراقية المستقبلية سيكون مصيري في إعادة تعريف مكانة “العراق” على المستوى الإقليمي والموازنات بين دول المنطقة.

كذلك سوف تُساهم ماهية هذه الحكومة للوهلة الأولى في تحديد مصير الخلافات بين الكتلتين الشيعيتين والنزاع الأكبر بين حلفاء الكتل الأجنبية المتصارع في “العراق” والمنطقة، وحلحة المأزق السياسي العراقي مستقبلًا.

وحتى نرى ما سيحدث، قد يمكن السيطرة مؤقتًا على التوتر الحالي مع إمكانية الوصول إلى اتفاق، لكن حل الأزمة مستبعد وسوف يشهد “العراق” المزيد من التطورات الكبرى، ومن المحتمل ظهور “صدام” جديد بشكل آخر خلال العقد المقبل.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة