“راهبرد معاصر” الإيراني يُجيب .. ما هي أهداف “ابن سلمان” من زيارة “اليونان” ؟

“راهبرد معاصر” الإيراني يُجيب .. ما هي أهداف “ابن سلمان” من زيارة “اليونان” ؟

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
أعلنت مصادر خبرية إنطلاق “محمد بن سلمان”؛ ولي العهد السعودي، في زيارة إلى “اليونان” بتاريخ الثلاثاء 26 تموز/يوليو. وكانت “الخارجية اليونانية” قد أعلنت عن زيارة “ابن سلمان” المرتقبة إلى “آثينا” للقاء عدد من المسؤولين اليونانيين؛ وفي المقدمة “کریاکاس میتسوتاکیس”، رئيس وزراء اليونان.
وهي أول زيارات لولي العهد السعودي إلى إحدى دول “الاتحاد الأوروبي”، بعد مقتل “جمال خاشقجي”، الصحافي السعودي المعارض في العام 2018م؛ بحسب تقرير أعده موقع (راهبرد معاصر) الإيراني.
تأتي هذه الزيارة بعد أيام من مشاركة؛ “جو بايدن”، رئيس “الولايات المتحدة الأميركية”، في “قمة جدة” ولقاء “ابن سلمان”. لكن ما هي أسباب ولي العهد السعودي من زيارة “آثينا”، التي تُعاني من توتر العلاقات مع “أنقرة”، لاسيما بعد تحسن العلاقات السعودية مؤخرًا مع “تركيا”، وترحيب المسؤولين في البلدين بتطوير العلاقات ؟..
للإجابة يتعين علينا البحث في تصريحات “ابن سلمان” بشأن الأهداف السياسية والاقتصادية والعسكرية المتعددة لتلك الزيارة.
بناء موازنة في العلاقات بين “أنقرة” و”آثينا”..
أول أهداف “ابن سلمان”؛ هو الموازنة في العلاقات بين “أنقرة” و”آثينا”. والحقيقة أن تاريخ التوتر والاختلاف بين “تركيا” و”اليونان” طويل وممتد، والشواهد تُثبت وجود الكثير من أسباب استمرار هذه الخلافات.
وتتعارض وجهات نظر البلدين بشأن قضايا حدودية، وملكية بعض الجزر، ووضع أتراك “آنطاكيا”، وغيرها من المحاور والملفات الأخرى.
علاوة على ذلك؛ لطالما استقبل “اليونان”؛ في العقود الأخيرة، قيادات حزب (العمال الكُردستاني) وأعضاء إثنتين من الفصائل الشيوعية المسلحة؛ التي تُعارض النظام التركي، فضلًا عن فرار بعض ضباط الجيش التركي في مروحية إلى “اليونان” بعد فشل انقلاب تموز/يوليو 2016م، وفشل حكومة؛ “رجب طيب إردوغان”، في استعادة هؤلاء الضباط، رغم المطالب المتكررة.
وعلى كل حال سارع “ابن سلمان”، إلى تقوية العلاقات مع “آثينا” في إطار التعاون الإستراتيجي، وتشكيل تحالف جديد مع الدول الأوروبية بغرض اكساب مكانة في تلك المنطقة.
وتسعى “السعودية” بتطوير العلاقات السياسي والعسكرية مع “اليونان” للضغط على “تركيا”، وذلك من خلال تقوية كفة “اليونان” في موازنة القوة.
زيادة الاستمارات والمنافسات الاقتصادية مع “الإمارات”..
أحد أهداف “ابن سلمان” الرئيسة من زيارة “اليونان”؛ يتعلق بالشق الاستثماري، لاسيما المنافسات الاقتصادية مع دولة “الإمارات العربية المتحدة”. وتسعى “السعودية”؛ باعتبارها أكبر مُصّدر لـ”النفط” في العالم، إلى تقوية اقتصادها الريعي الذي يعتمد بشكل كبير على عوائد “النفط”، والتحول من خلال إتباع سياسات اقتصادية مختلفة، لذلك وعقب انتشار فيروس (كورونا) وما ترتب على ذلك من التراجع الشديد في أسعار “النفط” تنافس “السعودية” الجارة الإماراتية في استقطاب الاستثمارات الأجنبية والداخلية.
وقد نمت العلاقات الاقتصادية “الإماراتية-اليونانية” بشكلٍ ملحوظ في السنوات الأخيرة. على سبيل المثال ارتفع حجم التبادل الجاري بين “الإمارات” و”اليونان”؛ في العام الماضي بنسبة: (67%) مقارنة بالعام الأسبق.
كذلك اتفق الطرفان أثناء زيارة رئيس الوزراء اليوناني إلى “الإمارات”؛ في العام الجاري، على تأسيس صندوق استثمارات مشترك بقيمة: 04 مليار يورو.
وتسعى “الرياض” في منافساتها الاقتصادية التي تحبس الأنفاس مع “الإمارات”، إلى تطوير علاقاتها التجارية مع “آثينا”.
في ضوء هذه السياسات زار وفد من تجار “السعودية”؛ برئاسة وزير الاستثمار ومشاركة: 70 مندوبًا عن الشركان السعودية؛ دولة “اليونان”، آيار/مايو الماضي. كما أعلنت “الخارجية اليونانية” توقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والتعاون العسكري والاتصالات أثناء زيارة “ابن سلمان” الأخيرة إلى “اليونان”. وقد انفق الطرفان على الشروط الرئيسة للاستثمار المشترك في مجال الاتصالات ومد كابل بيانات تحت البحر يربط “أوروبا” بالدول الآسيوية.
الخلاصة..
زيارة “بايدن” إلى “السعودية”؛ لو لم تؤدي إلى إنجازات تنعكس على تحسين أوضاع الرئيس الأميركي، لكنها تُعتبر انتصار بالغ الأهمية بالنسبة لولي العهد السعودي، الذي اكتسب شرعية بتلك الزيارة.
على سبيل المثال؛ “ابن سلمان” الذي لم يجرؤ على زيارة أي دولة غربية منذ مقتل “خاشقجي”، قرر سريعًا زيارة “اليونان”؛ بعد أيام فقط على مشاركة الرئيس الأميركي في “قمة جدة”.
وهذه الزيارة لن تكون موضوع ترحيب من القيادات التركية. وبالتالي فقد أثبتت “السعودية” أن تطبيع العلاقات مع “أنقرة” لا يُضفي الصبغة الإستراتيجية على هذه العلاقات، وأبرز دليل على ذلك مسارعة “الخارجية السعودية” إلى إدانة الهجوم العسكري التركي الأخير على محافظة “دهوك”؛ شمال “العراق”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة