من التجنيد إلى زيادة الانفاق العسكري .. “أوروبا” تتأهب لمواجهة مخاطر اندلاع حرب شاملة !

من التجنيد إلى زيادة الانفاق العسكري .. “أوروبا” تتأهب لمواجهة مخاطر اندلاع حرب شاملة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يبدو أن الحرب “الروسية-الأوكرانية” فرضت نفسها على كافة الأنحاء الحياتية وأرجعت ما كان ممنوعًا من قبل، فأعادت المراجعات الأوروبية المتعلقة بالتجنيد العسكري الإجباري، عبر تعزيز النقاشات والإجراءات.

(يورونيوز)؛ ذكرت في تقرير أن الحرب الجارية فى “أوكرانيا” عززت عملية مراجعة السياسات الخاصة بالتجنيد العسكري بالقارة العجوز.

وأوضح التقرير أن “بريطانيا” ألغت الخدمة العسكرية عام 1963؛ وفعلت “بلجيكا” الأمر نفسه في عام 1992، وبين عامي: 2004 و2011، ألغت مساحة شاسعة من “أوروبا” الخدمة الوطنية.

بينما لم تتخل “الدنمارك وإستونيا وفنلندا وقبرص واليونان والنمسا وسويسرا” عن التجنيد الإجباري. ومع ذلك، تم تخفيف بعض القواعد، ففي عام 2006، خفضت “فيينا” الخدمة العسكرية إلى ستة أشهر فقط.

ضم “القِرم” أعاد التفكير في الخدمة العسكرية..

وكان ضم “روسيا”؛ لشبه جزيرة “القِرم”، في عام 2014، أول صدمة دفعت العديد من الحكومات الأوروبية إلى إعادة التفكير في الخدمة العسكرية.

وأعادت “أوكرانيا” التجنيد الإجباري؛ في عام 2014، مما سمح لها بتجميع جيش كبير من المحترفين والاحتياطيين في حربها الحالية مع “روسيا”.

وفي عام 2015، أعادت “ليتوانيا” التجنيد جزئيًا؛ (بعد أن أنهته في عام 2008)، وأصبحت “النرويج” أول دولة أوروبية تفرض الخدمة العسكرية الإجبارية للنساء.

وبعد ذلك بعامين، أعادت “السويد” فرض الخدمة، وهي الخطوة التي أقرتها “فرنسا” في 2019.

عززت الحرب “الروسية-الأوكرانية” التفكير في فرض الخدمة مجددًا، ففي نيسان/إبريل الماضي، أعلنت “وزارة الدفاع” الهولندية البدء بدراسة حول إدخال التجنيد الإجباري على الطراز الاسكندنافي.

وجاءت الخطوة على خلفية مخاوف من أن رُبع المناصب العسكرية شاغرة حاليًا، بينما أدخلت “بولندا”، في آذار/مارس الماضي، نظامًا جديدًا: “للخدمة العسكرية العامة الطوعية مدفوعة الأجر”.

ومطلع تموز/يوليو الجاري، أعلنت “وزارة الدفاع” في “لاتفيا” أن الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين: (18) و(27 عامًا) سيضطرون إلى إكمال أحد عشر شهرًا من الخدمة العسكرية.

وقال وزير الدفاع؛ “آرتيس بابريكس”، في بيان رسمي: “يجب أن يُدرك سكان لاتفيا أنه من أجل البقاء على قيد الحياة، يجب علينا ببساطة زيادة نسبة السكان الذين تلقوا تدريبات عسكرية ومستعدين للمشاركة في القتال. وهذا من شأنه أن يُقلل من خطر قيام روسيا بمهاجمة لاتفيا كما تشاء”.

وفي “رومانيا” – التي رفضت إعادة التجنيد قبل بضع سنوات – قدمت “وزارة الدفاع” مشروع قانون هذا الشهر؛ من شأنه إجبار المواطنين الذين يعيشون في الخارج على العودة إلى ديارهم في غضون 15 يومًا للتجنيد في حالة الطواريء أو الحرب.

رفض البعض للتجنيد..

لكن دولاً أخرى أصرت على موقفها الرافض للتجنيد. فرئيس الوزراء البرتغالي؛ “أنطونيو كوستا”، استبعد عودة الخدمة العسكرية الإلزامية.

ولا يبدو أن هناك الكثير من الجدل في “إسبانيا وإيطاليا وبلجيكا”، ووجد استطلاع أجرته مجلة أوروبية هذا العام أن: 60 بالمئة من المستطلعين لن يكونوا مستعدين لحمل السلاح والقتال من أجل البلاد.

محاولات للعودة في “ألمانيا”..

وفي “ألمانيا”، حيث تم تعليق التجنيد الإجباري في عام 2011، اقترح سياسيون من مختلف الأطياف عودة الخدمة.

وقال “كارستن لينيمان”، نائب زعيم حزب (الاتحاد الديمقراطي المسيحي) المحافظ، وهو الآن حزب معارض، إن إعادة تقديم الخدمة العسكرية يمكن أن: “يُحقق فائدة حقيقية” للمجتمع.

كما دعا “ولفجانغ هيلميش”، النائب عن حزب (الديمقراطيين الاشتراكيين) من يسار الوسط، إلى نقاش: “عاجل”.

الكم والكيف لاختيار المجندين..

بحسب تقرير (يورونيوز)، فإنه بغض النظر عن الحاجة الوطنية، فإن القلق يدور حول ما إذا كان الأوروبيون مستعدين لمواجهة مخاطر جديدة.

في المقابل، يرى البعض أن ما يختلف اليوم عن “الحرب الباردة” هو أن البلدان لا تحتاج إلى أن يخدم عدد كبير كجنود؛ أي أنها لا تحتاج إلى جيوش مشاة ضخمة.

وقالت “إليزابيث براو”، زميلة بارزة في معهد “رويال يونايتد سيرفيسز”، إن: “المشكلة تكمن في كيفية اختيارهم”، ففي “النرويج” مثلاً، من بين عشرات الآلاف الذين يتم استدعاؤهم كل عام لإجراء اختبار تنافسي، يتم قبول بضعة آلاف فقط للخدمة.

خطر يُنذر باندلاع حرب شاملة..

وتعقيبًا على ذلك، قال المحلل السياسي؛ “أندرو بويفيلد”، إن العملية العسكرية الروسية ضد “أوكرانيا”: “هي أول حرب بين جيشين نظاميين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وأول خطر حقيقي يُنذر باندلاع حرب شاملة في القارة، وقد تركت هذه الحرب آثارًا قوية على الحياة اليومية والفكر العسكري للدول وخاصة القريبة لروسيا”.

مضيفًا أن حرب “أوكرانيا”: “تسببت في صدمة كبيرة لدى الأوروبيين الذين لم يتخيلوا يومًا أن تصل ويلات الحروب مجددًا إلى قارتهم، فعمدوا على حماية أنفسهم عبر كل الوسائل سواء التحالفات أو شراء الأسلحة وتحديث الجيوش، لكن كل ذلك يحتاج إلى عنصر بشري ومن ثم كان عليهم التفكير في عودة الخدمة العسكرية من جديد أو على الأقل تدريجيًا والعمل على تعزيز روح الانتماء لدى المواطنين، فأوكرانيا صامدة بسبب تكاتف الشعب مع الجيش والحكومة”.

وأكد على أن: “تكون جاهزًا أفضل من أن تقع في أزمة مفاجئة، ولذلك فضلت فنلندا والدنمارك وإستونيا وفنلندا وقبرص واليونان والنمسا وسويسرا التمسك بالخدمة العسكرية وجعل البلاد في حالة جاهزية تامة؛ خاصة أن روسيا منذ نحو عقدين وهي تُثير المشاكل بدأت مع جورجيا ثم القِرم ثم أوكرانيا بأكملها”.

سباق تسلح خوفًا من “روسيا”..

وأشار إلى أن: “دول جوار روسيا في مأزق كبير ويعرفون أن موسكو حال نجحت في مبتغاها بأوكرانيا لن يكونوا بمنأى عن صواريخ ودبابات الجيش الأحمر؛ ولذلك هناك ما يُشبه سباق تسلح واستعداد عسكري، حتى الدول الكبرى كألمانيا أعلنت عن أكبر ميزانية في تاريخها لتحديث قواتها العسكرية، العالم بات أكثر اضطرابًا مع إنطلاق أول قذيفة ضد أوكرانيا”.

التكتل يعتزم زيادة إنفاقه العسكري 200 مليار دولار..

لم تكن العملية العسكرية الروسية في “أوكرانيا” السبب الأساس في زيادة التسلح في القارة الأوروبية مؤخرًا، بحسب معهد (ستوكهولم الدولي) لأبحاث السلام، والذي قدم مقارنة بين بيع السلاح وشرائه، في الفترة بين عامي: 2017 و2021، وصفقات تجارة السلاح قبل ذلك بخمسة أعوام.

هذه المقارنة أثبتت زيادة التوتر في أنحاء القارة الأوروبية كافة، حتى قبل العملية العسكرية. وأشار تقرير المعهد إلى أنّه، في الوقت الذي انخفضت تجارة الأسلحة على مستوى العالم بنسبة: 4,6%، زادت مشتريات الأسلحة في “أوروبا” بنسبة: 19%.

من جهته؛ أوضح مدير برنامج الأمن الأوروبي في المعهد؛ “إيان آنتوني”، أنّ هذه الأرقام الخاصة بتزايد صفقات الأسلحة في “أوروبا” تعكس ردة فعل القارة على استعادة “روسيا”؛ شبه جزيرة “القِرم”، في عام 2014، والعملية العسكرية في “أوكرانيا”.

وعلى خلفية التطورات العسكرية على الأرض، كشفت رئيسة المفوضية الأوروبية؛ “أورسولا فون دير لاين”، في آيار/مايو، أنّ التكتل يعتزم زيادة إنفاقه العسكري: 200 مليار دولار في الأعوام المقبلة.

وقالت “فون دير لاين”؛ إنّ: “اندلاع نزاع عسكري جديد في أوروبا أظهر بوضوح نقص الإنفاق على مدى أعوام في المجال الدفاعي في الاتحاد الأوروبي”، مضيفة أنّ: “التكتل فقد 10 أعوام من الاستثمار الدفاعي بسبب هذه التقليصات”.

وأشارت أيضًا إلى أنّ “الاتحاد الأوروبي” يعتزم لاحقًا وضع قواعد جديدة لضمان إعفاء هذه المشتريات العسكرية المشتركة من ضريبة القيمة المضافة.

أكبر جيش تقليدي في “أوروبا”..

ومطلع هذا الشهر؛ اتهمت “روسيا”؛ الحكومة الألمانية، بزعزعة الأمن الأوروبي، عبر: “إعادة التسلُّح”، في الوقت الذي تتحرك “برلين” مُعّززةً إنفاقها العسكري ردًا على العملية العسكرية الروسية في “أوكرانيا”.

وأعلن المستشار الألماني؛ “أولاف شولتس”، أنّ: “ألمانيا ستمتلك قريبًا أكبر جيش تقليدي في أوروبا”؛ ضمن “حلف شمال الأطلسي”، وأنّ: “سلاح الجو الألماني يتّجه ليكون المستفيد الأكبر من تمويلٍ خاصٍّ للجيش الألماني، يبلغ: 100 مليار يورو؛ (110.35 مليار دولار)”.

وخلال “منتدى آسيا والمحيط الهاديء للدفاع والأمن – حوار شانغريلا”، كشف وزير الدفاع الفرنسي؛ “سيباستيان ليكورنو”، أنّ “فرنسا” تعتزم تعزيز قدراتها العسكرية المنتشرة في منطقة “آسيا” و”المحيط الهاديء” وتحديثها، على الرغم من الأزمة في “أوكرانيا”، بحيث ستنشر سفينتين في المنطقة نهاية عام 2025، نظرًا إلى إبدال سفن الدوريات الأربع الموجودة حاليًا بطراز جديد، وسيتم إبدال خمس طائرات (فالكون) للاستطلاع في “المحيط الهاديء” بخمس طائرات جديدة أكثر حداثة.

ودعا الرئيس الفرنسي؛ “إيمانويل ماكرون”، أيضًا، إلى تعزيز الصناعة الدفاعية الأوروبية، التي يجب أن تكون: “أقوى كثيرًا”، وذلك في أثناء افتتاح المعرض الدولي لصناعات الدفاع والأمن البريَّين، (يوروساتوري)، قرب “باريس”.

صدارة “الولايات المتحدة” في الإنفاق العسكري..

وتحتل “الولايات المتحدة الأميركية” صدارة الإنفاق العسكري، وفق “سيبري”، إذ تمتلك: 5428 رأسًا حربيًا، أي أقل: بـ 120 من العام الماضي، لكن لديها رؤوس منتشرة أكثر من “روسيا”، ويبلغ عددها: 1750.

وكان “البيت الأبيض” طلب من “الكونغرس” المصادقة على ميزانية للدفاع، تصل إلى: 813 مليار دولار لعام 2023، تتضمن زيادة: 30 مليار دولار عن ميزانية العام الحالي.

وكشفت صحيفة (بوليتيكو) أنّ الزيادة ستأتي بنسبة: 4% من الميزانية المقدَّمة عام 2022، لكن لن يتم اعتبارها كافية من جانب الجمهوريين في “الكونغرس”، الذين طالبوا بزيادة لا تقل عن: 5%.

وأوضحت الصحيفة أنّ: “البيت الأبيض طلب: 34.4 مليار دولار للتحديث النووي، و24.7 مليار دولار لبرامج الدفاع الصاروخي، و27.6 مليار دولار أخرى للتحذير من الصواريخ الفضائية، وتتبُّع الصواريخ وجهود إطلاق الفضاء. وستكون ميزانية البحث والتطوير هي الأكبر على الإطلاق، إذ سترتفع بنسبة: 9.5% عن عام 2022، لتصل إلى: 130.1 مليار دولار”.

في الوقت نفسه؛ قررت “كندا” زيادة إنفاقها العسكريّ بمقدار ثمانية مليارات دولار كنديّ؛ (6,4 مليارات دولار أميركي)، على مدى 05 سنوات، على خلفية العملية العسكرية الروسية في “أوكرانيا”، وفق ما جاء في الميزانية الفيدرالية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة