17 نوفمبر، 2024 7:31 م
Search
Close this search box.

الغزل في كتابات النساء (20): تحاول الكاتبة أن تعبر عن ذاتها بعد سنوات طوال من المنع

الغزل في كتابات النساء (20): تحاول الكاتبة أن تعبر عن ذاتها بعد سنوات طوال من المنع

 

خاص: إعداد- سماح عادل

أشارت الكاتبات في هذه الحلقة من الملف إلى فكرة منع الكاتبات من التعبير عن ذواتهن بحرية، والتي طالت، كما أِشرن إلى أهمية توظيف الغزل داخل النصوص، وأيضا الى امتلاء الساحة الأدبية بالمبدعات والكاتبات البارعات.

هذا التحقيق عن (الغزل في كتابات النساء) وقد جمعنا الآراء من كاتبات وكتاب وقراء من مختلف بلدان العالم العربي. وقد وجهنا للكاتبات الأسئلة التالية:

  1. ما رأيك في الغزل وهل تكتبينه، وما رأيك في الجرأة في كتابة الغزل؟
  2. هل قرأت الغزل لدى الشاعرات في الزمن القديم؟
  3. هل اطلعت على غزل كتبته كاتبات نساء في الوقت الحاضر سواء في الشعر أو القصص القصيرة أو الرواية وما رأيك فيه؟
  4. وهل يختلف الغزل في كتابات النساء عن الغزل الذي يكتبه الرجال؟
  5. ماذا تريد أن تقول الكاتبة حين تكتب الغزل هل تحاول إثبات حقها في المساواة، أم تعبر عن ذاتها ومشاعرها، أم تحاول أخذ دور الشريك الفاعل في علاقة الحب؟

النساء العربيات أديبات بالفطرة..

تقول الكاتبة “رجاء حميد رشيد” كاتبة وصحفية عراقية: “أنا لا أكتب  الغزل بمعناه الحرفي والذي يعد أحد أجناس الشعر والنثر. لكنني أرى بأنَّ كل الكلمات والجمل الجميلة التي تعبر عن المشاعر ومكنونات النفس بمنتهى الصدق والعفوية تدخل ضمن الغزل، فكلنا نحكي ونكتب الغزل  لأنَّ الغزل أساسه الحب وهو الإحساس الذي نعيشه في كل مراحل حياتنا ومع كل البشر، حب الأم، الأب، الأبناء، الزوج، الأصدقاء، الأخوة، النباتات والورود والحيوانات اللطيفة المتنوعة وكل ماهو جميل.

لاشك أنَّ الكتابة هي صوتنا الجريء عندما نخجل من البوح بمشاعرنا، وهي أصواتنا ننطقها عبر أيدينا من أعماق قلوبنا، ولكن في حدود معينة، فاستخدام الكلمات الجريئة في الغزل أرى أنَّ هناك وفي كل المجالات ومنها الكتابة حدوداً والالتزام بها واجب تجاه الذوق العام واللياقة، وبالتالي أكيد سيكون النص المكتوب جميلاً وممتعاً ومقبولاً لدى المتلقي، وإذا تعدى هذه العناصر فلا أعتقد سيكون مقبولاً خاصة ونحن الشرقيين لدينا حدود والتزامات وتحفظات مجتمعية تجاه أنفسنا لأننا ننطلق من بيئتنا وتربيتنا،  تجاه المجتمع لأنَّ كل مايكتبه الشاعر أو الكاتب فهو لجمهور القراء”.

وعن الغزل لدى الشاعرات في الزمن القديم تقول:”نعم، كان ضمن المنهاج المدرسي وفي كل المراحل الدراسية مادة تدريسية (العربي) وتضم (القواعد، والأدب والذي يتضمن قصائد لكثير من الشعراء العراقيين والعرب) هذا من جانب، ومن جانب آخر فالمطالعة هي إحدى هواياتي فابتدأت بقراءة الكتب ومنها الشعر منذ الصغر وبالتأكيد تنوعت قراءاتي حسب محطات العمر المختلفة، فقرأت الشعر العربي سواء في العصر الجاهلي أو في العصر الإسلامي.

حيث برزت حالات كثيرة من أدب الحب والغزل عن النساء مثل الشاعرة  “صفية البغدادية، الخنساء بنت زهير بن أبي سلمى، أم الفضل بنت الحارث الهلالية، زرقاء اليمامة، ولادة بنت المستكفي، خوله بنت الأزور، رابعة العدوية”، وغيرهن الكثير”.

وعن غزل كتبته كاتبات نساء في الوقت الحاضر تقول: “نعم، فالنساء العربيات عامة والعراقيات خاصة أديبات بالفطرة، حيث كن يصدحن بأشعارهن أثناء هدهدة صغيرها ليغفو على نغمات صوتها وكلماتها، والتاريخ زاخر بالنسوة اللاتي أبدعن بكافة الفنون ومنها  كتابة الشعر والقصة والرواية وخلدن أسماءهن بأعمالهن في صفحات الثقافة والأدب، مثل: “نازك الملائكة، وآمال الزهاوي ولميعة عباس عمارة، وإنعام كجي، ولطفية الدليمي، وعالية طالب، وعالية ممدوح، وإبتسام عبد الله، وناصرة السعدون، وهدية حسين، وريم قيس كبة، ونجاة عبد الله، وغرام الربيعي، ونادية الدليمي، وبتول الخضيري، ونوال السعداوي، ورضوى عاشور،   وفاطمة السيد،  وأحلام مستغانمي، وبنت الشاطيء، ونوران فؤاد، ومي زيادة، وغادة السمان، وحياة شرارة” والقائمة تطول. وكل واحدة منهن أبدعت في كتابة  فنون الأدب، الشعر أو القصة والرواية والكثير منهن حصدن جوائز محلية وعربية”.

وعن الاختلاف بين الغزل في كتابات النساء عن الغزل الذي يكتبه الرجال تقول: “يختلف الغزل عند معظم النساء عن الرجال، لأنها أكثر تحفظا والتزاماً من الرجال  بحسب طبيعة التربية والنشأة والمجتمع وكل هذه  العناصر تلعب دوراً كبيراً في كتاباتها للنصوص الشعرية أو الأدبية كالقصة والرواية، فالإنسان وليد ظروفه ومجتمعه ويتأثر بكل العادات والتقاليد السائدة”.

وعن ماذا تريد أن تقول الكاتبة حين تكتب الغزل تقول: “نريد أن تقول كل ما ذكرتِ، إثبات حقها في المساواة، تعبر عن ذاتها ومشاعرها، وتحاول أخذ الشريك الفاعل في الحب”.

بوح بعد طول حرمان..

تقول “شيماء نجم عبدالله” من العراق: “الغزل شيء جميل يشعر المقابل بالحب والاهتمام والإطراء، وكلما كتب الغزل بحق المرأة زادت حبا لذاتها فهي ملكة الجمال عند شخصها وعند من يتغزل بها، وكتبت الغزل في بداية مشواري في كتابة النصوص النثرية في نص أو نصين منها:

عشقتك حتى نسيت حالي

وارتديت الشوق بدل ثيابي

فارقني النوم في عقر داري

وأصبحت الروح مسلوبة القرار

وبالنسبة للجرأة في الغزل لا أحبذه كثيرا وأفضل أن يكون ممكن تقبله من قبل الجميع، حتى لا يكون جارح أو خادش لمشاعر القاريء، وبالتالي ممكن أن يدرس في الكتب المنهجية، فالجرأة ليست كل شيء قد يؤثر سلبا على ثقافة الجيل الجديد وقد يستخدمها بطريقة خاطئة للتغزل بمن يحب.

وبالتالي ممكن أن تثير الكثير من المشاكل بين أفراد المجتمع الرافض للجرأة في القصائد المتداولة في الشارع”.

وعن الغزل لدى الشاعرات في الزمن القديم تقول: “حقيقة لم اقرأ بشكل خاص إنما كنت أجد عدد قليل من الشاعرات من خلال البرامج التي تتحدث عن شعراء الزمن القديم ومنهم “صفية البغدادية” وهي شاعرة عراقية من العصر العباسي اشتهرت بأشعار الغزل بالرجال والمدح لنفسها.

وقتي اقضيه في قرأت القصص أكثر من الشعر، وإضافة إلى ذلك أغلب الشعر كان يروج لشعراء من الرجال أكثر من الشاعرات، فنجد عدد قليل جدا ممكن يذكرن في أحاديث الشارع أو حتى في الكتب”.

وعن غزل كتبته كاتبات نساء في الوقت الحاضرتقول: “في الوقت الحاضر ازداد عدد النساء الكاتبات بفضل الثقافة المنتشرة ووعي الناس لضرورة أن تنطلق المرأة نحو فضاء الكتابة لما لها من تأثير إيجابي يمكن المرأة من التخلص من الضغوطات النفسية والتعبير عن الذات، ومن خلال صفحات الفيس بوك وحرية النشر فيه وازدياد المجلات والجرائد الالكترونية فأصبح هناك الكثير ممن يكتبن في كل أصناف الكتابة.

وبالخصوص الشعر فهو الأفضل في نقل مشاعر الكاتبة من خلال الأبيات التي تسطرها تغزلا بحبيب راحل أو برفيق درب قد واعدها بحياة مختلفة.

رأيّ أنه شيء جميل أن تعبر المرأة عن مشاعرها المكبوتة لسنين خوفا من المجتمع من عدم تقبلها وهي تتغزل بحبيب لها، حُرمت أن تقول له ما أجملك، فمن خلال وسائل أو طرق الكتابة أصبحت تعبر وتتحدث حتى لو عن طريق ضمير هي أو هن”.

وعن الاختلاف بين الغزل في كتابات النساء عن الغزل الذي يكتبه الرجال تقول: “بالتأكيد هناك شيء من الاختلاف، فالنساء تصف أو تتغزل بالرجال من خلال شجاعتهم وصدق قولهم وثبات نواياهم معهن، فأغلب الروايات التي تتحدث بها الأنثى كانت تتكلم عن شجاعة بطل مغوار حمل السيف ليحميها من عدو غادر، بينما الرجال يتغزلون بالمرأة من خلال صفات جمالها ومدى سعة عينيها وقدها الممشوق والشامة التي تغزو أسفل شفتيها، وكثيرا ما يستخدمون التشبيه والاستعارة في غزلهم كما في قول الشاعر علي بن الجهم من العصر العباسي:

عيون المها بين الرصافة والجسر

جلبن الهوى من حيث تدري ولا أدري

أعدن لي الشوق القديم ولم أكن

سلوت ولكن زدن جمرا على جمر

وعن ماذا تريد أن تقول الكاتبة حين تكتب الغزل تقول: “هي تحاول أن تعبر عن ذاتها بالدرجة الأكبر والتي كابدت سنين طوال وهي تمنع من التعبير عنها، فجاء الوقت للانطلاق نحو الفضاء الواسع والتكلم بصوت عالي، للتمكن من عبور ضفة الحياة وفي نفس الوقت تكون الشريك الفاعل في علاقة الحب ولابأس من ذلك، لكي نعيش يجب أن نكون شركاء ولكي نكون شركاء يجب أن نكتب لبعضنا رسائل تعبر عن مكنونات دواخلنا ونترجمها بلغة جميلة سلسة تتمكن من قلوب محبينا، هذه الرسائل قد تكون قصيدة أو قصة أو رواية”.

غزل يتم توظيفه في النص..

وتقول الكاتبة التونسية “ليلى نصراوي”: “نعم أكتب الغزل إن كان هذا يخدم النص. وليس لي موقف محدد من الجرأة في الغزل فهذا مرتبط دائما بالنسبة لي بتوظيفه في النص. ولا للأسف لم اطلع على الغزل لدى الشاعرات في الزمن القديم”.

وتضيف: “اطلعت على نصوص لكاتبات كتبن الغزل، في الحقيقة بعض الكاتبات كن محتشمات جدا والبعض الآخر بالغن في الجرأة. و بالنسبة لي لا أقيم الاختلاف في الغزل بين كتابات النساء وكتابات الرجال بل بحسن توظيفه في النصوص المكتوبة”.

وتؤكد بخصوص لماذا تكتب الكاتبة الغزل: “سأجيب عن نفسي وليس عن بقية الكاتبات، فحين أكتب الغزل فأنا أنقل مشاعر الشخصية التي تدور حولها الأحداث وأحاول من خلال الكلمات أن أعبر عنها وعن كل ما تريد هي أن تبلغه للقارئ. في بعض نصوصي تكون الشخصية متحررة وترى أن قولها لعبارات الغزل لن ينقص من انسانيتها. وفي بعضها تعاني الشخصية من مخلفات عقد مجتمعية تجعلها لا تعرف كيف تعبر عن إعجابها مما يجعلها تكبت عبارات الغزل داخلها”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة