وكالات – كتابات :
اعتبر موقع (المونيتور) الأميركي أن علاقات “أنقرة”؛ مع كل من “بغداد” و”أربيل”، أصيبت بنيزك جراء المطاردة التركية الطويلة للمسلحين الكُرد على الأراضي العراقية، وأن العلاقات “التركية-العراقية” دخلت: “فصلا مسمومًا”.
وذكر التقرير الأميركي، بداية بالقصف التركي على مصيف “برخ”؛ في محافظة “دهوك”، الذي أوقع: 09 ضحايا وأكثر من: 20 جريحًا آخر، ما أثار سخط اللاعبين السياسيين من الكُرد والسُنة والشيعة ممن تعتبرهم “أنقرة” مقربين منها، في حين ذهب زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، إلى حد المطالبة بخفض مستوى العلاقات وإلغاء الاتفاقيات الأمنية المُبّرمة مع “تركيا”، وإيقاف الحركة الجوية والبرية بين البلدين.
تركيا تفقد أصدقاؤها داخل العراق..
وبعدما أشار التقرير إلى أن “تركيا” لاحقت حزب (العمال الكُردستاني)؛ المحظور منذ سنوات عديدة، على الأراضي العراقية، لفت إلى أن حملتها العسكرية تضخمت من خلال سلسلة عمليات: (المخلب)؛ منذ العام 2019، مذكرة بتنديد حكومة “مصطفى الكاظمي”؛ بالهجوم التركي الأخير، فيما ظهرت إدانة علنية من حكومة “إقليم كُردستان”؛ التي وصفها التقرير بأنها: “على علاقة جيدة مع أنقرة”.
وتابع التقرير أنه برغم التصريحات الأولى لرئيس الإقليم؛ “نيجيرفان بارزاني”، ورئيس الوزراء؛ “مسرور بارزاني”، التي شجبت الهجوم، لم تبلغ مستوى تحديد الفاعل، إلا أن البيان المشترك الذي صُدر في 23 تموز/يوليو، بعد اجتماع بين “الكاظمي” و”مسرور بارزاني”، أدان بشكلٍ صريح: “الاعتداءات التركية، وخاصة الهجوم الأخير”.
مرحلة جديدة في العلاقات “العراقية-التركية”..
كما ذكر التقرير بمواقف “مجلس الأمن القومي” العراقي والطلب من “وزارة الخارجية”؛ مطالبة “أنقرة”، بتقديم اعتذار وسحب القوات التركية من الأراضي العراقية واستدعاء السفير التركي لتقديم احتجاج له، واستدعاء القائم بالأعمال العراقي لدى “أنقرة” من أجل التشاور، وتعليق إجراءات تعيين السفير العراقي الجديد لدى “تركيا”، والتقدم بشكوى إلى “الأمم المتحدة”، أشار أيضًا إلى التظاهرات التي وقعت أمام السفارة التركية في “بغداد” ومراكز منح التأشيرات التركية في مدن عراقية أخرى، مضيفًا أن هجمات وقعت بالصواريخ والطائرات المُسّيرة ضد القوات التركية في قاعدتين في “نينوى” و”دهوك”.
وبالإضافة إلى ذلك، اعتبر التقرير أن الكتل الخرسانية التي جرى نصبها حول السفارة التركية، تُمثل مؤشرًا حيًا على أن هناك حقبة جديدة في العلاقات الثنائية بين “بغداد” و”أنقرة”.
وبرغم أن بروتوكول العام 1984؛ الذي أجاز للقوات التركية ملاحقة مسلحي حزب (العمال الكُردستاني)، انتهى في العام 1988؛ بعد فشل الطرفين في تجديده، إلا أن “أنقرة” استندت على المادة (51) من “ميثاق الأمم المتحدة” بشأن حق الدفاع عن النفس من أجل تبرير عملياتها عبر الحدود منذ العام 2017.
وتابع قائلاً إن التصريحات الصادرة من جانب “أنقرة”، لم تُساهم في تهدئة المخاوف العراقية بأن الأفعال التركية تصل إلى مستوى “الاحتلال”، مذكرًا مثلاً بما قاله المستشار الرئاسي التركي؛ “إيهان أوجان”، في 21 تموز/يوليو الحالي، بأنه: “في حال تم تجاهل المخاوف الأمنية لتركيا وجرى استفزازها، فإنها ستُقيم حزامًا أمنيًا جديدًا على طول الطريق من حلب إلى الموصل”.
تلميح تركي باتهام “إيران” و”أميركا”..
ولفت التقرير إلى أن المتحدثين المقربين من الحكومة التركية المحوا إلى أن هجوم 20 تموز/يوليو، ربما يكون بتخطيط من “إيران” في إطار محاولة لتخريب الخطة التركية لتنفيذ عملية توغل عسكري جديدة في الشمال السوري، أو من ربما تكون من تخطيط “الولايات المتحدة”؛ كرد على انضمام “تركيا” إلى دعوة مشتركة مع “إيران” و”روسيا” تُطالب “الولايات المتحدة” بالانسحاب من “سوريا”، وذلك خلال القمة الثلاثية التي عقدت في “طهران”؛ الأسبوع الماضي.
ولخص (المونيتور) مجموعة ملاحظات وتعليقات حصل عليها من مصادر كُردية في كل من “أربيل” و”السليمانية”، على الشكل التالي:
- كانت ردود الفعل الشعبية على الهجمات التركية السابقة، ضعيفة ويتم طمس الأدلة بشكل سريع، لكن هذه المرة اضطرت “بغداد” إلى التحرك سريعًا، ووصل المسؤولون موقع الضربة العسكرية خلال ساعات بهدف جمع الأدلة، كما جرى تصوير القصف بالكاميرا وتصدرت اللقطات شاشات التلفزيون.
- – منطقة “حفتانين” الحدودية كانت في السنوات الماضية مركزية في موقعها بالنسبة إلى تحركات حزب (العمال الكُردستاني)، وكانت قرية “برخ”؛ الواقعة على طريق إستراتيجي، أعتاد المسلحون عبوره نحو جبال “جودي” على الجانب التركي من الحدود، إلا أن الجيش التركي قام بإغلاق هذا الطريق منذ العام 2015، ولهذا فإن حزب (العمال الكُردستاني) أخلى هذه المنطقة بدرجة كبيرة، حيث لا يوجد أي معسكر لحزب (العمال)؛ في محيط “برخ” لمسافة 10 كيلومترات.
- تتواجد 16 قاعدة أو بؤرة عسكرية تركية أو نقطة تفتيش بالقرب من “برخ”، من بينها قاعدة عسكرية للأتراك ليست بعيدة سوى ثلاثة كيلومترات عن “برخ”، بينما تنشط المخابرات التركية في المنطقة الخاضعة أيضًا لمراقبة جوية متواصلة.
- كان هناك حديثًا بأن هجوم “برخ” تم استنادًا على معلومات استخبارية تُفيد بتواجد قيادي كبير في حزب (العمل الكُردستاني) في المنطقة، ما يعني أن العملية كانت فاشلة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن حزب (العمال) لن يستخدم “برخ”؛ كطريق عبور، في ظل المراقبة التركية المكثفة في المنطقة.
- هناك إعتقاد كُردي شائع بأن الجيش التركي يستهدف إخلاء المنطقة من سكانها، وهناك: 11 قرية سريانية حول “برخ”، هجرها أهلها، إلا أن سكان “برخ” الذين يُكنون مشاعر: “أكثر ودية” تجاه حزب (العمال الكُردستاني)، رفضوا مغادرة قريتهم.
- وفي مؤشر على عدم مبالاة “تركيا” بردود الفعل، فإن المنطقة المجاورة لـ”برخ” استهدفت بالقصف أكثر من: 20 مرة في اليوم التالي لمقتل السياح في المنتجع، بما في ذلك من خلال قصف بالطائرات على منطقة جبيلة أخرى في “دهوك”.
أضرار طالت “كُردستان العراق”..
ونقل التقرير عن (فرق صنع السلام المجتمعية)، وهي جماعة حقوقية مقرها “الولايات المتحدة” و”إقليم كُردستان”، قولها أن كل القرى المحيطة بـ”برخ” هجرها أهلها بسبب العمليات التركية، وظلت “برخ” وحدها مأهولة.
واستنادًا إلى الجماعة الحقوقية نفسها، فإن العمليات العسكرية التركية في “إقليم كُردستان العراق” تسببت؛ منذ آب/أغسطس العام 2015، عن مقتل: 138 مدنيًا، بالإضافة إلى الحاق أضرار اقتصادية وتخريب الأراضي الزراعية بسبب الحرائق.
كما أن أكثر من: 600 قرية أخليت من سكانها على مر السنوات، في حين أصبح العديد من الكُرد يتشاركون المخاوف من أن يستهدف توسيع العمليات التركية، تقويض الحكم الذاتي القائم في “إقليم كُردستان” في نهاية المطاف.
وختم التقرير بالتحذير من أن سعي زعماء السُنة مثل: “خميس خنجر” و”أثيل النجيفي”؛ للدفاع عن “تركيا” بعد هجوم “برخ”، تُشكل جهودًا من شأنها أن تؤدي فقط إلى إشعال توترات على امتداد خط الصدع “السُني-الشيعي”.
وخلص التقرير الأميركي إلى القول أن عدم الاستقرار السياسي في “العراق” وضعف “بغداد” والعلاقات الاقتصادية الثنائية، أدت دائمًا إلى إخماد ردود الفعل العراقية على الإجراءات التركية، لكنه أضاف أن مخاوف المسؤولين العراقيين بدأت تتكرر بأن ما تفعله “تركيا” أدى إلى تصدير مشكلة حزب (العمال الكُردستاني) إلى “العراق”، وهي مشكلة تستخدمها “أنقرة” بهدف توسيع وجودها العسكري في البلد.
واعتبر التقرير أن تُشدد لهجة الدبلوماسية العراقية يُنذر بظهور فصل جديد مسموم في العلاقات الثنائية، وأصبحت “تركيا” تتحول إلى قضية رئيسة في السياسة العراقية.