مازالت الصورة النمطية لحاملي صفة المحاصصة جيدة ليس بسبب ميلهم الى الفردية والأنانية كحاملي فصيلة الدم B فحسب , وهنا نضطر ان نرمز لها بفصيلة M وتعني المحاصصة لكي لايختلط الأمر على اصحاب فصيلة الدم B فيزعجهم ذلك , بل لأن قلبها كلما يقترب من الموت يتم إنعاشها إما بحبوب النتروغلسرين وإما بصعقة من أجهزة الفتن , كما يفعل جهاز صعق القلب الكهربائي , لكي يصرفوا نظر المنتقدين لها لتستمر بالحياة ,
أما من لايحملون هذه الصفة فهم إما غامضون وإما يرون أن التنديد بالمحاصصة لا يسرّ شركائهم , فأدركوا من المستحسن هو ان يحافظوا على غموضهم بالتراضي الذي يقود الى التغاضي , بينما الشعب اعاب على المحاصصة بصراحة , وهل هناك من يستطيع ان يتراضى معه مثلما فعل الغامضون ؟
الجواب : بلى , حين يعرف الجميع ان العملية السياسية ليست لعبة للتسلية فيهتم بعض اصحابها بالأمور التي تأخذ بنظر الأعتبار الأساليب الماكرة التي توفر لقادتها المنابع المالية الوسخة لكي يغسلونها بالخارج , بل يتعين ان يدركوا أنها قبل كل شيء بنية دستورية لقيم وثقافات متعددة تجتمع في سلطة تنفيذية واحدة , ودفة لقيادة البلد في بحر الشرق الأوسط الهائج بسبب مخططات امريكا والصهيونية العالمية .
هذه القيادة يجب ان يقودها رئيس للوزراء وليس حاملآ لمشعل حرائق يشبّها لهؤلاء هنا ويطفأها لهؤلاء هناك , وتكون هنا بخبرة الدليل البحري النزيه والمتميّز والحاصل على شهادة الأكاديمية البحرية العراقية من دون ان يتصدر مقعده الأمامي الذي صنع له , شبحه الفاشل الذي لايجيد فن الملاحة حتى في احواز الفاو ,
أو يتصدر مقعده دليلآ آخر بالنيابة يأخذ زمام الدفة ومعه لصوص وخونة وعملاء ويقود البلاد بأهواء جماعة M فتمضغ اسنان اولاد الحرام حلاله ويستحلّون حرامه , ويمضي الشعب في حقبة اخرى كالحقب السالفة ليبصق ثانية على نظارته ليتأكد مما لم يصدق انهم فعلوها ثانية .
هكذا يتراضى الشعب مع من يمسك دفة العملية السياسية ويكون محصول الشعب منه ان يرى المصانع المعطلة تعود الى مجدها وان الزراعة تبوأت مقعدها في دعم الأمن الغذائي , وان وزارة النفط غير مستباحة من قبل اللصوص , وأن وزارة الري أصبحت بمثابة البنك المركزي المائي للعراق , وأن خطط تسليح الجيش العراقي قائمة على قدم وساق , ويرى ان وقوف امريكا ضد ذلك هي كذبة من لايريد للعراق العزة والكرامة وهم معروفون كمعرفة من اسقط القنبلة الذرية على اليابان ,
ويرى أيضآ ان الرد بما يتناسب على خطط اردوغان دكتاتور تركيا الجديد , هو امر مستحسن اكثر من بكائهم على اختيار رئيس للوزراء بسبب كونهم الى الآن تحت سن البلوغ لمقاومة ذلك التهديد الذي يزوّره اردوغان بالآمال والتصريحات الكاذبة , ولو اغفلت جماعة M ذلك فإن هذه الخطط ستطيح بالعراق بالوحل العثماني الذي يسعى اليه ,
والمستحسن أيضآ ان يقفوا ندآ له بكشف مخططاته على العلن ليذهب بفمه وريحه الى النفاية , وكشف عملائه وعملاء غيره الذين يشربون الخمور والمخدرات ويقتلون من يطالب بالعلاج لهذا البلد المفجوع , ويحملون له مصابيح البحث في ليل العراق القاتم عن نقاط ضعف أخرى يصنعونها فيه ليتدفق منها اعدائه كما فعل عندما تحين ساعة الصفر الثانية .
والمستحسن ان يبعدوا حبوب النتروجلسرين أو جهاز صعق القلب لتموت المحاصصة مثلما ماتت الطائفية , ويبكون على افعال لم يدركونها وهي تخدم العراق ومنها الكشف عن المنابع الإقتصادية الخافية عن الحكومة وعن صانعيها من العملاء والخونة امام الشعب وإخراجهم من العملية السياسية , فلا يوجد عميل نصف بريء ولايوجد نزيه يرفع يديه للعراق ورجليه في طريق الذهاب الى اعدائه .
ولينظر المتغاضون الذين سكتوا عن التنديد بالمحاصصة ومعهم التشرينيون الذين حصلوا علي جنسية المحاصصة ولم يبق منهم إلا الذباب الذي كانوا يطردونه من على افواههم في ساحات الإحتجاج , ومن اسمائهم لم تبق سوى قوائمآ بالعراء تعتذر للناس من اشعة الشمس التي مسحتها , انهم جميعآ في قارب واحد اسمه العراق , و ” ويل لكل همزة لمزة , الذي جمع مالآ وعدده , يحسب ان ماله اخلده ” . صدق الله العظيم .