الواقع التربوي :
يمكن للحكومة الحالية، عموما، ولوزير التربية، خصوصا، ان ينظرا بعين الرضا، للإدارة التربوية، باعتبارها فعاليات إدارية، تمشي في الأحوال كافة، ما دام الطلبة في المدارس، يدخلون ويخرجون. وهذا شعور طبيعي، عند من لا يتصور تراكمات العملية التربوية على مستقبل البلاد، وآثارها المصيرية ..
وأساتذة الجامعات، يستشعرون انحدار المستوى العلمي للطلبة الوافدين لكلياتنا، وهو انحدار رهيب، يجسد أداء وزارة بلا وزير خبير، وحكومة بلا رئيس قدير.. والحديث يدور هنا حول الآليات الممكنة لتلافي الخطر، واستنقاذ ما يمكن إنقاذه..
وهنالك عدد من الملاحظات، يمكن ذكر بعضها، وهي:
……….التمايز الطبقي:
إن عقود من الديكتاتورية والحروب ثم الاحتلال والفساد، صار الوضع العراقي مأساويا عموما وخاصة في القطاع التربوي والتعليمي، ودلالة ذلك المستوى المتدني لخريجي التعليم الأساس، فان نسبة معتد بها من الخريجين لا يجيد القراءة والكتابة عموما وخاصة في المناطق الفقيرة، إضافة الى وجود نسب عالية من التسرب الطلابي خارج الدرس ثم خارج المدرسة، ويطرح مشروع التغذية المدرسية على انه احد المعالجات المقترحة لتحسين ظروف الدراسة وإيقاف هذا التردي.
لقد ميزت الحكومات السابقة والحالية، مناطق أزلامها بعدد من المدارس النموذجية، وتكثفت هذه التفرقة على حساب المناطق الشعبية، بسبب الفارق المعيشي، اضافة الى توجه ابناء المناطق الميسورة الى المدارس الاهلية، الجيدة نسبيا، وحرمان ابناء العوائل ذات الدخل المحدود من هذه الميزة، ويبقى الجانب الاعم من الحالة التربوية والتعليمية في مناطقنا الفقيرة، الغالبة نسبيا، يعاني من قلة الاهتمام الحكومي (الواقعي) ويعاني ابناء المناطق الشعبية من الحرمان في مجالات عدة، واهمها فقدان الحصة العملية والفنية، المنمية للعقل العملي.
وللتوضيح: العقل العلمي يختص بالمعلومات والنظريات ويكون حاكما عن (ماذا تعلم).. اما العقل العملي فهو يختص بالاداء والانتاج، ويكون هذا العقل حاكما عن (ماذا تعمل).. وينمى العقل العملي للطالب بايجاد حصص وفعاليات في الورش والمراسم، فضلا عن النشاطات الكشفية.
وهذه التنمية العملية، مفقودة في اداء وزارة التربية، مما يخل بالمقدمات الاساس في التعليم الاولي (الجامعي) وخاصة في الكليات الهندسة والتقنية..اي ان الوزارة لم تؤهل الطالب للتعليم الجامعي..
…..اطروحة المعالجة:
ان اصلاح التعليم الاساس هو الخطوة الاولى في الاتجاه الصحيح، ومن اهم متطلبات الاصلاح:
اولا: الخروج من الاساليب التقليدية الحالية، والعمل بشتى الطرق لرفع المستوى التعليمي، وايجاد ثمرة حقيقية من التعليم ملموسة من قبل الاسرة والطالب، بعد انهاء مرحلة دراسية ما.
وعلى سبيل المثال، ان الحصول على شهادة التعليم الاساس (الابتدائية) يقترن مواصفات ومستوى محدد، وله احتياج محدد في التوظيف والعمل، فضلا عن الحصول على شهادة الثانوية.. بينما نجد ان نسبة معتد بها من خريجي التعليم الاساس والثانوي لا يجيدون القراءة والكتابة في الوقت الحاضر.
ثانيا: ايجاد مساحة معتد بها، من التعليم العملي والفني في المدارس والثانويات، لاخراج الاجيال الحالية من الامية العملية، ويمكن وزارة التربية، حاليا، تنتج العوق العملي، فضلا عن ما يضاف لاحقا من العوق العملي في التعليم العالي، الذي لا يقل تدهورا، ويمكن التفصيل فيه، لاحقا.
وباختصار، يمكن ان تبدأ وزارة التربية بإيجاد ورشة نجارة، فضلا عن تفعيل مراسمها، ودرس (الفنية) مع اضافة مادة (الرسم الفني) او (الرسم الهندسي) .. واستثمار الامكانيات المتوفرة حاليا في بناء الجانب العملي لشخصة الطالب، وهذا يمكن تفصيله لاحقا..
علما ان العراق شهد في 1975 ايجاد ورش للتعليم العملي في عدد من الثانويات، وتضمنت ورش السيراميك والنجارة والحدادة وورشة التاسيسات الكهربائية فضلا عن مراسم للرسم الصناعي..
واليوم ..الحاجة ماسة لايجاد هذا النوع من التعزيزات والرفد للتعليم الاساسي.. ثم التعليم الاولي..