17 يوليو، 2025 12:04 ص

“جهان صنعت” الإيرانية : هل نضع الشعب ضد الشعب ؟

“جهان صنعت” الإيرانية : هل نضع الشعب ضد الشعب ؟

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

المشاكل والصعوبات ليست قليلة، لكن الحجاب وسعي البعض إلى نشر الانقسام في المجتمع يحوز الأهمية ويستدعي التفكير والتدخل السريع.

ونظرة على الأخبار خلال الأسابيع الأخيرة توحي بأن الموضوع بصدد التحول إلى تحدي كبير ويُثير الصراعات والتوترات المصحوبة بالتداعيات الاجتماعية والسياسية بل والأمنية. فقد اندلعت المشاجرات داخل حافلة ذات يوم، وفي اليوم التالي كان راكب دراجة نارية يُلاحق سيدة تقود سيارة وغيرها.

وكل هذه الحالات وغيرها تستدعي الدراسة بشكل منفصل، لكن الأفضل إلقاء نظرة عامة على التداعيات والمخاطر المتزايدة. ويبدو أن البعض؛ شئنا أم لا، يتذرع بـ”الحجاب” والأمر بالمعروف بهدف وضع الشعب في مواجهة الشعب؛ بحسب “آرزو فرشيد”، في مقالها الذي نشرته صحيفة (جهان صنعت) الإيرانية.

وفي ظل عدم وجود معيار محدد للتشخيص الدقيق لـ”الحجاب”؛ مع إنعدام حدود اختلاف الطبائع، فقد رأينا كيف تخلى البعض عن مبدأ الأمر بالمعروف ودخل في صراع. ومما لا شك فيه أن دخان هكذا وضع سوف يؤذي عيون الجميع. وحتى لو لا يعلم الشعب ولا المسؤولون فإن إدارة مجتمع ثنائي أو متعدد القطبية سوف يثير المشاكل.

انتقاد صناعة القطبية الثنائية..

قبل أيام انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو شجار سيدتين في حافلة؛ وأثار ضجة كبيرة. إحداهما من قوافل الأمر بالمعروف، وتقول بنبرة تهديد سوف أرسل بكِ إلى: “مسيح على نـﮊاد”؛ (وهي معلِّقة وصحافية وناشطة حقوقيّة “أميركية-إيرانية”؛ عملت كمقدمة ومنتجة في إذاعة “صوت أميركا”؛ شبكة الأخبار الفارسية، وإذاعة “فردا” الأميركية، وهي إحدى المساهمات في تلفزيون “مانوتو”؛ المقربة من الأسرة الملكية في “إيران” سابقًا، فضلًا عن كونها محررة مساهمة في موقع “إيران آير”)، سوف أرسلك إلى (الحرس الثوري).

وللقدر فقد قُبض على هذه السيدة. هذا الحادث أثار الكثير من ردود الأفعال، على سبيل المثال؛ غرّد “محمد علي أبطحي”؛ نائب رئيس حكومة الإصلاح: “دفاع المسؤولين الرسمي عن المواجهات بين المواطنين باسم الدين في صراع بين فتاتين بسبب الحجاب كارثة. واصطناع قطبية ثنائية باسم؛ (الحجاب – عدم الحجاب)، سوف تُفضي إلى انشقاق اجتماعي خطير”.

بدوره؛ انتقد “جليل محبي”، أمين عام هيئة الأمر بالمعروف سابقًا، هذا التوجه وغرّد: “تصرفات البعض تتعارض والأمر بالمعروف، والإمام (علي) عليه السلام، قال: أدع إلى الإسلام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.

وكتب “حميد رضا زائري”؛ على حسابه بموقع (إنستغرام): “المسؤولين عن المجتمع كالأب والأم، يقربان بين قلوب جميع الأبناء رغم الاختلافات، لا يحركون الأخت ضد الأخ أو العكس… نحن اليوم أمام وضع يُثير للأسف التوتر والحساسية العصبية بين الناس في الفضاء الاجتماعي، ولك أن تتخيل ماذا سيجلب لنا هذا الأمر !! وبدلًا من نشر الأخوة والمحبة بين أشقاء وشقيقات هذا الأسرة بحيث إذا تألم عضو تداعى له سائر الأعضاء بالشهر والحمى، يدفع الكبار للأسف إلى الاشتباك بين أبناء وبنات الناس في الشارع؛ بحيث لم يعد الجار يشعر بالأمن والهدوء بلقاء جاره”.

المعايير غير واضحة..

بغض النظر عن تداعيات الثنائية القطبية المجتمعية، والإهانات والشتائم والصعوبات، علينا البحث في أسباب هذا الوضع الذي يبدو أنه نابعًا عن غموض قانوني وانعدام المعيار الواضحة وكذلك عدم تحديد مدى صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف.

يقول الحقوقي “نعمت أحمدي”؛ في حوار إلى صحيفة (جهان صنعت) الإصلاحية: “تنص المادة الثامنة من الدستور؛ والمتعلقة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الأمر بالمعروف مهمة الجميع، والمسؤولية متبادلة بين الدولة والشعب. وبالتالي فإن هذه المسألة من الناحية الدستورية واجبة، لكن ثمة إشكالية في طريقة التنفيذ. علينا أن نرى هل بالفعل المسؤولية متبادلة بين الحكومة والشعب، أو بين الشعب والشعب. فإذا كانت المسؤولية متبادلة بين الحكومة والشعب، فستكون المشكلة قابلة للحل لأن الحكومة تمتلك أدوات مختلفة كالشرطة والسجون وغيرها، والمسؤول الحكومي لديه توصيف وظيفي فيما يخص طريقة تنفيذ الأمر بالمعروف يحاسب لو خرج عليه. لكن تصير المشكلة حقيقة حين تندلع المواجهات بين أبناء الشعب؛ حيث تخرج الأمور عن السيطرة ويتخطى الموظف الحكومي حدوده في غير أوقات العمل الرسمية يجب المحاسبة بسبب التشهير والإهانة والخروج عن الصلاحيات أو ارتكاب جريمة. وتكون النتيجة هذا الفيديو الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي حيث يقع شجار بين سيدتين في حافلة وترفع إحداهما ذراعها وقد تعرضت للإصابة ولا نعلم من سبب هذه الإصابة. وفي الوقت نفسه تصرخ أخريات مطالبات بطرد مسؤولة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الحافلة، بينما لا يجوز أصلًا طرد أحد من حافلة نقل عام، حينها تظهر المشكلة وبذلك نضع الشعب في مواجهة الشعب. وهذه الرؤية تقسم المجتمع إلى قسمين الأولى تتملك ناصية الحق وتريد التحذير لكن المشكلة أنه لا توجد معايير واضحة للتفريق بين الحجاب والحجاب السيء”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة