26 يونيو، 2025 12:13 م

بعد هجوم “دهوك” والخطوات العراقية ضد تركيا .. هل ينتهي شهر العسل بين “بغداد” و”أنقرة” هذه المرة ؟

بعد هجوم “دهوك” والخطوات العراقية ضد تركيا .. هل ينتهي شهر العسل بين “بغداد” و”أنقرة” هذه المرة ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يبدو أن هجوم “دهوك” وضع “العراق” و”تركيا” أمام فصل جديد من العلاقات التي دخلت في طور التأزم الدبلوماسي والعسكري؛ رغم تكرار تلك الحوادث وانتهاك السيادة العراقية بشكل مستمر، فبعد الحادث الذي راح ضحيته: 08 مدنيين وإصابة: 23 آخرين في هجوم عنيف على منتجع سياحي بمحافظة “دهوك”، على إثره حملت “بغداد”؛ “أنقرة”، مسؤولية مقتلهم.

واتخذت “بغداد” مجموعة من الإجراءات ضد “أنقرة” منها استدعاء السفير التركي لدى “بغداد”، وتقديم شكوى عاجلة: بـ”الاعتداءات التركية” إلى “مجلس الأمن الدولي” و”الأمم المتحدة”، مطالبًا “أنقرة” بتقديم اعتذار رسمي، في وقت أصدرت “الخارجية التركية” بيانًا بشأن الحادث واعتبرته: “هجومًا إرهابيًا”.

وأصدر المجلس الوزاري للأمن الوطني في “العراق”، ثمانية قرارات عقب اجتماعه مساء الأربعاء، بحضور رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة؛ “مصطفى الكاظمي”، ردًا على ما وصفه: بـ”القصف التركي في دهوك”.

ودان المجلس: “بأشد العبارات الاعتداء التركي الغاشم الذي استهدف المواطنين الأبرياء في أحد المنتجعات السياحية بمحافظة دهوك، وتسبب بسقوط عدد من الشهداء والجرحى، وبما يؤكد تجاهل الجانب التركي للمطالبات العراقية المستمرة بوقف الانتهاكات ضد سيادة العراق وأمن مواطنيه، واحترام مبدأ حسن الجوار”، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية.

ووجّه المجلس “وزارة الخارجية” بإعداد ملف متكامل بالاعتداءات التركية المتكررة على السيادة العراقية وأمن العراقيين، وتقديم شكوى عاجلة بهذا الشأن إلى “مجلس الأمن الدولي” و”الأمم المتحدة”.

كما أعلن أن “وزارة الخارجية” ستقوم باستدعاء السفير التركي لدى “العراق” وإبلاغه الإدانة، واستقدام القائم بالأعمال العراقي من “أنقرة”؛ بغرض التشاور، وإيقاف إجراءات إرسال سفير جديد إلى “تركيا”.

إجراءات حاسمة لمنع الانتهاكات..

ووجه المجلس؛ قيادة العمليات المشتركة، بتقديم تقرير بشأن الحالة على الحدود “العراقية-التركية”، واتخاذ كل الخطوات اللازمة للدفاع عن النفس، والتنسيق مع حكومة “إقليم كُردستان” بشأن أخذ إجراءات حاسمة لمنع الانتهاكات.

اعتذار رسمي وسحب القوات العسكرية..

وطالب المجلس؛ “تركيا”، بتقديم اعتذار رسمي، وسحب قواتها العسكرية من جميع الأراضي العراقية، مجددًا رفضه أن تكون أرض “العراق” منطلقًا للاعتداء على أي دولة، وأن تكون ساحة لتصفية الحسابات، ورفضه بشدة تواجد أي تنظيم إرهابي أو جماعة مسلحة على أراضيه.

اتهام تركي لحزب “العمال الكُردستاني”..

من جانبها؛ قالت “وزارة الخارجية” التركية إن القصف الذي تعرضت له قرية سياحية قريبة من حدودها في شمال “العراق”، كان “هجومًا إرهابيًا” ودعت السلطات العراقية إلى تجنب الإدلاء بتصريحات متأثرة: بـ”دعاية منظمة إرهابية”؛ في إشارة إلى حزب (العمال الكُردستاني) الذي ينشط في المنطقة.

وقالت الوزارة، في بيان رسمي، إن “أنقرة”: “حزينة” لضحايا الهجوم، وإنها: “تولي أقصى درجات الحذر لتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين أو إلحاق أضرار بالمواقع التاريخية أو الثقافية”، وهي: “مستعدة لاتخاذ أي خطوات ضرورية لكشف الحقيقة وراء الهجوم”.

وتقع ناحية “دركار” على بُعد نحو: 08 كيلومترات، عن الحدود التركية، وتعرضت خلال الأعوام الماضية، إلى قصف بالمدفعية التركية، بداعي ملاحقة أعضاء حزب (العمال الكُردستاني)، على الرغم من نفي جهات رسمية، وشعبية، أي وجود لأعضاء الحزب، أو تهديد تلك المنطقة لـ”أنقرة”.

“العمال الكُردستاني” ينفي..

ونفى حزب (العمال) أي وجود له في تلك المنطقة.

وقال في بيان إنه: “لا وجود لقواتنا في المنطقة التي وقعت فيها المجزرة، والتلال المحيطة تحتلها الدولة التركية وتُهيمن على المنطقة، وهناك أيضًا قوات حدودية عراقية وقوات مختلفة من حكومة إقليم كُردستان في المنطقة؛ ولسنا موجودین فیها البتة”.

وأضاف أنه: “لا ينبغي لأحد أن يُحاول إخفاء هذه المجزرة المتعمدة للدولة التركية، لأن هذه ليست المذبحة الأولى لها، حيث استهدفت، في 11 آب/أغسطس 2020، إثنين من كبار المسؤولين العسكريين العراقيين”.

جلسة برلمانية لمناقشة الاعتداءات التركية..

وفي إطار ردود الفعل المحلية، دعت رئاسة “البرلمان العراقي”؛ أمس الخميس، إلى عقد جلسة للبرلمان يوم السبت المقبل؛ لبحث تداعيات الاعتداءات التركية على الأراضي العراقية. وذكر بيان لرئاسة البرلمان أن رئاسة البرلمان حددت جلسة يوم السبت المقبل، لمناقشة الاعتداءات التركية على الأراضي العراقية بحضور وزيرا “الدفاع” و”الخارجية” و”رئيس أركان الجيش”.

رد الجيش على محاولات المساس بسلامة أراضي “العراق”..

من جهته؛ دعا رئيس الوزراء العراقي؛ “مصطفى الكاظمي”، والذي شارك في تشييع جثامين ضحايا هجوم “دهوك”، إلى إعادة تأهيل جميع إمكانيات الجيش العراقي بالتركيز على مفردات التدريب وتلبية احتياجات الوحدات للنهوض بالمؤسسة العسكرية.

وقال “الكاظمي”؛ خلال اجتماع ضم القيادات المتقدمة بـ”وزارة الدفاع”: “أننا موحدون وماضون في الدفاع عن بلدنا، وأن مهمة الجيش أن يكون رادعًا لأي محاولة للمساس بسلامة أرض العراق”، حسب بيان للحكومة العراقية.

مظاهرات لطرد السفير التركي..

وعلى المستوى الشعبي، تظاهر العشرات صباح أمس الخميس، أمام مركز لمنح تأشيرات دخول إلى “تركيا”، وسط إجراءات أمنية مشددة، مطالبين بطرد السفير التركي من “العراق”. وبثّت أغاني وطنية عبر مكبّرات صوت، فيما رفع بعض المتظاهرين لافتةً كُتب عليها: “أنا عراقي، أطلب طرد السفير التركي من العراق”.

تنديد دولي وعربي..

كما نددت دول عدة بالهجوم الدموي؛ أمس، وقالت “وزارة الخارجية” الألمانية في بيان، إن: “الهجمات على المدنيين غير مقبولة على الإطلاق، ويجب أن تكون حمايتهم أولوية مطلقة في جميع الظروف”. داعيةً إلى فتح تحقيق طاريء في الملابسات والمسؤوليات عن هذه العملية.

من جهتها؛ أعلنت “المملكة العربية السعودية”، أمس الخميس، عن إدانتها للهجوم. مؤكدة وقوفها التام إلى جانب حكومة “العراق” الشقيق، في مواجهة التحديات التي تُهدد أمنه وسيادته وسلامة أراضيه. كما أعربت “مصر”، عن إدانتها بأشد العبارات للهجوم. وشددت “الخارجية المصرية”، في بيان، على ضرورة احترام ثوابت ومقررات القانون الدولي ذات الصلة بحماية المدنيين.

وأدانت “الولايات المتحدة الأميركية”؛ أمس، الاعتداء التركي على “دهوك”. وقدمت سفيرة “الولايات المتحدة الأميركية” بالعراق؛ “ألينا رومانوسكي”، التعازي والمواساة بضحايا القصف، وقالت إن: “قتل المدنيين أمر غير مقبول”. وأكدت استمرار دعم “الولايات المتحدة الأميركية” القوي لسيادة وأمن وازدهار “العراق”.

وأعربت “الكويت” أيضًا، عن إدانتها واستنكارها للهجوم الذي استهدف محافظة “دهوك”. وذكرت “وزارة الخارجية”؛ في بيان لها، أن هذا الاعتداء يُمثل انتهاكًا صارخًا لسيادة “العراق” الشقيق وللقانون الدولي و”ميثاق الأمم المتحدة” والأعراف والمواثيق الدولية، مؤكدة على تضامن “الكويت” مع “العراق” الشقيق؛ وتأييده في كل ما يتخذه من إجراءات للحفاظ على أمنه واستقراره وسيادته.

كما دعت “الأمم المتحدة” إلى إجراء تحقيق شامل لتحديد الظروف المحيطة بالهجوم على “دهوك”، مؤكدة على وجوب احترام سيادة “جمهورية العراق” وسلامته الإقليمية في كل الأوقات.

تتعرض لهجمات تحذيرية بين الحين والآخر..

تعليقًا على ذلك الهجوم؛ قال الكاتب والمحلل السياسي الكُردي؛ “سامان نوح”، إن: “رواية صاحب الموقع السياحي المستهدف، أكدت أن المكان يشهد منذ أسابيع توافد آلاف السياح، وكان هادئًا تمامًا في لحظة الاستهداف، حيث كان يضم بين: 1000 – 1200 سائح، وجاء الاستهداف من نقطة عسكرية تركية قريبة تطل على المصيف”.

وأضاف “نوح”؛ في تصريح لموقع (إرم نيوز) أن: “تلك المنطقة مؤمنة بشكل كامل، وقريبة جدًا من الحدود التركية، وهناك نقطة تركية مقابل مصيف (برخ) مباشرة، فضلًا عن حواجز تفتيش لقوات (البيشمركة)، ما يعني أن المدينة خالية من عناصر (العمال الكُردستاني)، الذين خرجوا خلال السنتين الماضيتين، بسبب العمليات العسكرية المتواصلة”، لافتًا إلى أن: “المنطقة تتعرض إلى هجمات تحذيرية بين الحين والآخر، في محيطها، على رغم الاستقرار فيها، لكن دون استهداف المصيف”.

وتابع “نوح”، أن: “الكثير من سكان تلك المناطق تخلوا عن قراهم، التي شهدت الاستهدافات، فيما يُعاني آخرون من صعوبة زيارة حقولهم الزراعية، والمناحل الخاصة بهم، إذ لم يتمكنوا خلال هذا الفصل من جني المحاصيل الصيفية”.

تحمل المسؤولية وتعويض المتضررين..

الخبير في الشؤون العسكرية؛ “سرمد البياتي”، قال إن: “أسلوب الهجوم، والأسلحة المستخدمة فيه، يؤكد أنه تركي، والمتتبع للعمليات العسكرية التركية السابقة سيجد ذلك واضحًا”.

وأضاف “البياتي” أن: “حزب (العمال الكُردستاني)، لا يمتلك مدفعية ثقيلة، لاستخدامها في مثل هذا الهجوم، وكذلك لم يُسجل امتلاكه لطائرات مُسيّرة”.

وتُشير تحليلات إلى أن التمدد التركي في عمق “إقليم كُردستان” يصل في بعض المناطق الى أكثر من: 30 كلم، فيما إزدادت القواعد والمراكز الأمنية التركية إلى أكثر من: 40 مركزًا، وباتت تُحاصر عشرات القرى والعديد من البلدات.

ورأى الخبير الإستراتيجي؛ “فاضل أبورغيف”، أن: “على تركيا الاعتراف بتلك الجريمة، وعدم إنكارها، وتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية، وتعويض المتضررين، وأسر الضحايا، والتعهد أمام المجتمع الدولي بعدم تكرار تلك الجرائم”.

ضربات جوية معتادة على شمال “العراق”..

ودائمًا ما تُشن “تركيا” ضربات جوية بانتظام على شمال “العراق”، وأرسلت قوات (كوماندوز) لدعم هجماتها، في إطار حملة طويلة الأمد في “العراق” و”سوريا” لمواجهة مقاتلي حزب (العمال الكُردستاني) و(وحدات حماية الشعب) الكُردية السورية. وفي نيسان/إبريل الماضي؛ بدأت “تركيا” عملية جديدة في شمال “العراق” أطلقت عليها اسم: (عملية كلو-لوك)، وقالت إنها تستهدف مقاتلين من حزب (العمال الكُردستاني).

ورغم تأكيد “تركيا” أن عملياتها تستهدف مقاتلي حزب (العمال الكُردستاني) في شمال “العراق”، إلا أن ضرباتها توقع قتلى مدنيين بين حين وآخر.

وفي 17 تموز/يوليو، استهدفت طائرة تركية مُسّيرة، سيارة في غرب “الموصل”، أكبر مدن شمال “العراق”، ما أدى إلى مقتل السائق و04 أشخاص آخرين بينهم امرأة. وقالت حينها السلطات الأمنية في “إقليم كُردستان”، إن: “القتلى هم مقاتلون في حزب (العمال الكُردستاني)”.

وفي آيار/مايو الماضي، قُتل 06 أشخاص على الأقل؛ بينهم: 03 مدنيين في شمال “العراق” بضربات بمُسيّرة نسبت إلى “تركيا” واستهدفت حزب (العمال الكُردستاني)؛ بحسب مسؤولين محليين.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة