22 نوفمبر، 2024 2:23 م
Search
Close this search box.

كربلاء برؤية جديدة

الحلقة الرابعة
من الشخصيات الذين كتبوا التاريخ
وهب بن منبه:
عاش في كنف الدولة الأموية طيلة حياته حين دخل الإسلام وتوفي سنة 114 هجرية , وهب بن منبه من التابعين واسمه أبو عبد الله الصنعاني اليمني صاحب الأخبار والقصص، وكان

شديد الاعتناء بكتب الأولين وتاريخ الأمم. وصنف كتاباً في ذكر ملوك حمير، وقد ولي القضاء في عهد عمر بن عبد العزيز، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب السنة إلا ابن ماجه، توفي بصنعاء سنة 110هـ وقيل غير ذلك….

كان يهوديا واسلم زمن عثمان بن عفان .. وقد كتب عنه الصنعاني وغيره انه السبب في دخول الإسرائيليات في الفكر الإسلامي من خلال رواياته .. روى عنه الصنعاني في تفسيره كثيراً من أفكار التوراة والتلمود في التجسيم، منها في:1/216: عن وهب بن منبه .. . لما أكل آدم وحواء من الشجرة بدت لهما سوآتهما دخل آدم في جوف الشجرة فناداه ربه أين أنت يا آدم ؟قال: ها هنا يا رب . قال: ألا تخرج ؟.!! قال: أستحي منك يا رب ! فقال: ملعونة الأرض التي خلقت منها !…

ترجم له الذهبي في ميزان الاعتدال .. قال :وهب بن منبه أبو عبد الله اليماني ، صاحب القصص ، من أحبار علماء التابعين ، ولد في آخر خلافة عثمان ، حديثه عن أخيه همام في الصحيحين. وروى عن ابن عباس ، وعبد الله بن عمرو ، وروى عنه عمرو بن دينار وعوف الأعرابي وأقاربه . وكان ثقة صادقاً ، كثير النقل من كتب الإسرائيليات ….!!. قال العجلي: ثقة تابعي ، كان على قضاء صنعاء. انتهى. ..

العجيب في الرواية انه يقول عنه كثير النقل من كتب الإسرائيليات ..ولكنه يوثقه بقوله ” كان ثقة صادقا ” واعتمدت أفكاره في العقيدة الإسلامية التي كتبها بيده من الإسرائيليات !!!! وقد تسنّم الرجل ، منبر التحدّث عن الأنبياء والأُمم السالفة يوم كان نقل الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ممنوعاً وأخذ بمجامع القلوب فأخذ عنه من أخذ ، وكانت نتيجة ذلك التحدّث ، انتشار الإسرائيليات حول حياة الأنبياء في العواصم الإسلامية ، وقد دوّن ما ألقاه في مجلد واحد ، أسماه في كشف الظنون « قصص الأبرار وقصص الأخيار ». ( [1]) .. وهذا يجعلنا نشكك بجميع ما كتبه في تاريخه .. وهو من أسس فكرة الجبر في الإسلام تلك الفكرة التي روج لها حكام بني أمية , فادخلها ضمن كتاباته …وليته اكتفى بهذا المقدار ولم يلعب بعقيدة المسلمين ولم ينشر نظرية الجبر التي لو ثبتت إلى هذا اليوم لما بقيت للشرائع دعامة ، ويظهر من تاريخ حياته أنّه أحد المصادر لانتشار نظرية نفي الاختيار والمشيئة عن الإنسان .

روى حماد بن سلمة عن أبي سنان قال : « سمعنا وهب بن منبه قال : كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتاباً من كتب الأنبياء في كلّها : من جعل لنفسه شيئاً من المشيئة فقد كفر ، فتركت قولي» .( [2] ).

رغم تصديه للكتابة في باكورة التدوين ولكن لم يؤخذ ما كتبه في تاريخه بعين الاعتبار , لأنه ادخل الخرافات والإسرائيليات وغيرها في كتب المسلمين , لذا لم يعتبر معتمدا في الحديث والأحكام الشرعية , بل أخبار الإسلام لا تؤخذ منه لضعف معلوماته وتداخل القصص والأخبار بعضها ببعض عنده , رغم هذا لما كان الجهل بالتاريخ الإسلامي قائم على قدم وساق , وحين يكتب رجل كتابا عن السيرة وتاريخ الأنبياء , فان عددا من الناس سيتخذونه مصدرا من مصادر المعرفة الإسلامية , وكذلك حين يضع كاتبا مثل الذهبي عليه بصمته ” كان ثقة صادقا” ربما لأنه لم يأخذ رواياته وعلومه من أل بيت رسول الله {ص} …فأصبح ثقة …

المهم وهب بن منبه كان ضليعا بالإسرائيليات وتاريخ الأنبياء الذي وصلنا وفيه تشويه كثير وقد كتب عنه علوي بن شهاب الدين ( [3] ) رسالة في جميع مروياته , وما نقل عنه علماء الجرح والتعديل …وجميع مروياته في الكتب التسعة التي بلغت أربعين رواية مرفوعة وموقوفة … ثم حلل مروياته حيث قام بتخريج كل رواية من كتب الحديث , قام بدراسة أسانيدها { ما عدا التي في الصحيحين} باعتبار أن ما الصحيحين لا يجوز نقدها وإثارة الشك عليها .. وخصص جزءَ من دراسته عن الإسرائيليات ودخولها على عقائد المسلمين ومدى خطورتها ..

[1] – كشف الظنون ج 2 ص 223

[2] – ميزان الاعتدال ج4 ص 353

 

[3] – مرويات وهب بن منبه ودوره في الإسرائيليات

أحدث المقالات