إعلان يفتقد ثقة الجميع .. “ستراتفور” يرصد “مسرحية” البرهان الأخيرة في السودان !

إعلان يفتقد ثقة الجميع .. “ستراتفور” يرصد “مسرحية” البرهان الأخيرة في السودان !

وكالات – كتابات :

نشر موقع (ستراتفور) الأميركي، تقريرًا يستشرف تداعيات الخطوة التي اتخذها؛ “عبدالفتاح البرهان”، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، بإعلان انسحاب الجيش من مفاوضات تشكيل حكومة انتقالية جديدة، وما وراء الانسحاب، وردود الفعل المحتملة للجماعات والقوى المدنية المؤيدة للديمقراطية.

يُشير الموقع؛ المعني بالشؤون الأمنية والإستراتيجية، في بداية تقريره، إلى أن محاولة الجيش في “السودان” للنأي بنفسه عن المفاوضات، مع الحفاظ على قبضته على السلطات؛ قد تؤدي إلى تأجيج المزيد من الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، وإعاقة الجهود المبذولة للتوقيع على اتفاق لتقاسم السلطة مع الجماعات المدنية.

خطوة شكلية..

يُلفت التقرير إلى أن “البرهان” أعلن؛ في 04 تموز/يوليو الجاري، انسحاب الجيش من الحوار المدعوم من “الأمم المتحدة”، بهدف كسر الجمود السياسي في البلاد، داعيًا الجماعات المؤيدة للديمقراطية إلى بدء محادثاتها الخاصة لتشكيل حكومة انتقالية.

جاء هذا الإعلان غير المتوقع، بعد ثمانية شهور من الإطاحة بحكومة مدنية؛ برئاسة “عبدالله حمدوك”، في انقلاب تشرين أول/أكتوبر 2021، وأثارت الإطاحة خروج مئات الآلاف من السودانيين إلى الشوارع، مات فيها أكثر من مئة شخص حتى الآن؛ من جراء اشتباكات مع قوات الأمن.

وبهذه الخطوة، استجاب “البرهان” لدعوات المحتجين لتقليص هيمنة الجيش على العملية السياسية؛ ولكن، بعد أيام من إعلان نيته النأي بنفسه عن المشهد السياسي، أعلن المجلس العسكري احتفاظه بالسلطة على “البنك المركزي السوداني”، وبعض جوانب السياسة الخارجية، وجميع الأمور المتعلقة بسيادة الدولة مثل النزاعات الحدودية ومسائل التدخل الدولي والعلاقات مع “جنوب السودان”.

وبحسب التقرير؛ فهذا يجعل أهم وظائف النظام السياسي السوداني المُعّطل في يد الجيش فعليًّا، وفُسِّر إعلان 04 تموز/يوليو، على أنه خطوة من الجيش ليظهر بمظهر المتنازل عن السلطة، مع الاحتفاظ بالسيطرة على زمام الأمور من وراء الكواليس.

وأضاف التقرير أن “البرهان” لم يُحدد في إعلان 04 تموز/يوليو، جدولًا زمنيًّا لخروج الجيش من المشهد السياسي، أو كيف سيُمثَّل الجيش في المفاوضات المستقبلية مع الجماعات المدنية؛ لكنه قال إن الجيش يُخطط لتشكيل “مجلس أعلى جديد للقوات المسلحة” ليحل محل “مجلس السيادة” الحالي؛ (الهيئة العسكرية الانتقالية التي تحكم السودان منذ انقلاب تشرين أول/أكتوبر الماضي).

وحاولت “الأمم المتحدة”؛ بالتنسيق مع “الاتحاد الإفريقي”، و”الهيئة الحكومية للتنمية”؛ (إيقاد)، تسهيل المحادثات بين الجماعات المدنية والمجلس العسكري منذ استيلاء الجيش على السلطة العام الماضي، وفي أوائل تموز/يوليو، أعلنت “الأمم المتحدة” انسحابها من العملية، مما أضعف المشاركة الدولية.

تغيُّر إستراتيجي..

يُرجِّح التقرير أن يكون إعلان “البرهان” محاولة لإبعاد الجيش عن العملية السياسية الفاشلة، والأزمة الاقتصادية المتفاقمة في “السودان”، مشيرًا إلى أن المجلس العسكري حاول وضع نفسه بوصفه فاعلًا سياسيًّا شرعيًّا، يُشارك في المفاوضات حول تشكيل الحكومة السودانية المقبلة.

لكنه فعل ذلك أثناء قمعه المميت للمعارضة، مما دفع الجماعات المدنية الفاعلة إلى رفض إضفاء الشرعية على المجلس العسكري من خلال التفاوض معه، وهكذا يبدو أن القيادة العسكرية تُغير إستراتيجياتها للحفاظ على هدفها الأساس المتمثل في الحفاظ على السلطة، مع النأي بنفسها عن المفاوضات التي تبدو مهيئة للفشل، وفقًا للتقرير.

ونوَّه الموقع الأميركي إلى أن سردية الجيش القائلة بدعمه للحكم المدني من خلال الانسحاب من المفاوضات فشلت في إقناع الغالبية العظمى من السودانيين، ولكن تلك السردية تمنح المجلس العسكري بعض الغطاء السياسي بالإشارة إلى الصراعات الداخلية بين الجماعات المدنية، بوصفها حاجزًا أمام تحقيق السلام والاستقرار.

بالإضافة إلى ذلك، تُمكِّن السياسة الجديدة؛ المجلسَ العسكري، من إلقاء اللوم على حركة الاحتجاج في المعاناة الاقتصادية الكبيرة، وحذَّرت “الأمم المتحدة” مؤخرًا من أن: 40% من السودانيين سيُعانون من انعدام الأمن الغذائي؛ بحلول أيلول/سبتمبر، وسط نسب التضخم، وانخفاض قيمة العُملة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، ونقص “القمح”، والجفاف.

أزمة تتفاقم ومقاومة مستمرة..

يتوقع التقرير رفض الجماعات المؤيدة للديمقراطية التغييرات العَرَضيَّة في النظام السياسي السوداني، الأمر الذي يعني على الأرجح استمرار المظاهرات، والمأزق السياسي، وأطلقت جماعات المقاومة المدنية مثل “الجبهة الثورية السودانية”، و”قوى الحرية والتغيير”، و”تجمع المهنيين السودانيين”، حركة احتجاجية قوية ضد المجلس العسكري.

وطالبت الجماعات؛ الجيش، التراجع عن أي مشاركة في الحكم، مما زاد عنف حملة المجلس العسكري لقمع المسيرات؛ إذ قتلت قوات الأمن بالرصاص تسعة متظاهرين خلال أسبوع؛ في نهاية حزيران/يونيو، ليرتفع العدد الإجمالي للمتظاهرين الذين قُتِلوا منذ الانقلاب إلى: 113 شخص.

وبحسب ما يستدرك التقرير، فبالرغم من تزايد عدد القتلى، قالت “قوى الحرية والتغيير” وجماعات مدنية أخرى إنها ستواصل المظاهرات حتى تنحي الجيش، وغالبًا ستواجه الجماعات المدنية ضغطًا متزايدًا لعقد اتفاق ائتلاف سياسي بعد إعلان “البرهان”.

ورغم هذا الضغط؛ ستبقى مقاومة السيطرة العسكرية على المؤسسات الحكومية من خلال العصيان المدني جديرة بالثقة، وذلك بسبب شهور من مواجهة عنف الشرطة، والقمع السياسي، والمصاعب الاقتصادية الشديدة، ومع استمرار المجلس العسكري تمسكه بالسلطة، من المُرجح استمرار المأزق بين الجماعات المدنية والجيش.

ويختم التقرير بالإشارة إلى أن العديد من الجماعات الثورية والمدنية، قاطعت المفاوضات بشأن تشكيل حكومة انتقالية جديدة منذ انقلاب تشرين أول/أكتوبر، وفاقم الأزمة استقالة؛ “عبدالله حمدوك”، رئيس الوزراء، استجابةً للاحتجاجات في كانون ثان/يناير الماضي 2022، بعد عودته إلى منصبه باتفاق مع الجيش أواخر عام 2021.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة