“ويكيليكس المالكي” يدفع الوضع السياسي في العراق إلى مزيد من التعقيد .. فهل ينتفض أنصار “الصدر” ؟

“ويكيليكس المالكي” يدفع الوضع السياسي في العراق إلى مزيد من التعقيد .. فهل ينتفض أنصار “الصدر” ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مما يُنذر بقرب انفجار الشارع العراقي، لا زالت تداعيات التسجيل الصوتي المُسّرب لرئيس الوزراء الأسبق؛ “نوري المالكي”، متواصلة، والذي انتقد ووجه اتهامات خلالها لزعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، وهو ما جعل الأخير يُطالب في بيان عبر (تويتر)، أمس الإثنين، بإطفاء الفتنة من خلال استنكار القيادات المتحالفة مع “المالكي” وعشيرته، معتبرًا أنه لا حق لـ”المالكي” بقيادة “العراق” بأي شكل.

كما أكد في معرض رده؛ تعجبه من: “محاولة قتله من قِبل حزب (الدعوة) وكبيرهم المالكي”. وقال: “أنصح المالكي بالاعتكاف واعتزال العمل السياسي”، مشيرًا إلى أن: “وصوله للسلطة سيكون خرابًا ودمارًا للعراق وأهله”.

وطالب “الصدر”؛ في تغريدة على (تويتر): بـ”إطفاء الفتنة من خلال استنكار مشترك من قِبل قيادات الكتل المتحالفة معه من جهة، ومن قِبل كبار عشيرته من جهة أخرى”، في إشارة لـ”المالكي”.

واستدرك بالقول: “وأن لا يقتصر الاستنكار على اتهامي بالعمالة لإسرائيل أو لاتهامي بقتل العراقيين، بل الأهم من ذلك، هو تعديه على قوات الأمن العراقية واتهام (الحشد الشعبي) بالجبن وتحريضه على الفتنة والإقتتال (الشيعي-الشيعي)”.

ونصح زعيم (التيار الصدري)، “المالكي”: بـ”إعلان الاعتكاف واعتزال العمل السياسي واللجوء إلى الاستغفار، أو تسليم نفسه ومن يلوذ به من الفاسدين إلى الجهات القضائية، لعلها تكون بمثابة توبة له أمام الله وأمام الشعب العراقي”.

وأبدى “الصدر” استغرابه قائلاً: “لكن العجب كل العجب أن يأتي التهديد من (حزب الدعوة) المحسوب على آل الصدر ومن كبيرهم المالكي، ومن جهة شيعية تدعي طلبها لقوة المذهب”.

وختم تغريدته :”هذا وإنني أبرأ أمام الله وأمام الشعب من أي تعدٍ عليه ومن أي استعمال عنف ضده”.

وكانت التسريبات الصوتية المنسوبة إلى رئيس ائتلاف (دولة القانون)؛ “نوري المالكي”، قد أثارت ضجة واسعة في الأوساط السياسية والشعبية، وسط تحذيرات من ارتفاع منسوب الاستفزاز بين تلك الأطراف، وخشية أن تنسحب تلك الخلافات إلى صدام مباشر وتفجر الشارع العراقي.

ونشر الناشط والصحافي العراقي؛ “علي فاضل”، المُقيم في “الولايات المتحدة”، تسريبًا صوتيًا منسوبًا لـ”المالكي”، تناول فيه جملة قضايا، أبرزها علاقته بالصدريين، حيث اتهم “الصدر” بأنه: “قاتل”، كما اتهم رئيس الحزب (الديمقراطي الكُردستاني)؛ “مسعود بارزاني”، بأنه سعى إلى ضرب الشيعة، عبر احتضان النازحين من السُنة، وكذلك قياداتهم.

وتساءل “المالكي”: “كم قتل مقتدى الصدر من بغداد ؟، وخطف بسيارات البطة (تويوتا كراون)”. وقال “المالكي”: “أردت جعل (الحشد الشعبي) مشابهًا لـ (الحرس الثوري) الإيراني”.

“ويكيليكس المالكي”..

كذلك في مقطع جديد مما بات يُعرف في “العراق”: بـ”ويكيليكس المالكي”، وردت على لسان “المالكي” عبارات غاية في الخطورة، حيث قال: “إن المرحلة المقبلة مرحلة قتال، بالأمس قلت ذلك لرئيس الوزراء (مصطفى) الكاظمي، وقلت لا أعتمد عليك، أو على الجيش والشرطة، إنهم لن يفعلوا شيئًا، العراق مقبل على حرب طاحنة لا يخرج منها أحد، إلا إذا استطعنا إسقاط توجهات الصدر والحلبوسي ومسعود البارزاني”.

ويتضح أن الكلام المنسوب لـ”المالكي” يعود إلى نحو شهرين ماضيين، حيث ظهر تحالف “الصدر والبارزاني والحلبوسي”؛ في إطار ما سُمي وقتها: (تحالف إنقاذ وطن)، قبل أن يُعلن “الصدر” انسحاب كتلته النيابية؛ (73 مقعدًا)، من البرلمان قبل نحو شهر.

في التسجيل تحدث “المالكي” أيضًا عن أنه يقوم بتجهيز وتسليح من: 10 إلى 15 تجمعًا: “استعدادًا للمرحلة الحرجة”، على حد تعبيره.

وذكر أنه: “سيقوم بالهجوم على النجف لحماية المرجعية والناس في حال هاجمها الصدر”، وعبّر “المالكي” عن خيبة أمله بجماعات (الحشد الشعبي)، واستبعد إمكانية الاعتماد عليهم، ووصفهم: بـ”أمة الجبناء”. ورغم قيام “المالكي” ومكتبه الإعلامي بنفي صحة التسجيل الصوتي المنسوب إليه لمرتين متتاليتين، والتحذير: “من القدرة التقنية الحديثة؛ (Deep fake)، على تزييف الحقائق والأصوات”، إلا أن اتجاهات محلية عراقية غير قليلة لا تصدق نفي “المالكي”، وتؤكد: “أن الصوت والأفكار متطابقان تمامًا مع صوته وتوجهاته”.

أزمة سياسية منذ 09 أشهر..

يُشار إلى أن البلاد كانت غرقت منذ إنتهاء الانتخابات النيابية الماضية؛ في العاشر من تشرين أول/أكتوبر 2021، في أزمة سياسية عجزت معها الأطراف السياسية الأساسية عن الاتفاق على انتخاب رئيس وتشكيل الحكومة المقبلة، بعد أن أدعت كل كتلة أن لديها الغالبية في البرلمان الذي يضم: 329 نائبًا.

وبسبب هذا الخلاف السياسي وعدم قدرة أي طرف على حسم الأمور رغم تصدر الزعيم الشيعي القوي، أخفق البرلمان 03 مرات في انتخاب رئيس للجمهورية، متخطيًا المُهل التي ينص عليها الدستور.

ورغم استقالة النواب فإن الزعيم الشيعي بقي حاضرًا خلال الفترة الماضية؛ على الساحة السياسية في “العراق” عبر بياناته التي كان ينشرها عبر حسابه في (تويتر).

لا داعي للتظاهرات..

وفيما يتعلق بالتسريبات الأخيرة، اعتبر مقرب من زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، الإثنين، أنه لا داعي للمظاهرات بخصوص التسريبات التي ظهرت مؤخرًا.

وقال “صالح محمد العراقي”؛ في تغريدة على (تويتر): “‏شكرًا لكم.. لا داعي للمظاهرات بخصوص التسريبات.. أكرر: شكرًا لكم”.

الكلام منسجم مع سلوكه..

وتعليقًا على الجدل المتواصل منذ أيام في هذا الشأن، قال الباحث العراقي في جامعة “آريزونا” الأميركية؛ “سليم سوزة”، عبر مقال نشره في منصته الشخصية في (فيس بوك)، أنه: “بصرف النظر عن صحة التسريبات الصوتية الأخيرة للمالكي من عدمها، فإن الكلام المنسوب إليه منسجم مع سلوكه وعقليته ونظرته للسياسة. بالنسبة لي، لا أشك لحظة في أنها (التسريبات) تعود للمالكي حقًا. المعلومات، النبرة الصوتية، طريقة الحديث، أسلوب تناول الملفات السياسية والأمنية، كلها مالكية بإمتياز”.

فيما يقول الباحث السياسي؛ “يحيى الكبيسي”: “الحقيقة أنه لا جديد في خطاب المالكي؛ فهو يُردد هذا الكلام دائمًا أمام زائريه، لكنها المرة الأولى ربما التي يظهر إلى العلن، أما الآراء الرئيسة في هذا الخطاب فهي تتكرر منذ أن ظهر المالكي في المشهد السياسي العراقي 2003”.

نظرة ساخطة متبادلة..

وسبق وأن قال النائب السابق والمعارض الحالي؛ “فائق الشيخ علي”، عبر تغريدة في (تويتر): “دعكم من قصة ما إذا كان التسجيل مفبركًا أم غير مفبرك، واتركوا قصة الأجهزة وتطورها وجميع الأسئلة والاستفسارات، واسألوا أنفسكم فقط: طبقًا للوقائع والأحداث والتصريحات السابقة، هل هذه هي نظرة السيد المالكي إلى السيد مقتدى الصدر أم لا ؟.. ألا تقابلها نظرة أقسى وأسخط منها من السيد مقتدى إلى السيد المالكي ؟!”.

ولا تبدو التداعيات المحتملة لحديث “المالكي” واضحة حتي الآن، سواءً بالنسبة إلى الجهات التي وجه إليها سهام نقده الحاد مثل زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، أو بالنسبة إلى نتائج الدعاوى القضائية التي بُوشر في رفعها ضده، وذلك في ظل الحديث عن النفوذ الذي يتمتع به داخل الجهاز القضائي. كما تستمر التكهنات في شأن الجهة التي سربت التسجيل إلى وسائل الإعلام، من بينها اتجاهات في قوى (الإطار التنسيقي)؛ الذي ينتمي إليه “المالكي”، نتيجة صراع الأجنحة داخله.

وسبق وأن قال “مقتدى الصدر” لأتباعه بعد نشر التسجيل الصوتي الأول: “لا تكترثوا بالتسريبات؛ فنحن لا نُقيم له (المالكي) وزنًا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة