منذ عام ٢٠٠٣ و الى الان يعتبر العراق في مرحلة بناء، هذه المرحلة تتطلب سرعة في تقديم الخدمات و اهمها خدمات دوائر الدولة المتمثلة في “اصدار المعاملات بانواعها”، هذه المعاملات التي تعتبر كابوس لدى المواطن تختلف عملية اصدارها بين الصعبة جدا و المتاخرة و المتطورة و المتخلفة، فهي تعتمد على نوع الدائرة الرسمية و اسلوب المدير في تنفيذ المعاملات، لكن بالمحصلة يمكن القول “معاملات الدوائر الرسمية في العراق غير جيدة، ولا تواكب الزمن وحاجات المواطن”.
انذار ج
في المؤسسات العسكرية يستخدم مصطلح انذار “ج” للدلالة على الخطر والاستعداد التام واستمرار العمل لحين زوال الخطر، في دوائر الدولة العراقية “والتي لها دور في دفع عجلة تقدم البلاد” لم تدخل انذار ج لخدمة المواطن بل مازالت رغم تطور الزمن و زيادة حاجات المواطن لاتمام المعاملات، مازالت بطيئة لا تقدم انتاجية عالية ولا تمدد ساعات العمل لاتمام اكبر عدد من المعاملات بل تعمل كأن الاحوال مستقرة ولا ضغط عليها، ان المطلوب من دوائر الدولة الدخول بأنذار ج المتمثل في
اولا: جانب العمل
١ – زيادة ساعات العمل بتوقيت صباحي ٨ ساعات ومسائي ٨ ساعات “يبدا عند الساعة ٤ الى ١٢ ليلا” و ليلي “١٢ ليلا الى ٨ صباحا”.
٢- اضافة كوادر مؤقتة لدعم نظام العمل الثلاثي “صباحي مسائي ليلي” لكي تنفذ اكبر عدد من المعاملات وتختصر الوقت و الجهد على كوادر العمل الاخرى.
٣ – استخدام الكومبيوتر و الاتصالات لاتمام المعاملات و ترتيبها و تبادلها مع باقي دوائر الدولة
ثانيا: جانب الانتاجية
بحسب تقارير دولية ان خلاصة ساعات العمل في العراق هي بين ” ٣٠ دقيقة الى ساعات معدودة” من مدة ٨ ساعات عمل تتخللها فترات “الصلاة و الفطور و الغداء و الخروج المبكر قليلا و ايقاف استلام المعاملات قبل ساعات من انتهاء الدوام”
لذلك و في حالة انذار ج يجب على دوائر الدولة ان
١ – فرض عدد معاملات يجب اتمامه يوميا، على سبيل المثال “يوميا على كل قسم “اتمام ١٠٠ معاملة، استلام ١٠٠ معاملة وهكذا” ضمن اعداد تجبر الموظفين على العمل للوصول الى العدد المطلوب، خلاف ذلك توجه عقوبات الى الدوائر و الشعب المقصرة.
٢ – قياس مستوى الانتاجية بشكل عام وبشكل خاص بالتعاون مع المعاهد الدولية المختصة بهذه القياسات لمعرفة قدرة دوائر الدولة على تنفيذ الاعمال و ماهي المعاملات المنفذة، ولكي يوضع برنامج عمل جديد اذ كانت البرامج السابقة غير مجدية.
٣ – فرض اوقات محددة للتوقف عن العمل، من الكوارث في مؤسسات الدولة هي دخول وقت الفطور و الغداء على وقت العمل و البعض يستخدم وقت الصلاة للتسويف و تضييع الوقت على حساب المواطن و الحكومة، هنا توضع قوانين و توقيتات صارمة جدا وعقوبات غليضة تجاه هذه التسويف في العمل، فوقت الفطور ١٥ دقيقة “ويفضل الفطور في البيت وليس في دوائر الدولة، وقت الغداء ٢٠ دقيقة وعلى شكل مجموعات يكون عددها ٤ موظفين بحد اعلى، بعد اتمامهم الغذاء يعودون للعمل ليكمل الباقون ذلك، والهدف ان يستمر العمل دون توقف، اما اوقات الصلاة فعلى الموظفين الاختصار فيها لان “العمل عبادة” و ان يكون “وقت الصلاة بدون تعطيل اعمال المجتمع”.
٤ – توزيع جوائز و اكراميات مالية للدوائر و الشعب الكفوءة، وهذا الاجراء يحفز الموظفين على العمل اكثر، لكن تنفيذ فكرة الاكراميات المالية و الجوائز يجب ان يكون محسوب على عدد المعاملات المنفذة و دقتها، لكي لا تصبح محبطة بذهابها الى اقسام غير منتجة على حساب المنتجة.
ثالثا: استخدام التقنية الحديثة و الكومبيوترات في انجاز المعاملات، من اهم الخطوات في دوائر الدولة العراقية هي ان يتم اعتماد التقنيات و البرامج الحديثة و الكومبيوتر لكي تختصر الكثير من الوقت و الجهد للمواطن والموظف، خاصة في موضوع “صحة الصدور للكتب الرسمية، واعتقد ان العراق الدولة الوحيدة الذي تصدر دوائرة كتاب رسمي و تعود لتؤكد انها اصدرت هذا الكتاب!!” فبدلا من ذلك يمكن تدقيق رقم الكتاب في الكومبيوتر لمعرفة انه صدر، او تواصل الدوائر الرسمية فيما بينها باي وسيلة للتاكد من صدور الكتب الرسمية، هذا الامر يوفر الكثير من الوقت و الجهد على الموظفين و المواطنين، بالتالي استخدام التقنية و فتح دورات لكل ماهو حديث امر مهم جدا.
اهداف نهائية
جميع دوائر الدولة بلا استثناء مازالت تعمل بالنظام القديم وهو “ان يذهب المواطن الى الدائرة الرسمية لاتمام المعاملة”، اما مايتجه اليه العالم هو ان تم اي معاملة من خلال الانترنت فقط دون اي مراجعة ! وهذه هي الاهداف النهائية “ان نؤسس دوائر دولة عاملة عن بعد دون الحاجة لحظور المواطن اطلاقا”، حيث يمكن بهذا النظام ان يكمل اي مواطن معاملاته عن بعد ان كان في العراق بمحافظته او في محافظات اخرى او ان كان خارج العراق، بكل الحالات تتم المعاملات عن بعد.
هذا السيناريو ليس “حلم لايمكن تحقيقة او خيال بعيد” بل ممكن عن طريق
١ – تاسيس دوائر حكومية اضافية تعمل على نظام التواصل عن بعد باستخدام كاميرات الموبايل و برامج مشابه لبرامج التواصل لاتمام المعاملات.
٢ – اجور المعاملات تدفع عن طريق بطاقات الكترونية او تحويلات بنكية وهذا يسهم في “دعم نظام الدفع الالكتروني والتجارة الالكترونية ويؤسس لقاعدة تعاملات واسعه بها”.
٣ – ارسال المعاملات الصادرة بالبريد الى المواطنين مباشرة، وهي اسرع و اسهل على الطرفين.
٤ – ان تستمر كوادر الخفر لاتمام المعاملات الالكترونية عن بعد “وان كان جزء منها وليس كلها” بالتالي يوفر الكثير من الوقت و الجهد ويدفع عجلة التقدم في البلاد، “تخيلوا ان اصدار الجواز يتم عن طريق الحوار مع الموظف و اصداره خلال يومين و ان يرسل لك بالبريد الى الموصل و انت من سكان بغداد و من هناك تسافر به الى تركيا دون مراجعة دوائر دولة اطلاقا.
٥ – منظومة التذكير و الاصدار، الكثير منا ينسى تجديد بعض اوراقه او مستمسكاته، والبعض الاخر ينسى ان يصدر جواز، هنا يدخل نظام التذكير و الاصدار الذي يرسل رسائل نصية تذكر المواطن بقرب انتهاء ترخيص سيارته او هويته او اي معاملة اخرى وان يقوم النظام بعد ارسال اشعارات متعددة باصدار هوية جديدة “للاوراق التي لا تحتاج الى تجديد معلومات” وان يرسلها الى منزله و ان يستقطع مبلغ الاجور و الارسال بالبريد من حسابه البنكي او بطاقته للدفع الالكتروني، بوجود هذه الخدمة كيف ستكون نفسية المواطن العراقي !.
ان ادخال دوائر الدولة في حالة انذار لاتمام اكبر عدد من المعاملات و تاسيس لدوائر اخرى يتم اعتماداها لاحقا باصدار الاوراق الرسمية عن بعد تعتبر نقلة كبيرة في تاريخ دوائر الدولة العراقية “العاملة بافكار قديمة دوما” و بتحقيقها لن تكون هناك اهداف اعلى من ان تتم خدمة المواطن من منزله وايصال المعاملات لباب داره، هذه هي الاهداف التي يجب العمل عليها.