لاحظنا من خلال المتابعة أنّ وسائل الإعلام البريطانية < المرئية والمكتوبة والمسموعة > التي تحدّثت عن تنحّي بوريس جونسون – رئيس الوزراء البريطاني ” ومن قبل ومن بعد أن يعلن ذلك بالبثّ المباشر , فإنها استخدمت مفردة < استقالة – Resignation > وهكذا تبعتها وسائل اعلام الدول الأخرى الغربية وغير الغربية .
كان من الأحرى استخدام مفردة < إقالة – Dismissal > التي هي اكثر دقّة وتعبير من < استقالة > حيثُ أنّ جونسون جرى إرغامه ليستقيل ولم يكن له خيار آخر بعد استقالة العشرات من وزرائه , ولو لم يستقيلوا لما بادرَ جونسون في عرض استقالته ولربما تشبّثَ في موقعه , ويُشار بالصددِ هذا أنّ ” الإستقالة ” عموماً تكون بإرادة ومبادرة ذاتيّة وفقَ اسبابٍ ما تدفع لذلك , وليس بالإرغام . ولعلّ أدلّ مثالٍ على ذلك : < هو اعلان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن استقالته إثرَ هزيمة الجيش المصري في حرب عام 1967 , وهو ما دفع ملايين المصريين من معظم انحاء مصر بالخروج بتظاهراتٍ عارمة مطالبين عبد الناصر بالعودة عن استقالته , وهو ما اضطرّه لذلك > , وهنالك امثلة كثيرة عن الإستقالات الرئاسية الواقعية التي تختلف عن قضية بوريس جونسون , ومن ابرزها ايضاً استقالة الرئيس الفرنسي العريق شارل ديغول في عام 1969 إثرَ تظاهراتٍ طلابيةٍ ما كان لها ان تحدث بالضد من ديغول , لكنه لم يرتضيها لنفسه ولمكانته , وليست بعيدة عن الأذهان استقالة رئيس الوزراء البريطاني انتوني إيدن جرّاء ” حرب السويس ” او العدوان الأنكلو – فرنسي الأسرائيلي على مصر عام 1956 , والتي اضطرت باريس ولندن وتل ابيب الى الأنسحاب من الأراضي المصرية , بعد تهديداتٍ من موسكو وثبات قيادة عبد الناصر وتصديها للعدوان , ولا مجال هنا لإجراء احصائيةٍ بكافة الإستقالات الرئاسية التي حدثت في القرن العشرين على الأقل.
إنّ ايّ كلمة او مفردة في صياغة الخبر او التحرير الصحفي قد تغيّر من بعض معاني الخبر , لا سيّما من قِبل المتلقّي الذي قد لا يدقق في خلفية الخبر , وهذا ليس بجديد وهو من الف باء الصحافة واعرافها .
ومع ذلك فإنّها وجهة نظرٍ شخصيةٍ من الزاوية اللغوية .