الرجل الذي عُيّن ليخطب في عرفة باذن الله ضحى الحج الأكبر ليومنا هذا التاسع من ذي الحجة الحرام ، لم يعلن ردته ولكنه متهم بها لدلائل ابداها وحكم فيها العلماء فيما سبق ، منها اعتبار اليهود اخواننا وسعايته في التقريب معهم في الدين والدعوة للدين الواحد وهذا ثابت عليه مصور ومسجل ، اذ قال بعض العلماء “من اعتقد انهم اخواننا فقد خرج من الملة الا اذا كان جاهلا بمايقول”.*
فالأخوة في اصلها هي للمشارك لك في نسب احد الابوين او كليهما و استعملت لكل مشارك لغيره في القبيلة أو الصنعة أو الدين أو المعاملة أو المودة أو غيرها من المعاني. وأخوة الدين أقوى هذه الوشائج والصلات لذا جعلها الله تعالى محصورة في المؤمنين دون غيرهم فقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ، وقال الامام الشافعي رحمه الله في الأم 6/40: “جعل الأخوة بين المؤمنين وقطع ذلك بين المؤمنين والكافرين”. فلا تصح من بعد ذلك إلا لأهل الإيمان قال الله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.
و لشيخ الإسلام رحمه الله في شرح العمدة ص73 : “فعلق الأخوة في الدين على التوبة من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والمعلق بالشرط ينعدم عند عدمه فمن لم يفعل ذلك فليس بأخ في الدين ومن ليس بأخ في الدين فهو كافر”. وما جاء من إضافة الأخوة لغير المسلم كما في قوله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً}، وقوله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً}، وقوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً} وما شابه ذلك فهي إما أخوة نسب أو سبب، وقد وردت في مساق الخبر لا لإنشاء حكم بخلاف الأخوة الإيمانية فقد رتب الله تعالى ورسوله عليها أحكاماً وحقوقاً كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} وكما جاء فيما رواه البخاري(6591) ومسلم(2568) من طريق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولايسلمه ومن كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته” لذا لم يجوزوا إطلاق الأخوة في حق الكفار لأن الله تعالى قطع ذلك بين المؤمنين والكافرين. ولأن في هذا الإطلاق تلبيساً يفضي إلى اختلال الأحكام واختلاط الحقوق وإضعاف أخوة الإيمان. أما إذا قيد إطلاق الأخوة بالنسب أو السبب وظهر ذلك بما لا اشتباه فيه كما جاء في الآيات فإنه لا بأس بإطلاقها حينئذ لتبينها و تميزها عن أخوة الدين وما تستوجبه من حقوق وواجبات.
ومثل هذا في الحكم ما لو كان المقصود مجرد النداء كما يستعمله البعض، وعلى كل حال الواجب الاحتياط في مواطن الاشتباه. “أما إطلاق أخوة اليهود والنصارى وغيرهم استناداً إلى الأخوة الإنسانية فهذا مما لا يرتاب عالم بالشرع ومدرك لمآلات الأقوال أنه لا يجوز”، فإن الشرع الحنيف لم يقم لهذه الوشيجة والصلة اعتباراً خاصاً مع كونها قائمة وقت التشريع بل كان خطابه العام للمسلمين والكفار يقول: ياأيها الناس أو يا بني آدم. كما أنه مهما فتش الإنسان في دواوين الإسلام وكتبه على اختلاف الفنون وتنوعها من تفسير وحديث وفقه وغيره فلا أخاله يظفر بكلمة واحدة عن أحد من علماء الملة وأئمة الدين يستأنس بها في تجويز إطلاق الأخوة على الكفار استناداً إلى الأخوة الإنسانية. وإن مما يدل على تحريم إطلاق تسمية الكفار إخواناً للمسلمين أنه يفضي إلى التسوية بين من فرق الله بينهم في مثل قوله تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} وقوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} وما يؤكد تحريم إطلاق تسمية الكفار إخواناً للمسلمين أن دعاة الإفساد والشر جعلوا الدعوة إلى الأخوة الإنسانية وسيلة وسلماً إلى تهوين شأن الكفر، وقبول أهله ومودتهم وموالاتهم، كما أنهم اتخذوها أداة لترويج كثير من الأفكار المنحرفة والمشاريع المشبوهة ، “ومن القواعد المتفق عليها أن ما كان وسيلة إلى محرم فهو محرم”، فكيف والكل محرم ، انتهى*
وكل هذا -لمن يماحك- لايرتب رخصة اذى غير المسلم ف”قطع الأخوة بين المؤمنين والكافرين لا يترتب عليه إهدار حقوق المعصومين من اهل الكتاب او غيرهم ولا يسوغ انتهاكها، فحقوقهم محفوظة وحرماتهم مصونة ما دامت لهم عصمة الإسلام بالذمة أو العهد أو الأمان” فعودا للرجل خطيب عرفة اليوم غهو ليس مرتدا ظاهرا حيث يشهد المسلمين ويصلي بهم ومعهم، وهكذا كان المنافقون، الذين هم “في الدرك الاسفل من النار” بنص القرآن ،ولكني كتبت “مرتد” في رأس مقالي لاني اظن بردته المستترة كما اظن بردة اميره ومن ولاه و من يتولاه ، هذا حكم ظني شخصي لافقهي ولايترتب عليه حد وانا ساحاسب عليه امام الله الذي ارجو ان يغفر لي ان كنت مخطئا ولكني لست مفتريا في كل حال . فللامور دلائل .
لكن موضوع مقالي هذا ليس الحكم بردته من عدمها بل الحكم بأهليته لهذه الخطبة العظيمة من عدمها مع وجود الاعلم والاوثق والاصدق والابعد عن الشبهات! ولماذا وصلنا الى المرحلة التي نقبل فيها ان يتولانا اراذلنا ويقودنا سفهاؤنا ويوجهنا داعرونا ويسوسنا فاسدونا ويسوقنا فاسقونا.
أعلم ان هذا من اشراط الساعة ومقدماتها ان “تضيّع الامانة” ، وقد ضيعت في كل باب ولكن هذا اعظمها والعياذ بالله قال رسول الله عليه الصلاة والسلام “إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ، قالوا كيف إضاعتها يا رسول الله قال إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة”.
اليهود ومن حالفهم من الملل المحاربة للاسلام سرا وعلنا يريدون ان تصل الامور الى هذا الحد وقد مهدوا لذلك من عقود ونفذوا ذلك منذ اربع سنوات او يزيد بتعيين حكام مشكوك في دينهم وخلقهم وولائهم على المسلمين في مصر والعراق والجزيرة وبلاد الحرمين ، ثم بعد افعال بن زايد انطلقوا ومع ولاية بن سلمان بالوصول الى لب الامة الاسلامية وتحطيم ثوابتها شييا فشيئا مرة بالفعل ومرة بجس النبض والمسلمون نائمون او ينظرون دون اي فعل ، فتح المراقص وكسر محافظة البلاد وغلق هيئة المعروف وزيارات المؤسسات الصهي.ونية ومنح التاشيرات وكثير مما نعرف ونرى ، كل هذا بحساب و لما راوا اننا سكتنا بل وطبلنا لبن سلمان والسيسي وبن زايد وحكام العراق ولحبس خيرة العلماء وقتلهم او نفيهم في الارض ، استسهلوا الامر واستمرؤوه وطمعوا بصمتنا فتجراوا على الحج واعظم شعائر الله وسيختبروننا اليوم بالخطبة الأعظم ، فان سكتنا مرة اخرى ومضى الأمر فانتظروا العام المقبل ومابعده مالم نتخيله ولم يخطر لنا ببال من مصائب واخطار تنفذ على مرأى المسلمين في كل بقاع الارض ، بل ربما والله اعلم ننتظر عقابا او ننتظر الساعة.