قصة قصيرة
أحلام .. أنا فريسةٌ الأحلام ، صدفة كنتُ أسير وصدفة تأخذني قدمايَ إلى مصير الرماد ، لعلي أسرجُ للحرب حصاناً بدون لجام …
أهادنُ أحلامي فكلّ ساحاتها .. قتال ، وكلّ أنهاري .. دماء ، وعن صحوتي أميط اللثام أواكبُ عزلتها .. خلف التلال .. والصحارى .. والوديان ، أكونُ بلا جدوى مثلَ لحن يداهم صمّامات الغربة ، أشواكُ العبور تقضُّ المضاجع … وجواز سفري مثقوب ، يعبر بين جفنيه مسافر…
أيُّ عودة مجدية لأمسيات القناديل وأقدام مولعة بالرحيل ، ما جدوى الولع بحافات الصخور ، والثلج لم ينزل بعدُ من عروشه على آماق العيون المنطلقة إلى شرفات الرحيل وهجر طويل ، لعليَ في الأرض المحرمة سيكون خلاصي من الهيام …
أنا من سمو حروبي لملمت الجراح .. أسير وأنا ألامس أقدامي من الذبول ومن غرز المسامير ، أيُّ ولعٍ يدفع الماء إلى المسيل غيرَ جزع الأرض من الموت المستديم بعد شتاتْ ، لعل حربنا مفتاح تهويد الفرات لأنّي غريق على شاطئيه أفرٌّ من وخز الضياع لأرنو إليه , جراحاتي .. حروب ذليلة .. وبساتين هجرتها العصافير الصغيرة والأقاحي والأزهار… بساتين تعبتْ ..ذبلتْ من تعب السنين ، أمضي إلى اشتياق العندليب والصحاري بعيدة النهايات ومازال الضياء في خفوتٍ دائم ، وليلُ الفقراء مدلـَّهم … القحط مثل بندولٍ أزلي في رواح ومجيء ، مازالتِ الطرق ضيقة ، الفقر لم تتبدّل منه سوى ألوانِه .
عادوا يحملون شعاراتِهم على أكتافهم .. لحلِّ النزاعات فقد بدّدوا الأحلام .. كانت لنا أحلام .. سرقوها في وضح النهار المنهار نحن فقراء أرضنا الغنية …
أنا في الدنيا بساط للعبور ، ومفرش للمبيت ، أسحبُ صمتَ الدروب من لفافةٍ مقاتلة ، ففي جعبتي سهام منها للقتل .. ومنها لفكِّ أسار النهار ؛ ليعشق الأطفال .. صوتُ الناي ؛ ليوقظ العصافير من سباتها الطويل ، تلك هي الأحلام ، يقظة أم منسية ، وصدفة أحس بنحري يستجيب لسكين الوطن ولم يكن .. دمٌ ، بل كان هناك أمل وصورة شمسٍ تحاكي السماء ..