دراسة بحثية تكشف .. الجانب المظلم في عالم الـ”إنفلونسرز” وكيف يستدرجون متابعيهم ؟

دراسة بحثية تكشف .. الجانب المظلم في عالم الـ”إنفلونسرز” وكيف يستدرجون متابعيهم ؟

وكالات – كتابات :

كيف تتشكل العلاقة بين “الإنفلونسرز”؛ أو من يُعرفوا: بـ”المؤثرين”، من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي وبين متابعيهم ؟.. ومتى تتطور الحالة إلى مستوى إشكالي على الصعيد النفسي والحياتي ؟.. هذا ما يتناوله البحث الجديد الذي قدّمه الأستاذ في كلية الحاسبات ونظم المعلومات في جامعة “ملبورن”؛ “أوفير توريل”، والأستاذة في كلية “لازاريديس” للأعمال والاقتصاد في جامعة “ويلفريد”؛ “لورييه فانغ وانغ”، و”سميرة فريفار”؛ الأستاذة المساعدة في مجال نظم المعلومات بجامعة “كارلتون”. يلخص الباحثون الثلاثة نتائج عملهم في مقالٍ مشترك لهم ضمن موقع (ذا كونفرزيشن)؛ وما تعنيه نتائج هذا البحث الجديد من نوعه في المجال.

فرط المتابعة وأسبابها..

هل تتابع مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي ؟.. هل تتابع ما ينشرونه دائمًا ؟.. هل تمضي الكثير من الوقت في متابعة أخبارهم أو يدفعك دائمًا شيء ما لتصفح الجديد في حساباتهم ؟.. ماذا لو حصل شيء ما ولم تستطع متابعة الجديد لفترةٍ معينة، هل تشعر أنك مغيّب أو تشعر بالضياع ؟.. إن كانت إجاباتك نعم لكل هذه الأسئلة، فقد يعني ذلك أنك تمرّ بالحالة المُسمّاة: بـ”التفاعل الإشكالي” مع مشاهير وسائل التواصل؛ وفقًا للمقال.

لا يعني هذا بأن تنحو إلى لوم نفسك كثيرًا، فالكثيرون بيننا إنجرفوا مع ظاهرة “المؤثرين” المُشتتة والمبهرة. ولا تأتي هذه النتيجة بشكل عفويّ، بل تُعزى لقائمة الأفعال والتكتيكات التي يوظّفها مؤثرو وسائل التواصل الاجتماعي بحرفيّة، ليبقوا ضمن دائرة الضوء وجذب الاهتمام دائمًا، أشياء من قبيل البثّ المباشر واستطلاعات الرأي على الـ (إنستغرام).

مع التذكير بخبرتهم في وسائل التواصل وسلوك المستخدم، يتطرّق الباحثون لمساهمتهم في نشر ورقة بحثية حديثة تتناول: “التفاعل الإشكالي” للمتابعين مع مؤثري وسائل التواصل، ليكون أول بحثٍ يدرس جوانب ظاهرة التأثير على وسائل التواصل الاجتماعي التي قد تؤدّي بظهور هذه الحالة لدى المتابعين.

لهذا النوع من البحوث أهمية خاصة ترتبط بحجم الإيرادات المادية الهائلة لظاهرة التأثير والمتابعة على وسائل التواصل الاجتماعي، فهي صناعة تُعادل: 13.8 مليار دولار؛ وفقًا لآخر الإحصائيات التي يوردها المقال.

ماذا لو كان لديّ “تفاعل إشكاليّ” ؟

في عصر وسائل التواصل الاجتماعي يعرف أغلب الناس بعض الأشخاص “المؤثرين”، أو يتابعونهم. يُعرف “المؤثّرون”؛ (influencers)، بأنهم مستخدمون لهم عدد هائل من المتابعين، واكتسبوا مصداقية معينة.

يحظى “المؤثرون” بمتابعين من اهتماماتٍ متعددة، فقد يكون لديك ميل نحو الموضة، أو اهتمامات بالصحة، واللياقة، أيًّا ما كان، توجد قائمة من “المؤثرين” تنتظر متابعتك. ووفقًا للكتّاب، عادةً ما ينجذب المتابع لـ”المؤثّرين” بسبب أصالة محتواهم الإبداعي.

لكن قليلًا ما يُلقى الضوء على الجانب المظلم لظاهرة التأثير تلك، والذي يوجزه المقال على الشكل التالي: يكون الشخص “المؤثّر” غالبًا متحفّزًا أو مدفوعًا باستمرار لزيادة تأثيره على وسائل التواصل؛ (قد يكون التحفيز ذاتيًا أو لإبرامهم اتفاقيات لترويج منتجات وماركات تجارية)، ومع الزمن يُصبح “المؤثرون” أبرع وأقوى حيلةً بجذب المتابعين وتحفيز تفاعلهم المستمرّ.

في المقابل؛ يسهل على المتابعين أن يطوّروا تعلّقًا أو هوسًا بـ”المؤثرين” حتى، وغالبًا ما يتطور هذا الارتباط (أو التفاعل) ليغدو متطرّفًا وغير صحّي. ويُشير الكتّاب إلى شيوع حالة “التفاعل الإشكالي” مع “المؤثرين” بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، لكن ما تزال هذه الحالة غير مفهومة تمامًا أو معروفة على نطاقٍ جيد.

آلية البحث..

يشرح الباحثون المنهجية التي اعتمدوها في ورقتهم البحثية الأخيرة. درس الباحثون العوامل والآليات التي تؤدي لحالة “التفاعل الإشكالي”، مركزين على ثلاث سمات رئيسة عند “المؤثرين”: (الجاذبية الجسدية، الجاذبية الاجتماعية، حضور الذات)، وسمتين رئيستين لدى المتابعين: (شمولية المشاركة، ومدة المتابعة)، وذلك لاستكشاف تأثيراتهم على تطوّر حالة “التفاعل الإشكالي” مع تشكّل التعلق لدى المتابعين.

واستند الباحثون إلى نظرية التعلّق المشهورة في مجال علم النفس، ليدرسوا نوعين من التعلّق: “العلاقات شبه الاجتماعية” و”الإحساس بالانتماء”، وهما مفتاحان رئيسان لظاهرة التأثير في وسائل التواصل الاجتماعي. وتعني “العلاقة شبه الاجتماعية” اختبار المتابع لعلاقة أحادية الجانب مع المؤثر، ويعني “الإحساس بالانتماء” شعور المتابع بأنه عضو أساس في مجتمع المؤثر.

أجرى الباحثون استطلاعًا على الإنترنت: لـ 500 مستخدم (إنستغرام). وأظهرت النتائج أنه عندما يبدأ تعلق المستخدم بالتطوّر من الجهتين: مع “المؤثرين”؛ (عبر العلاقات شبه الاجتماعية)، ومع مجتمعات “المؤثرين”؛ (الإحساس بالانتماء)، قد يؤدي ذلك للوصول إلى حالة “التفاعل الإشكاليّ”.

ووجد الباحثون أن الجاذبية الاجتماعية للمؤثر هي السمة الأقوى والأبلغ في بناء التعلق لدى المتابعين مقابل السمات الأخرى المذكورة سابقًا. وبحسب النتائج أيضًا فإن متابعة العديد من “المؤثرين” قد تُخفف من تأثير التعلّق بمجتمع “المؤثرين”؛ (الإحساس بالانتماء)، لكن ليس من تأثير التعلّق بالمؤثر نفسه؛ (العلاقات شبه الاجتماعية).

ماذا يعني ذلك لـ”المؤثرين” والمتابعين ؟

يُحذّر الباحثون في دراستهم من حالة “التفاعل الإشكالي”؛ التي تنشأ عند مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.

فوفقًا لما أظهرته النتائج، يرى الباحثون أن انجذاب المتابعين لمؤثري وسائل التواصل قد يتطور ليُصبحوا أكثر تعلّقًا مع احتمالِ الدخول في سلوك التفاعل المفرط. على المتابعين الانتباه لسلوكياتهم ومراقبة أنفسهم وتطبيق قواعدهم الخاصة لتنظيم مستوى التفاعل لديهم مع “المؤثرين” المختلفين.

يذكر الباحثون مثالًا “شمولية المشاركة”، والتي تتضمن أسباب المتابعة ومدى مشاركة المتابع؛ (بما في ذلك مشاهدة الفيديوهات والإعجاب والتعليق ومشاركة المنشورات وما إلى ذلك). قد تؤدي شمولية المشاركة لتطور التعلّق عند المتابعة، لكن يمكن تفادي ذلك عبر تنظيم المتابع للأمر بوعي. ومن الطرق التي يقترحها الباحثون هنا الأدوات والتطبيقات المتخصصة بضبط الحدّ اليومي لاستخدام (إنستغرام) وغيره، أو التحكم بإشعارات التطبيقات، أو إيقافها تمامًا.

يُحمّل الباحثون “المؤثرين” مسؤوليةً في هذه العلاقة أيضًا. صحيح أن هدف “المؤثّرين” ينصبّ عادة على زيادة ارتباط المتابع وتفاعله، لكن يعتقد الباحثون أن على “المؤثرين” مسؤولية الوعي بـ”التفاعل الإشكالي” وأخطاره على متابعيهم، وأنه بالإمكان التركيز على إنشاء علاقات صحية أفضل مع المتابعين.

يقترح الباحثون مثلًا أن يتحدّث “المؤثرون” عن هذه الحالة ومخاطرها بصورةٍ علنيّة وأن يظهروا اهتمامًا أكبر بصحة متابعيهم؛ لأن هذا سيُساعد بالمحصّلة في استمرارية هذه العلاقة الخاصة بين المؤثر ومتابعه. ووفقًا لما يورده المقال أظهرت الدراسات أن مستخدمي وسائل التواصل الذين يمليون لتطوير حالة “التفاعل الإشكالي” غالبًا ما يصل بهم الحال إلى التوقف عن استعمال الوسائل تلك بعد فترة.

في الختام؛ ينوّه الباحثون إلى حاجتنا للمزيد من الأبحاث حول الجانب المظلم لظاهرة التأثير على وسائل التواصل الاجتماعي، ويدعو الباحثون لأن تُركّز الأبحاث المستقبلية على الآثار السلبية الأخرى لهذه الظاهرة، بما في ذلك القلق، والاكتئاب، وتأثير متابعة “المؤثرين” على صحة وسلامة المتابعين.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة