18 ديسمبر، 2024 10:58 م

العراق…الإطار التنسيقي واللعب مع البَعابِعُ (1)

العراق…الإطار التنسيقي واللعب مع البَعابِعُ (1)

التردد والهروب إلى الأمام والخوف من القادم والماكنة الإعلامية التي تنهق ليلا ونهارا لتعزيز وتريرة الخوف والتردد جعل ساسة الإطار يحيطون نفسهم بحاجز جداري صلد من الصعوبه عليهم إختراقه، إذا بقي هذا الشعور يهيمن عليهم.  

كل ذلك لم يكن وليدة اللحظة إنما نتيجة تراكمات سلسلة متتالية من الفشل على مدى عقدين من الزمن جعل منهم أي الطبة السياسية في الإطار حبيسي هذا الفشل وخلق منهم ساسة مترددين في كل شيء وليس لديهم القدرة على إنتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب….

وكان هذا واضحا ايضا طيلة الفترة التي تلت الإنتخابات وعلى مساحة زمنية امتدت لثمانية أشهر عقد ساسة الإطار خلالها عشرات الإجتماعات وأصدروا البيانات تلو البيانات فيها من التنظير الشيء الكثير ولكنها فارغة المحتوى.  

هل أحد يصدق مثلا إن الإطار التنسيقي وعلى مدى ثمانية أشهر يقدم نفسه على إنه الكتلة الأكبر وبعد كل هذه الإجتماعات المتكررة والتي يصرحون من خلالها عن أحقيتهم بمنصب رئاسة الوزراء…بعد كل هذه الإجتماعات والتنظيرات ليتضح بعد ذلك إنهم لم يتفقوا مجرد اتفاق أولي على أسم لتولي منصب رئاسة الوزراء وليس لديهم برنامج متفق عليه إتفاق أولي كمنهاج  وزاري  للمرحلة القادمة وعلى أقل تقدير رؤوس أقلام هذا البرنامج الذي يمثل رؤيتهم للمرحلة القادمة.

لكنهم وبعد “إنسحاب” التيار بصورة مفاجئة وخلو الساحة لهم بدأوا يفكرون بتسمية شخصية لتولي هذا المنصب…لكن هاجس الخوف من الفشل من جديد يخيم عليهم بالإضافة إنهم لا يوجد بينهم من يمكن وصفه برجل دولة قادر على تخطي المرحلة القادمة بنجاح، إنما موجود مجموعة من اللاهثين وراء المناصب وهم ليس أكثر من رجال سلطة سوف يكونوا السبب في تمزق وتشرذم الإطار لأن هدفهم كان مرحلي هو “إبعاد التيار” بأي طريقة وكان هذا هو السبب في التماسك الذي ظهر عليهم وعندما أعتقدوا إن “هدفهم تحقق” عادوا من جديد يبحثون عن منصب هنا أو هناك…

لكن هذه المرة يلاحظ عليهم حالة من الهلع غير المسبوقة وهذا واضح من خلال تصريحاتهم ومقابلاتهم المتلفزة…

الإطار التنسيقي بالحقيقة أحاط نفسه بمجموعة من البَعائِعُ التي هي في حقيقتها لا توجد على أرض الواقع لكن الإعلام نجح بتسويقها على إنها بَعابٍعُ حقيقية وترسخت في ذهنهم هذه البَعابٍعُ حتى اصبحت واقع حال يحركهم يمينا وشمالا، ويجب عليهم ان يتعاملوا معها أما لتحيدها أو إرضائها بأية طريقة…ويمكن تقسيم البَعابٍعُ الوهمية التي يخشى منها الإطار إلى،  بَعابٍعُ داخلية متمثلة ب 

بُعبُع التيار الصدري وبُعبُع الحزب الديمقراطي الكوردستاني، أما البَعابٍعُ الخارجية هي لبَعابٍعُ الإقليمية والبَعابٍعُ الدولية

وراح الإعلام المحلي والإقليمي يعزف على هذه البَعابٍعُ والإطار يرقص مصدقأ الكذبة الكبرى حتى إنه أحاط نفسه بمربع الخوف ووزع على أضلاع هذا المربع هذه البَعابٍعُ الوهمية ونسي الإطار أو كاد ينسى إنه الجهة القوية في تشكيلة مجلس النواب بعد “إنسحاب التيار” وهو الوحيد القادر على فرض المرشح الذي يرغب به دون الإلتفات لما يسوقه الإعلام من ضرورة أن يكون المرشح مقبول من هذا الطرف أو ذاك أو مقبول من هذه الدول صاحبة السيادة أو تلك الدولة وهذه الدول لا تلتفت إلى خارج حدودها عند تسمية القيادات الأولى فيها ولا تنتظر موافقة هذه الجهة أو تلك…الأشخاص لم يكونوا يوما ما هم الحَكٌم في العلاقات الدولية إنما سياسات الدولة الخارجية هي التي تحَكٌم هذه العلاقات، فالترويج في وسائل الإعلام إن شخص رئيس الوزراء يجب أن يحظى بمقبولية إقليمية أو دولية ترويج ساذج والأكثر سذاجة هو من يصدق هذا الترويج ويبني عليه موقف.  ولذلك ننصح ساسة الإطار التنسيقي عدم تقييد نفسه بأن يكون شخص رئيس الوزراء يحظى بمقبولية دولية فهذه إكذوبة يجب أن لا تنطلي عليهم. 

عندما يحرر الإطار نفسه من هذا القيد، يبقى عليه أن يحرر نفسه من قيد البَعابٍعُ الداخلية المتمثلة بالتيار الصدري والحزب الديمقراطي الكوردستاني وهذه البَعابٍعُ هي الأخرى أكذوبة كبرى وعلى الإطار عدم تصديق بإن التيار متربص لهم وسوف يحرك الشارع في أية لحظة…يجب ان يقتنع الإطار إن “انسحاب التيار” وقرار السيد مقتدى جاء عن قناعة تامة ناتجة عن إستحالة المضي قدما في مشروع التحالف الثلاثي بوجود الثلث المعطل فجاء “الإنسحاب” التكتيكي لفسح المجال من جديد للإطار إعادة التجربة.  

كما إن الترويج إن التيار إنتقل من المعارضة البرلمانية إلى ما يسمى بالمعارضة الشعبية من قبل البعض يصب في زيادة حلقة الخوف لدى الإطار إذا صدق هذا الإعلام الكاذب والمضلل مما سوف يؤثر على إنسيابية تشكيل الحكومة أو حتى لو تشكلت فإنها سوف تتشكل بشكل يشابه لحد كبير حكومات الفترات السابقة الفاشلة، لذلك على الإطار التحرر من بُعبُع التيار الصدري لإنه هو الآخر غير حقيقي، التيار الصدري سحب فقط تأثيره في قرارات السلطة التشريعية وهذا مهم لأنه فسح المجال لإنسيابية تشكيل الحكومة الجديدة، لكنه لم ينسحب من العملية السياسية وهو غير ناوي العودة إلى التأثير على قرارات السلطة التشريعية وحتى لو نوى ذلك فإنه لا يستطيع فعجلة القطار قد تحركت وصعد على متن القطار ركاب جدد وليس في نيتهم النزول في هذه المرحلة. 

كما إن التيار ليس في حساباته تحريك الشارع على الأقل في المرحلة القادمة وايضا هو رافض المشاركة بأي منصب تنفيذي ظاهريا لكي لا يتحمل أية مسؤولية عن خط سير الحكومة لكنه في حقيقة الأمر هو متجذر في السلطة التنفيذية ويستطيع التحكم في هذه السلطة عن طريق هذا التجذر وهذا هو الذي يمثل الخطر الحقيقي على أداء اية حكومة جديده ويجب على الإطار الأنتباه له ومحاولة معالجته عند تشكيل الحكومة لكي تتهيأ لهذه الحكومة أسباب النجاح.  

أما بالنسبة إلى بُعبُع الحزب الديمقراطي الكوردستاني فهو الآخر غير حقيقي، فالسيد مسعود يعلم جيدا إن الحزب بعد إنسحاب التيار من السلطة التشريعية فموقفه أصبح ضعيفا جدا، ضعيف إلى درجة كبيرة وهو غير قادر على فرض أي شرط على الإطار أو إجباره على تقديم أية تنازلات لأن ساحة لعب الحزب الديمقراطي الكوردستاني هو السلطة التشريعية وهو لاعب ضعيف إذا كان وحدة وكان التيار يمثل له الظهير القوي في ساحة مجلس النواب يستطيع من خلال هذا الظهير أن يحقق الاهداف التي يريدها وبدون خسائر، لذلك ما يشاع عن إن البارتي قدم قائمة طويلة عريضة بالمطالب لكي يوافق على التحالف مع الإطار فإن ذلك حتى لو كان صحيحا لكنه قُدم من موقع ضعف وليس من موقع قوة وسوف يتنازل عنها تباعا إذا أصر الإطار على موقفه…

من هذا يتبين إن الإطار يعيش حالة من حالات الإزدواجية في فهم الساحة السياسية العراقية الآن ومن هنا نجد إن الإطار لحد كتابة هذه السطور لا يستطيع توظيف عناصر القوة المتوفرة لديه من أجل المضي قدما في تصدر المرحلة القادمة…وربما يتساءل سائل عندما يجتمع ساسة الإطار التنسيقي، ماذا يناقشون؟

 

يتبع في الجزء الثاني