العمامة لها رمزية خاصة لدى المسلمين وشكل كل عمة لها رمزيتها لديانة او طائفة معينة ، والعمامة عند المسلمين رمزيتها الى رسول الله صلى الله عليه واله وتمثل التفقه بالاسلام وكل ما له علاقة بالدين الاسلامي .
اخذت مداها العمامة في العراق من حيث النظرة التقديسية لاسيما من عوام الناس وحديثنا ليس عن من اساء لبسها فهذا امر لا يمكن السيطرة عليه ، لان العمامة ليس لها مؤسسة ذات نظام رقابي يحاسب من يلبسها او يسيء استخدامها بخلاف مثلا الرتبة العسكرية ، والمشكلة ان المجتمع لا يتعامل مع المعمم المزيف بل يقوم بشمل كل المعممين بالراي السلبي وهنا تكمن المشكلة الحقيقية .
حتى يكون حديثنا سليم ومقبول انقل لكم هذه القصة للسيد ابي الحسن الاصفهاني قدس سره ( 1277ـ 1365) نقلا من كتاب خلق الاعلام للاستاذ محمد جواد البستاني حيث يقول : كان السيد معتاد على اخذ قيلولة قبل الظهر وفي احد الايام دخل عليه احد المقربين منه ليعلمه ان هنالك عالم يريد مقابلته ، فنهض السيد وارتدى العباءة والعمامة ووقف مستقبلا العالم وبعد التحية والعناق سال السيد العالم من اي بلاد سماحتكم ؟ قال : من نفس بلدكم اي اصفهان ، قال السيد هل سماحتكم مجتهد او مدرس في الحوزة ؟ قال : لا ، ثم ساله السيد لكي يعلم درجته العلمية : هل جنابكم واعظ او خطيب ؟ قال : لا ، ساله السيد هل سماحتكم امام جماعة ؟ قال : لا ، فساله السيد ممكن اعرف ماهي مهامكم او اشتغالكم ؟ قال : شغلي يوم واحد في السنة وهو اليوم العاشر من محرم بعد الظهر واثناء تمثيل المقتل اقوم انا بالنوم على الارض ممثلا دور ابي عبد الله الحسين عليه السلام وهو مسجى على الارض فينظرون الناس الي ويبكون ومن ثم يتبرعون لي بالاموال اكراما لسيد الشهداء عليه السلام ، قال له السيد : هذا عملك فقط ؟ قال نعم .
فما كان من السيد الا خلع عمامته وعباءته واتكأ على الوساد ومد رجله الى الامام ، وعندما ساله من معه عن هذا الموقف قال هذا عمله لا يخدم الاسلام والمسلمين
وانا اسال كم واحد على شاكلة هذا الممثل يرتدي العمامة فهذا يرتدي السوداء لكي يقول انا سيد وهو صفر بالدين وذلك يرتديها لان اباه رجل دين وهو صفر بالدين وثالث يرتديها لكي يقول انا خطيب وهو بائع كلام ، لاحظوا ان السيد لم يسال الرجل هل انت طالب علم ؟ لان طالب العلم بعد اجتياز مراحل الدراسة ويراه الاستاذ مؤهلا للبس العمامة يقوم هو بوضع العمامة على راس الطالب .
هذا جانب من الجوانب التي جلب الكلام السيء للعمامة ، هنالك ظاهرة اخرى هي الاخرى بحاجة الى وقفة ولكن لابدأ بقصة ، السيد حسن المدرس احد رواد الاصلاح في بداية القرن الرابع عشر الهجري ( 1287ـ 1356) كان غير ميسور الحال فكان يستغل ايام التعطيل ليعمل عامل بناء وصادف انه كلف بهدم جدار بستان واثناء عمله جاءه رجل متبختر بمشيته متكبر بكلامه وبعد السلام قال للسيد توقف عن هدم الجدار قال له السيد اسف لا اتوقف ، فقال له الرجل بعصبية اقل لك توقف ، قال له السيد ومن تكون انت حتى تقول لي توقف ، قال : انا صاحب البستان ، قال هات بينة بذلك فان الذي كلفني بالهدم لست انت وعاود السيد بالهدم فانسحب الرجل بغضب وارسل احد خدمه طالبا منه جلب السيد فاتوا الى السيد واحضروه عند الرجل وهنا بدا يفكر الرجل فقال للسيد ، لقد فكرت بكلامك وانا اجزم انت لست عامل بناء ماذا تشتغل انت ؟ كانت بيد السيد لفافة كبيرة فتحها واخرج منها جبته وعمامته السوداء وارتداهما فقال انا رجل دين بسبب ضيق الحال استثمر العطلة بالعمل ، فامر الرجل احد تجار اصفهان بتخصيص راتب شهري للسيد ، وبقي ان تعرفوا ان الرجل هو محمد رضا خان امر لواء جيش القاجارية في اصفهان في حينها .
انتهت القصة وهنا اقول هل التفتم الى شيء مهم في القصة ؟ نعم الشيء المهم ان السيد لم يضع العمامة عل راسه وهو يشتغل بالهدم لكي يقول انا رجل دين واشتغل ، على عكس اليوم ما نراه فان الكثير منهم يتعمد لبس العمامة وهو يمارس اعمال حياتية لا علاقة لها بالدين ، فالعمامة توضع على راس استاذ في الحوزة او الخطيب او امام الجماعة او القاضي او او الكاتب بشؤون الاسلام ، وغير ذلك اعتقد انها تتعرض لانتقاد سواء كان بحق او باطل فيجب تجنيب العمامة هكذا مواقف .